على غير جبهة تقاتل أوكرانيا التي ورطتها الولايات المتحدة في حرب كانت أكثر المستفيدين لو بقيت دونها. فبعد الدمار التي لحق بالبنى التحتية لها، تعاني كييف بعد أكثر من 6 أشهر على بدء العملية العسكرية الروسية، من جملة من التحديات والمشاكل، لا يبدو انها ستنتهي قريباً.
يعتبر الاقتصاد والطاقة والأمن الاجتماعي إحدى اهم الهواجس التي تقف في وجه الرئيس الاوكراني، فلاديمير زيلينسكي، على بعد فترة وجيزة من بدء فصل الشتاء. اذ ان علامات الاستفهام العملاقة التي باتت ترتسم حول مسألة التدفئة أصبحت بتزايد مستمر، لتجعل الفترة الممتدة من شهر تشرين الأول/ أكتوبر إلى نيسان/ ابريل القادم ستكون الأشد صعوبة في تاريخ أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، ذكرت إدارة العاصمة كييف المواطنين إلى التأقلم مع درجات الحرارة الجديدة ونسيان الماضي الذي كانت فيه درجات الحرارة في البيوت تتجاوز 20 درجة. ويقول رئيس مؤسسة “الخيارات”، أوليكسي كوشيل، ان “الخريف قد يكون فترة حاسمة بالحرب، وقصف المنشآت المعنية بتأمين التدفئة والماء الساخن سيكون له الأثر الكبير”.
إضافة لذلك فإن مخاطر أخرى تحيط بإمدادات الطاقة الكهربائية التي تمثل تحدياً ايضاً، ويقول خبراء ان أوكرانيا قد خسرت محطة سلافيانسك في دونيتسك، وخسارة منشآت آخرى هو امر وارد، وقد يسبب انتقال الاوكرانيين إلى استخدام الكهرباء للتدفئة فستكون البلاد امام عجز حتمي.
وبالنسبة لامدادات الغاز، فيقول رئيس مركز الاستراتيجية الاقتصادية، هليب فيشلينسكي: ” قبل الحرب “كنا نستهلك نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، منها 20 من مصادر محلية، والعشرة المتبقية مستوردة” مضيفا أن الحكومة تريد رفع الاحتياطيات المخزنة قبل الشتاء إلى 19 مليار متر مكعب، لكن هذا صعب نظرا لارتفاع الأسعار أمام العجز المالي، فأوكرانيا تحتاج إلى 3 مليارات دولار لشراء مليار متر مكعب، لذلك سيكون هناك نقص، والبلاد لن تستطيع تخزين أكثر من 15 مليار متر مكعب”. ويلفت خلال حديثه عن التحديات الجمة التي تواجهها أوكرانيا، التي لم تلق الدعم اللازم إلى الآن من مختلف الدول الأوروبية إضافة للولايات المتحدة، ان “الغاز يعتبر شريان حياة رئيسي للأوكرانيين، في مجال الصناعة المتعثرة والتدفئة، ووسائل النقل، إضافة إلى الاستخدام المنزلي. والحديث عن الإمدادات بالغاز وغيره من أنواع الوقود يقود إلى مخاوف من تجدد القصف على جبهات “البنى التحتية” وغيرها من اللوجستيات الخاصة بهذا القطاع، من محطات وخزانات وطرق ووسائل إمداد.
وتعاني كييف، من مشكلات اقتصادية تنذر بأزمة لن تنجح بتجاوزها لسنوات حتى لو تم الاتفاق قريبا على وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من تعويل زيلينكسي الكبير على المعسكر الغربي، إلا ان أكده غير مرة على ان الدعم لم يرق إلى المستوى المطلوب. اذ أعرب خلال مقابلة تلفزيونية أجراها أخيراً، أنه يسعر بالصدمة جراء عزوف إسرائيل عن تقديم الدعم العسكري الذي يتعلق بأنظمة الدفاع الجوي، بعد ان كان قد طلب ذلك منها صراحة. وهو الامر الذي اعتبره زيلينسكي بأنه تصرف “مخادع” من القادة في الكيان.
الكاتب: الخنادق