سناء الجاك-نداء الوطن
أعطى «حزب الله» الأمر المبرم بضرورة تشكيل حكومة تتولى مجتمعة شؤون لبنان في مرحلة شغور قصر بعبدا من رئيس للجمهورية. قرر أن لا لزوم لوجع الرأس مع الجدل الدستوري المتوقع حصوله، إذا ما حلَّ 31 تشرين الأول من دون ملء الشغور.
وبالطبع، انتبه، حينها، الرئيس ميقاتي أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها الحلول محل حكومة أصيلة تعتبر من الثوابت، وتحول دون الفوضى الدستورية المرتقبة مع كل التحفظات التي يتمسك بها الرئيس القوي وصهره الأقوى. وبالطبع لبى نداء الواجب، وأبدى كل النوايا الحسنة ليتدارك الخطأ الناجم عن أمية دستورية غير متعمدة، كما أطلق وعده الشهير بأنه في «المشوار الجاي، لو بدي ضل نام هون مش رح فل إلا ما تتشكل حكومة»… شاكراً سعي الحزب لتصويب الخطأ حتى لا تقع البلاد في المحظور.
لم يحسب ميقاتي أن طريق بعبدا، وبعد وعده هذا، أصبحت وعرة أكثر مما كانت عليه. وليس «مشواراً» الوصول إليها ليبقى ولا يفلّ ويحقق إنجازاً تاريخياً وينجح بتشكيل حكومة تحظى بتوقيع رئيس الجمهورية ميشال عون.
فقد اكتشف أن العراقيل التي ذلّلت قبل سفره، عادت وانتعشت واستوجبت جولات مكوكية على ما يبدو، يقوم بها بكل همة ونشاط المعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين خليل، بين الأفرقاء الذين تتعقد شروطهم أكثر فأكثر.
بالتالي، وحتى تنجح عملية تقريب وجهات النظر لن يتمكن ميقاتي من الوفاء بوعده.
ليته لم يتسرع ويَعِد.
فالظاهر أن هذا الوعد هو ما أجفل الصهر الأقوى من الرئيس القوي. لذا انبرى متصدّياً له، ومعتبراً أن المسألة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وإعلان رئيس حكومة مكلف من الطائفة السنية الكريمة نيته النوم في قصر بعبدا، له أبعاده المبطنة لتهميش مقام رئاسة الجهورية، وهو يشكل انتهاكاً وتعدياً صارخين على حقوق المسيحيين. لذا رفع سقف المطالب التعجيزية حتى يحمي هذه الحقوق.
وبذا يؤسس الصهر الأقوى مدماكاً يبنى عليه في المرحلة المقبلة، سواء تشكلت حكومة أم لم تتشكل، وسواء استمرت الأزمة بخنق المزيد من اللبنانيين أم لم تفعل… وسواء تأرجح سعر صرف الدولار وخرب المزيد من البيوت أو بقي على حاله. المهم الثبات في المواقف المبدئية، حتى لو قامت القيامة.
لكن ماذا عن الحزب؟؟ وماذا عن تصريحات مسؤوليه الذين يصرّون على تبشيرنا بحكومة كاملة الأوصاف والمواصفات خلال أيام؟
يبدو أن الأجوبة غير متوفرة. المهم أن تنجح خطة الصهر الأقوى ويحصل على مراده.
وربما يستطيع ذلك ما دام يلبي دفتر شروط الحزب المتحفظ حالياً عن اختيار رئيس للجمهورية، ما دامت الرؤية متعذرة للتطورات الإقليمية والدولية، وما دامت قوة التعطيل ضرورة في مثل هذه الظروف الملتبسة.
ويستطيع أكثر من ذلك، لا أحد سيحاسبه أو يحاسب غيره.
ولا شيء يمنعه من الاستثمار في الانتهاكات التي لا تخطر في البال بحجة حماية المسيحيين، ولا بأس باستخدام وسائل لا علاقة لها بثوابت اتفاق الطائف والدستور والعيش المشترك، ولا علاقة لها بمصلحة اللبنانيين… المهم أن تتعثر ولادة «المشوار الجاي»… وأن لا ينام ميقاتي في القصر. والأحسن أن يفلّ كما فلَّ غيره.
ولم لا؟؟ فكل شيء ممكن في بلد نسف المتحكمون به كل المقاييس الدستورية لمصلحة المقاييس التي تتعلق فقط بتنفيذ الأجندة الإيرانية… والصهر الأقوى جدير ببذل جهود أكبر تلبي المطلوب.