خبراء روس يجيبون.. ما الذي خسرته أوكرانيا وكسبته روسيا بعد إعلان نتائج الاستفتاء؟
ومع تحوّل هذه المناطق إلى وضع جيوسياسي جديد، يتوقع مراقبون روس أن تؤدي نتائج الاستفتاءات وعمليات انضمام مناطق جديدة إلى روسيا لإعادة النظر في الإستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، لتأخذ بعين الاعتبار الوضع الديمغرافي الجديد، ودخول مجموعات سكانية ومناطق مختلفة إلى الجغرافيا الروسية.
في كل الأحوال، لم يبقَ إلا الجانب البروتوكولي للإعلان عن دخول روسيا مرحلة جيوسياسية جديدة. فبعد انضمام هذه المناطق، ستدخل البلاد في واقع اقتصادي جديد جذريا، وبحجم سكاني مختلف، وبالتالي فإن المستفيدين من مساعدات الميزانية العامة سيزيدون، وستبرز الحاجة إلى إعادة الإعمار وإصلاح البنى التحتية، فضلًا عن دعم الصناعات والمؤسسات، وتطوير مجالات الرعاية الصحية والتعليم والمعاشات التقاعدية.
صوّت 99.2% من الذين شاركوا في الاستفتاء لصالح انضمام إقليم دونيتسك إلى روسيا، و98.4% مع انضمام لوغانسك، وأيّد ذلك 87.5% في منطقة خيرسون، و93.1% في زاباروجيا.
وعلى الرغم من قصف القوات الأوكرانية، فقد بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء ببعض المناطق حوالي 100%. ويفسّر مدير مركز التنبؤ السياسي دينيس كركودينوف هذه النسب العالية، بأن كل شخص غير راضٍ عن السلطات الروسية غادر تلك المناطق حتى قبل بدء العملية الخاصة، وهذا أقل بقليل من ثلث سكان المناطق، بينما أراد الباقون أن يكونوا جزءًا من روسيا.
بعد تسوية الإجراءات القانونية لمرحلة ما بعد الاستفتاء، تكون أوكرانيا قد فقدت نحو 20% من أراضيها واقتصادها وعدد سكانها.
ويتابع أنه خلال الحقبة السوفياتية، تم إنشاء صناعات قوية في لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون، على وجه الخصوص في مجال الصناعة والتعدين، وهو ما شكل أساس الاقتصاد الأوكراني.
ويستشهد الخبير الروسي ببيانات دائرة الإحصاء الحكومية في أوكرانيا نهاية عام 2020، والتي تشير إلى أن مساهمة اقتصاد زاباروجيا -على سبيل المثال- في الناتج الإقليمي الإجمالي للبلاد تبلغ 4%، ومنطقة خيرسون تبلغ 1.6%.
أما قبل إعلان الانفصال في 2014، فكانت مساهمة إقليم دونيتسك في اقتصاد أوكرانيا 10.8%، و3.6% في لوغانسك، من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا.
وبالمناسبة، فإن منطقة خيرسون هي المورد الرئيس للحبوب، ليس فقط داخل أوكرانيا، بل لأوروبا أيضًا، كما توجد فيها شركات للصناعات الكيميائية الرئيسية وأهم شركات التعدين.
يرى المحلل السياسي فاليري كوروفين أن روسيا -بالدرجة الأولى- تمكنت من “استعادة العدالة التاريخية”، مضيفًا أن أراضي “نوفوروسيا” (مصطلح تاريخي للإمبراطورية الروسية يشير إلى إقليم شمال البحر الأسود ويضم أجزاءً من أوكرانيا) كانت دائما تشكل جزءا من روسيا منذ العصور الإمبراطورية، وتم “شطبها” وضمها إلى أوكرانيا من قبل ميخائيل غورباتشوف، أول رئيس لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، عام 1991.
بعد الاستفتاء، ستزداد مساحة روسيا بنسبة 0.6%؛ أي 108.840 كيلومترا مربعا. وللمقارنة، تشكل مساحة المناطق الأربع مجتمعة ما يعادل مساحة بلغاريا تقريبا.
ما الذي يتنظر سكان المناطق المنضمة؟
بحسب كاروفين، سيؤدي انضمام مناطق جديدة إلى زيادة حجم مسؤوليات الدولة تجاه السكان. ومن هنا، ستركز السلطات أولا على القضايا الاجتماعية وإعادة تنظيم الحياة الاقتصادية، كما سيتم نقل الشركات والمصانع من هناك لتصبح تحت الولاية القضائية الروسية، وسيتعين على سكان المناطق الجديدة الخضوع للتشريعات الروسية.
والأهم من كل ذلك -برأي المحلل- استعادة البنية التحتية المدمرة لتلك المناطق، فوفقًا لتقديرات رؤساء تلك المناطق الموالين لروسيا، سيتطلب ترميم كل منطقة نحو 2 تريليون روبل (حوالي 35 مليار دولار).
لم يُعلَن في روسيا حتى اللحظة عن مستقبل العملية العسكرية في أوكرانيا بعد المصادقة على انضمام المناطق الأربع إليها. ولكن وفقًا لسكرتير الكرملين ديمتري بيسكوف، فإنه “على أقل تقدير، يجب تحرير كامل أراضي جمهورية دونيتسك الشعبية”، كما قال إنه لا جواب لديه حول احتمال تغيير تسمية العملية العسكرية الخاصة وتبديلها لتصبح عملية لمكافحة الإرهاب، بعد انضمام المناطق الجديدة. (فهيم الصوراني، الجزيرة)