بعد ايام من «المزايدات»، اقّر المجلس النيابي على موازنة «التخدير الشعبوية» للناس، بعد تأخير لنحو 9 اشهر دون اصلاحات، ودون وجود ارقام صحيحة للواردات والنفقات، اقر الدولار الجمركي على 15 الفا دون اي تبرير مالي او اقتصادي، وهذا يعني ان «الانكماش» على «الابواب». اقرت زيادات للقطاع العام ثلاثة اضعاف دون اي توضيح حول كيفية تمويلها. وهذا يعني حكما طبع للعملة وزيادة للتضخم.

موازنة «لزوم ما لا يلزم» اقرت لارضاء «الشارع» باغلبية «هزيلة»، لانها افضل الامور سوءا باقرار من صوّت عليها من النواب. وفيما بشر وزير الطاقة وليد فياض اللبنانيين ب8 ساعات الى 10 ساعات تغذية اذا تم التفاهم مع الايرانيين والعراقيين على مسألة الفيول، يتقدم «تعويم» الحكومة مجددا كخيار بديل على عدم الاتفاق على التعديلات الوزارية المفترض ان تكون على بساط البحث اليوم في بعبدا بين الرئيس ميشال وعون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، فيما غاب الاستحقاق الرئاسي عن التداول العلني في ظل عملية تقييم للحراك السعودي الذي يبقى دون «خطة» واضحة او «خارطة طريق» للعودة الى الساحة اللبنانية ورفع الشروط «القديمة – الجديدة.

وفيما لا يزال «الشمال» الحزين يلملم اشلاء ضحايا قارب» الموت»، وحده ملف «الترسيم» البحري لا يزال في خانة الاخبار الايجابية مع ارتفاع منسوب التفاؤل الاميركي بابرام الاتفاق مطلع الشهر المقبل، فيما تعمل الحكومة «الاسرائيلية» على تهيئة الرأي العام «لهضم» الاتفاق عبر الترويج لمكاسب سيتم تحقيقها عبر تفاهمات مع شركة «توتال» التي ستعوض التخلي عن حقل «قانا»، وفي الوقت نفسه يستمر رفع حالة التأهب على حاله، وسط استعدادات لمواجهة الأسوأ في مواجهة حزب الله.

  تفاؤل «الترسيم» واستياء ميقاتي

وفي هذا السياق، ابلغ نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، رئيس الجمهورية ميشال عون بأنّ العرض الخطّي الذي سيرسله الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحري عاموس هوكشتين، متوقّع وصوله إلى بعبدا قبل نهاية الأسبوع الحالي، وبحسب مصادر سياسية بارزة كان لافتا عدم حضور رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا لوضع الرئيس بنتائج المحادثات في نيويورك، ولفتت الى ان ذلك تعبير واضح عن «الاستياء» من الدور الذي لعبه بوصعب في اروقة الامم المتحدة لجهة «القوطبة» على دور رئيس الحكومة بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية في الوفد.

ولفتت المصادر الى ان ميقاتي سحب يده من الملف في نهاية المطاف، بعدما ادرك ان بوصعب يقدم نفسه الممثل الوحيد والشرعي على «رأس» ملف التفاوض، باعتباره مكلفا من الرئاسة الاولى المعنية بادارة المفاوضات والتوقيع على الاتفاق لاحقا. ولهذا لم يعتبر ميقاتي انه معني بزيارة الرئيس عون لوضعه في صورة تقييمه الحذر لسير عملية التفاوض، وهو بحسب تلك المصادر، امر يعكس سوء تقدير المسؤولين لاهمية هذا الملف الحيوي والاستراتيجي ،ويخوضون في ما بينهم حرب» زواريب» مثير «للشفقة».

استنفار سياسي وامني

وفي مقابل هذه الادارة «المخجلة» للملف، تعيش «اسرائيل» حالة من الاستنفار السياسي والامني والعسكري لدراسة تداعيات النجاح والفشل، وخلصت الجلسة الأمنية الخاصة التي عقدها رئيس حكومة العدو يائير لابيد مع قادة أمنيين وسياسيين، لمناقشة مسار عملية المفاوضات البحرية مع لبنان الى التأكيد بانها وصلت الى مرحلة مفصلية تستوجب تقديراً للوضع واستعداداً لكافة السيناريوهات، واذا كانت التقديرات شبه النهائية للمسؤولين الامنيين تشير الى ان الاتفاق ممكن خلال أسبوع أو أسبوعين، فان سيناريوهات التصعيد التي يمكن أن ترافق ما تبقى من المفاوضات وضعت على «الطاولة»، تزامنا مع رفع الاميركيين من منسوب التفاؤل الى درجة ان «الوسيط « الاميركي يتحدث عن نقاط خلافية بسيطة يمكن تجاوزها بسهولة.

درس «الخيارات»

وقد خلصت التقديرات «الاسرئيلية» الى اعتبار تهديدات حزب الله حقيقيّة، وهي بحسب صحيفة «هآرتس»، تدرس خيارات المواجهة القادمة باختلاف أنواعها، وتذهب الى ما هو أبعد من المواجهة البحرية، عملاً بالعقيدة التي تؤكد ان مواجهة جديدة مع حزب الله بعد حرب تموز 2006، ستكون أشد تعقيدًا وصعوبة. ونقلت الصحيفة عن مصادر امنية مطلعة في «تل أبيب» قولها إنّه في العقود الثلاثة التي ترأس فيها نصر الله حزب الله ، فإنّ عدد المرات التي تعهد فيها بشكل واضح بأنْ يشن نوعًا من الحملة العسكرية، محدود ومنها في25 نيسان 2006.لكن هذه الأقوال أثارت صدى ضئيلاً فلم تأخذ على محمل الجد في «إسرائيل»، ولم يكترث أحد لتهديده، وبعد شهرين ونصف اندلعت حرب لبنان الثانية، التي رسّخت وجود حزب الله كمنظمةٍ عسكريّةٍ وساعدت في تحويله إلى لاعبٍ إقليميٍّ.

بدائل لدى حزب الله؟

وبحسب «هارتس» يعتقد المصدر نفسه انه من الأفضل أنْ يبلور صُنّاع القرارات في «إسرائيل» أهدافًا إستراتيجية واقعية، ويأخذوا في الحسبان بأنّ حزب الله قد يفرض على «إسرائيل» البحث عن بدائل مثل استنزاف محدود، لافتًا إلى أنّه بعد مرور 16 سنة على حرب لبنان الثانية تقف كل من «إسرائيل» وحزب الله في النقطة الزمنية الأكثر حساسية منذ العام 2006، ومنذ دخول وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ في 14 آب 2006 تجري العلاقات بين الطرفين في إطار «قواعد اللعب» و»الردع المتبادل»، ولكن الطرفين الآن في أزمة متدحرجة تنطوي على خطر ملموس للتصعيد. وواحدة من خيارات الحزب بحسب المسؤول الامني الاسرائيلي قيامه بفرض حرب استنزاف على «إسرائيل» في محاولة لوقف تشغيل المنصة، دون التدهور إلى مواجهة واسعة، وسيصبح حقل «كاريش» يشبه مستوطنات غلاف غزة، وثمة أوجه تشابه بين الحالتين.

«تعويم» الحكومة؟

في هذا الوقت، وفي غياب اي موعد رسمي في بعبدا، من المتوقع ان يزور رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم للبحث في تشكيل الحكومة الجديدة، وأمام احتمال عدم القدرة على تذليل العقبات والعوائق التي تظهر في كل مرة يتم طرح تبديل بعض الوزراء، ارتفعت «اسهم» اللجوء إلى خيار «تعويم» حكومة تصريف الأعمال من خلال إصدار مراسيم تأليف جديدة دون اجراء اي تغيير لمنع حدوث أي إشكالية دستورية إذا ما حصل فراغ رئاسي.

وفي هذا السياق، وبحسب اوساط بعبدا لن تكون الجلسة المقبلة حاسمة على ما يبدو، فاذا عاد ميقاتي الى طرح تبديل وزير الاقتصاد امين سلام المحسوب على رئيس الجمهورية، سيطالب الرئيس بتعديلات في المقابل مع المشاركة في تسمية وزير الاقتصاد الجديد. اما طرح تبديل نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي المحسوب على رئيس الحكومة المكلف فسقط، بعد ان ابلغ ميقاتي من يعنيهم الامر انها ستكون «رسالة» سلبية لصندوق النقد الدولي، ولهذا كان الرفض قاطعا، بعدما طرح اخراجه على اساس ان الحزب القومي السوري لم يعد ممثلا في مجلس النواب. اما تبديل وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي دخلت علاقته بميقاتي مرحلة «اللاعودة» اثر السجالات العنيفة على خلفية ملف النزوح، فلا «مخرج» جدي لتعيين بديل عنه حتى الساعة، بعدما تمسك النائب السابق طلال أرسلان به او بمن ينتدبه ليحل مكانه، فيما يفضل ميقاتي ان يتم تعيين الوزير الجديد «برضى» الحزب التقدمي الاشتراكي.

  «شروط» سعودية لا خطة؟

وبعد ساعات على انعقاد اجتماع «دار الفتوى» للنواب السنّة، واستضافة اغلبيتهم على مائدة السفير السعودي الوليد البخاري، تحدثت اوساط مطلعة عن نتائج متواضعة للقاء الثاني الذي كان «بروتوكوليا» لا تأسيسيا لمرحلة جديدة، وتبين لكل من راجعوا السفارة بعد الاجتماعين بان «الخطة» السعودية للعودة الى الساحة اللبنانية لم تتبلور بعد «كخارطة طريق» واضحة المعالم.

وتبين حتى الآن ان الرياض لا تملك «المونة» على اكثر من 13 نائبا سنيا من اصل 27 وهم ليسوا كتلة واحدة متراصة. وباتت القناعة «راسخة» لدى المملكة بان دورها قد يكون فاعلا اذا ما نجحت في وضع المعارضة «باجنحتها» كافة تحت «جناحها»، وهو امر متعذر حتى الآن بسبب عدم القدرة على جمع «القوات اللبنانية»: باكثر من طرف لا يريد التعاون معها، فكيف اذا كانت تريد قيادة هذا «الفصيل»؟ وفي هذا السياق، لفتت تلك الاوسط الى ان البخاري اسمع الجميع دون استثناء ما يشبه الشروط السعودية للعودة للعب دور «انساني» فاعل على الساحة اللبنانية، وسمع في المقابل «شكوى» من البعض بعدم وجود خط بياني واضح يمكن العمل من خلاله لمواجهة حزب الله الذي لم يذكره السفير في المداولات على نحو مباشر.

مواصفات الرئيس؟

وتحت «لازمة» اخترعها الفرنسيون وتبنتها الرياض، قال البخاري «انه يجب على لبنان ان يساعد نفسه كي تساعده المملكة ورفض الاتهامات بان بلاده تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد بما فيها لبنان، ولدى سؤاله عن هوية الرئيس الذي تفضله، قال: ان الانتخابات الرئاسية شأن داخلي، ولكن هناك ضرورة ان يكون غير فاسد، وجامعا للبنانيين، وأن يتمتع بالمواصفات التي تتيح التعاون مع الدول الخارجية وفي مقدمتها دول الخليج. وفي ما يشبه لائحة «بشروط» المملكة للمساعدة قال:» اننا مستعدون لتأمين مظلة عربية ودولية كشبكة أمان سياسية واقتصادية، لكن على لبنان تنفيذ سياسة «النأي بالنفس» فعلا لا قولا، وتوقف البعض عن التحريض اللفظي والعملاني على دول الخليج العربي. وبرأيه ثمة الكثير من الامور يجب ان تتغير لتحسين العلاقة مع المملكة ودول الخليج، خصوصا ما اسماه استعادة الدولة «لسيادتها» الداخلية والخارجية.!

موازنة «التخدير»؟

اقتصاديا، انتهت جلسات الموازنة «الشعبوية» باقرارها باكثرية هزيلة بلغت63 نائباً ومعارضة 37 وامتناع 6 نواب عن التصويت، وهو ما وصفته مصادر نيابية بانه «لتخدير» الناس الذين سيستفيقون لاحقا على «كارثة» تضخم تسرق منهم كل الزيادات المالية المقرة. وأبرز ما تضمنته الموازنة زيادة رواتب موظفي القطاع العام المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين وكافة الأجَراء في الدولة بنسبة ضعفين على الراتب الأساسي على أن لا تقل الزيادة عن 5 ملايين لبنانية ولا تزيد عن 12 مليون. وهذه الزيادة تعتبر استثنائية محدودة الزمن ريثما تتم المعالجة النهائية لموضوع الرواتب ولا تحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي. كما وافق المجلس على استيفاء رسوم جوازات السفر بقيمة مليون ليرة للخمس سنوات ومليونَي ليرة للعشر سنوات. وقد بُنيت أرقام الموازنة على احتساب الدولار الجمركي بقيمة 15 ألف ليرة. وبلغ حجم النفقات في الموازنة 40873 مليار ليرة، أما الإيرادات فبلغت 29986 ملياراً.

زيادة «التضخم»

وتناول النقاش قضية الواردات التي لحظت عجز 16 ألف مليار وتم تعليق بند الواردات لإعادة الاتفاق على الأرقام بعد كلام وزيري الأشغال والاتصالات عن واردات غير ملحوظة والتي خفضت العجز الى ما دون العشرة آلاف مليار…! وكان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اعترض خلال الجلسة على الأرقام المرسلة من وزارة المال لاعتماد الدولار الجمركي على تسعيرة 15 ألف ليرة، في محاولة للتوفيق بين المزاج الشعبي وطرح صندوق النقد الدولي الذي يفضّل رفع سعر صرف الدولار إلى مستوى 20 ألف ليرة، في ظل تخوّف مما سيؤدي إليه العجز في الموازنة وتغطيته من خلال طبع مزيد من الليرات، وبالتالي ارتفاع إضافي في الدولار إلى معدلات غير مسبوقة.وردّ الرئيس بري​ على ما أدلى به رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي حول تعهّد صندوق النقد الدولي بتسديد عجز الموازنة بعد الاتفاق وإلا ذاهبون إلى التضخم،​ دون ان يقدم اجابة واضحة حول احتمال فشل الاتفاق. فقال مخاطباً ميقاتي «عم تغلط، يشطب من المحضر، أنا والمجلس النيابي لا نخضع لا لصندوق النقد​ ولا لغيره والمجلس سيّد نفسه وهناك سيادة في مجلسنا».

تصعيد «ميداني»

وفي الجلسة الصباحية، صعّد العسكريون المتقاعدون تحركاتهم في محيط المجلس وحاولوا الدخول اليه بالقوة، بعد ان تردد ان رواتبهم ستضاعف مرة ونصف المرة فقط. وبعد ان دخل وفد منهم الى البرلمان حيث طرح مطالبه، خرج وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم الى التظاهرة، وأبلغهم ان «المطالبة بالحقوق تشمل العسكريين بفئاتهم  كافة وعوائل الشهداء والعسكريين المتقاعدين بما فيها كل الاسلاك العسكرية».

  «قارب الموت»

في هذا الوقت، ارتفع عدد جثث قارب الموت مقابل طرطوس الى 99 حتى ساعات متاخرة من ليل امس وقد اعيدت فقط 20 جثة فيما تبقى 38 جثة مجهولة الهوية حتى الان،فيما استقر عدد الناجين على 21 ، فيما يستمر البحث عن المفقودين وسط تضاؤل الآمال بالعثور على ناجين، وتتواصل عمليات البحث ومحاولات التعرّف على جثث الضحايا الموجودة في برّادات مستشفى الباسل في طرطوس من قبل أهالي المفقودين الذين توافدوا إلى المكان. لكنّ التعرف إلى الجثث يواجه صعوبات بسبب تشوّهها، ما يدفع الأهالي إلى محاولات التعرّف على أبنائهم من خلال ملابسهم أو الأوشام الموجودة على أجسادهم أو أغراضهم الشّخصية التي عُثر على بعضها بأنّ الصليب الأحمر اللبناني سيتولّى نقلهم من الحدود اللبنانية ـ السورية عند نقطة العريضة وإعادتهم مجدّداً، موضحين أنّ «الجثث غير المعروفة ستدفن في سوريا تحت أسماء مجهولة في غضون 3 ـ 4 أيّام، في حال لم يتم التعرّف إليها…!

  المصارف «والامن الذاتي»

في هذا الوقت، فتحت المصارف «ابوابها» بعد نحو اسبوع من الاقفال بإجراءات امنية ذاتية بعد رفض وزارة الداخلية تأمين الحماية المطلوبة، ما ادى الى اشكالات عديدة مع المودعين الذين حرموا بمعظمهم من القيام بمعاملاتهم بسبب الشروط الصارمة التي فرضت عليهم، فلم تتم اي معاملة الا بموعد مسبق لمن يحتاج لإجراء معاملات «ملحة»، دون تحديد معنى الملح منها. اما كل المعاملات المالية فتجري على «الصراف الآلي». وقد تعرقل العمل بمنصة صيرفة، ولم يتم استقبال طلبات جديدة بالامس وتم التعامل مع الطلبات العالقة. وثمة توجه لدى بعض المصارف لإيجاد آلية للاستفادة من المنصة على «الصراف الآلي» بعد قبول الطلب من العميل.

ووفقا لمعلومات مصرفية قرر مصرف لبنان خفض الاستفادة من 500 دولار شهريا الى 400 دولار فقط. وشهدت مداخل بعض المصارف ازدحاماً وإشكالات بين المودعين وحراس المصارف، ووقع إشكال في صيدا بين عسكريين والحراس إثر منعهم من الدخول لسحب المساعدة الاجتماعية.