نعم ما يجري الان في ايران .. ” مؤامرة ” ..
القول بأن الاحداث الجارية في ايران حالياً تدخل في سياق مؤامرة على هذا البلد ، قد يأخذه البعض بأنه تبرير جاهز مسبقاً في مواجهة اي احتجاج شعبي ! لكن هل يمكن نفي وجود مؤامرة على النظام الاسلامي بطهران وهي حاضرة ودائمة منذ قيام الثورة ؟ فهل الحصار الامريكي والغربي والخليجي منذ اربعة عقود على هذا البلد شيء غير مؤامرة وعدوان ، وهل مطالبة هذه الدول كل هذه المدة باسقاط النظام الايراني والتحريض المستمر باعلام هذه الدول ومن خلال حكوماتهم عليه واتهامه على الدوام بأنه يهدد استقرار المنطقة والعالم ، والقول عن حكم الاسلام فيه مناف للديمقراطية وحرية المعتقد والتعبير ومركزاً للتطرف الديني ، اليس كل ذلك يأتي بسياق العدوان عليه سياسيا واقتصاديا وعسكرياً وثقافياً هو مؤامرة ، هل هناك وصف اخر يطلق على ما تتعرض له الجمهورية الاسلامية غير التأمر !
وهو البلد المعرض دائماً لخطر التجويع والاخضاع عبر سياسة الحصار المتعدد عليه !
صحيح ان سياسة فرض الحجاب على شعب بجزء منه متنوع او بمعنى اخر غير ملتزم بعقيدة ومتعقد النظام الاسلامي في ايران ، هو امر يمكن فهمه ، شرط ان يكون هذا الفهم غير خاضع لازدواجية المعايير والانتقائية مع محيط الجمهورية الاسلامية ومع الغرب بشكل عام ؟ فهناك الحجاب مرفوض باشكال مختلفة والاعتقاد الاسلامي الملتزم هو ” ارهاب وتطرف ” والاعتداء على المقدسات والرموز الدينية حرية تعبير ، لكن هذا الغرب نفسه يؤيد ويدعم ويحمي بقوة التطرف الديني الصهيوني ويسوق لكل شيء مناف للطبيعة من المثليين الى التحول الجنسي وكل ما له صلة بطبيعة تكوين البشرية !
هو نفسه يعتبر مشهدية سلام يا مهدي تطرف وشيء غير مقبول بمعيار حريتهم وحقوق الانسان لديه ، بينما يشرع تظاهرات المثليين وطقوس عبدة الشيطان وكل ما له علاقة بالشذوذ الانساني والاخلاقي والثقافي !
مقتل مهسا أميني على يد شرطة الاخلاق امر مرفوض ولا يقبله عاقل ، لكن فعل أميني تبين دون ادنى شك انه شرارة تحرك وتحريض على زعزعة استقرار ايران ولم يكن صدفة لا بحادثة اميني ولا بعدها ، بل هو خيار رخيص خطط وحضر له مسبقاً ليلبس ثوب القمع الثقافي لا ثوب سياسي واقتصادي وعسكري فشل على مدى اربعة عقود ، فلطالما شهدت ايران انقسام سياسي واحتجاجات شعبية عنوانها اصلاحي ومحافظ وما كان يرجى من هذه الاحتجاجات سوى الضغط على الحكم بطهران ، وكان الدور الخارجي بتأجيج هذا الانقسام يعلم ان افق ذلك محدود ولن يصل لحدود قلب النظام وتقسيم ايران ..
ولطالما ايضاً سقط خيار الغرب والخليج باحداث فتنة طائفية عنوانها سني شيعي او كردي شيعي ؟ اما اليوم تم تعديل الاسلوب بهذا الخيار من باب قمع النظام الاسلامي او فرضه معتقده الديني على اعراق وطوائف اخرى من خلال فرض الحجاب الذي هو اساسا ً لا يتنافى مع معتقدات هذه الاعراق والطوائف وليس بأمر غريب عن دينهم !
ما يجري في ايران اليوم تخطى الساعات الاولى بعد وفاة اميني وردة الفعل الطبيعة عليه، ودخل سريعاً وبشكل منظم نحو مخطط مسبق بالمطالبة باسقاط نظام لن يسقط ولم تسقطه او تهزه اقوى واعتى دول المنطقة والعالم وبكل الخيارات التي استخدمتها من الحصار للعقوبات للحرب المباشرة وغير المباشرة الى التشويه والتضليل ..
وحقيقة ما يحدث الان هو وضع حجر اساس من قبل الغرب لادخال الجمهورية بمسار الحرب الاهلية العرقية والطائفية وصولاً الى هدف التقسيم الذي تسعى اليه امريكا وبعض الغرب بكل المنطقة وليس في ايران حصراً خدمة لوجود اسرائيل ولا شيء غير ودون ذلك ..
عباس المعلم / كاتب سياسي