أساس ميديا
بعد ثلاثة أيّام من تفجير خطَّيْ “نورد ستريم 1 و2” أفادت شبكة “سي إن إن” الإخبارية بأنّ مسؤولي الأمن الأوروبيين لاحظوا وجود سفن تابعة للبحرية الروسية بالقرب من الخطّين خلال يومَيْ الإثنين والثلاثاء الماضيين، وفقاً لمسؤولين استخباراتيين غربيين ومصدر آخر مطّلع رفضوا الكشف عن أسمائهم، فيما ترتفع المخاوف من إحداث فوضى من خلال قطع كابلات البيانات البحرية.
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين إنّ الولايات المتحدة ليس لديها تفسير شامل حتى الآن لِما حدث بعد أيام من الانفجارات في خطَّي الأنابيب الإثنين الماضي.
وأفاد أحد مسؤولي المخابرات بأنّ غوّاصات روسيّة رُصدت على مقربة من تلك المناطق الأسبوع الماضي، بحسب “سي إن إن”.
وكان الأنبوبان نقطة محورية في المواجهة الأوسع بين روسيا وأوروبا، بعد فرض الاتحاد الأوروبيّ عقوبات اقتصادية على موسكو لمعاقبتها على غزو أوكرانيا في شباط الماضي.
وقالت هذه المصادر التي تحدّثت من دون الكشف عن هويّتها، إنّه من غير الواضح هل كانت للسفن أيّ علاقة بالتسرّبات في خطَّي أنابيب الغاز، لكنّ وجود سفن البحرية الروسية سيكون أحد العوامل العديدة التي سيبحث فيها المحقّقون.
واشنطن حذّرت من هجمات تحت بحر البلطيق
وقعت ثلاثة تسرّبات منفصلة من خطَّي أنابيب “نورد ستريم 1 و2” المملوكين لروسيا، وتشتبه دول أوروبية بأنّها نتيجة “أعمال تخريبية متعمّدة”، بينما حذّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية منذ أسابيع من “هجمات محتملة تحت بحر البلطيق”.
من جهتها، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنّ تسرّب الغاز الذي رُصد في خطَّي أنابيب “نورد ستريم” هو نتيجة “فعل تخريبي”.
قبل ذلك أعلنت رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن أنّ تسرّب الغاز الذي حصل في خطَّي أنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 قرب جزيرة دنماركية ببحر البلطيق ناجم عن “عمل متعمّد” و”ليس حادثاً”.
هذا وتعمل السفن الروسية بشكل روتيني في المنطقة، وفقاً لمسؤول عسكري دنماركي، الذي أكّد أنّ وجود السفن لا يشير بالضرورة إلى أنّ روسيا تسبّبت في الانفجارات.
وخفضت روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر “نورد ستريم 1” قبل تعليق الإمدادات بالكامل في آب الماضي، ملقية باللوم على العقوبات الغربية التي تسبّبت بصعوبات فنّية، فيما يقول السياسيون الأوروبيون إنّ ذلك كان ذريعة لوقف إمدادات الغاز. في حين أنّ خطَّي “نورد ستريم”، اللذين يديرهما تحالف شركات تملك غازبروم الروسية الغالبيّة فيه، هما خارج الخدمة حالياً، لكنّ كلا الخطّين لا يزالان يحتويان على الغاز، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
روسيا “المشتبه به الرئيسيّ”
قال مسؤولان أميركيّان، أحدهما عسكري، بحسب شبكة “سي إن إن”، إنّ روسيا لا تزال المشتبه به الرئيسي لأنّه لا يوجد مشتبه به آخر معقول لديه القدرة والإرادة لتنفيذ العمليّة.
وتسبّبت التفجيرات في خطَّي أنابيب نورد ستريم 1 و2 الممتدّين من روسيا إلى ألمانيا بحدوث ثلاثة تسرّبات بعد سلسلة من الانفجارات الظاهرة قبالة جزيرة بورنهولم الدنماركية يوم الإثنين.
يرى محلّلون عسكريون أنّ التفجيرات التي استهدفت أنابيب الغاز في بحر البلطيق تؤكّد قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إحداث المزيد من الخراب والفوضى، وذلك في حال كانت موسكو تقف وراء تلك الأعمال التخريبية الخطيرة، بحسب صحيفة “التايمز” البريطانية.
إلى ذلك قال مسؤول في الهيئة السويدية لوكالة فرانس برس: “هناك تسرّب من موقعين في الجانب السويدي وتسرّب من موقعين في الجانب الدنماركي”، مشيراً إلى أنّ التسرّبين في الجانب السويدي حصلا “على مقربة من بعضهما”.
وكانت سلطات البلدين أفادت حتى الآن عن تسرّب من موقع واحد في الجانب السويدي ومن موقعين في الجانب الدنماركي.
ولم يتمكّن خفر السواحل السويديّون على الفور من تحديد سبب تأخّر الإبلاغ عن التسرّب الجديد، لكنّهم أشاروا إلى أنّ التسرّبين في الجانب السويدي حصلا في المنطقة نفسها.
وقال المسؤول في خفر السواحل إنّ “المسافة هي مسألة غير موضوعية، لكن (التسرّبين حدثا) على مقربة من بعضهما”.
تحذيرات وتكهّنات
حذّر رئيس وكالة الطاقة الدنماركية كريستوفر بوتزاو من أنّ التسرّبات التي تضخّ كميّات هائلة من الغاز الطبيعي في بحر البلطيق قد تؤدّي إلى تفريغ ما يعادل ثلث انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في بلاده.
وتشكّك الخبراء في إمكان أوروبا أن تمنع أو حتى تكتشف مثل هذه الهجمات في الوقت المناسب، ولا سيّما تلك التي تحدث في البحر.
وقال الباحث في أنظمة الطاقة في جامعة لييج ببلجيكا البروفسور داميان إرنست: “بنيتنا التحتية ليست محميّة بشكل جيّد، ومن الصعب جدّاً توفيرها على مدى آلاف الكيلومترات”.
وأضاف: “إذا انقطعت إمدادات الغاز من النرويج إلى أوروبا، فسنشهد ركوداً رهيباً، ولن نكون قادرين حتى على تدفئة أنفسنا وإنتاج الكهرباء”.
من جانبه، أوضح بريان كلارك، المخطّط الاستراتيجي السابق في البحرية الأميركية، وهو الآن زميل أول بمعهد هدسون للأبحاث في واشنطن، أنّ المراقبة تحت الماء في بحر البلطيق وبحر الشمال كانت غير مكتملة، مشيراً إلى أنّه كان بالإمكان رصد غوّاصات التخريب الروسية المصمّمة لهذا الغرض.
من جانبهم، أوضح محلّلون عسكريون أنّ الكرملين يمكن أن يُحدِث فوضى بسهولة من خلال قطع كابلات البيانات البحرية أو تدمير خطّ أنابيب آخر، فيما أشار مصدر دفاعي بريطاني إلى أنّ التخريب “المتعمّد” ربّما تمّ تنفيذه بواسطة طائرات بدون طيّار تحت الماء كانت قد زرعت المتفجّرات قبل أسابيع.
ويمكن أن تشمل الأهداف المستقبلية الكابلات التي تحمل معلومات ماليّة حسّاسة عبر المحيط الأطلسي، وبالتالي المخاطرة بانهيار البورصات، أو استهداف الكابلات التي توفّر الوصول إلى الإنترنت لمناطق كبيرة في أوروبا.