لا تزال كل من طرابلس وعكار تحت تأثير صدمة المركب الغارق قبالة شاطئ طرطوس وتتشابه الأمور بين حزن ودفن هنا وانتظار لمفقود بلَوعَة هناك.
في السياق لم يكن يوم أمس أمام الحدود اللبنانية السورية في نقطة العريضة كاليومين الأولين من حيث ضغط الأهالي، كانت حركة الناس أخف وما كان أشيع من معلومات بأن ما سيصل إلى لبنان من الداخل السوري هي 3 جثث وناجيان فقط.
ودائماً في قضية غرق زورق الموت فقد توزع المشهد أمس بين نقطتين: الأولى الحدود البرية في العريضة – عكار والثانية في مخيم نهر البارد. ففي النقطة الأخيرة كان التشييع لجثامين ضحايا فلسطينيين استلمهم ذووهم أمس الأول، وفي النقطة الأولى كان استعداد الأهالي لاستقبال الناجيين اللبنانيين، دعاء عبد المولى وزين الدين حمد من مدينة طرابلس اللذين غادرا مستشفى الباسل وفي طريقهما إلى مستشفى طرابلس الحكومي، إلى جانب 3 جثث من اللاجئين الفلسطينيين. وصل الناجون عند ساعات الظهر الأولى لكنّ الأهالي تأففوا كثيراً من إجراءات الأمن اللبناني التي طالت لساعات، وتعددت الروايات حول ما إذا كان ما يجري داخل الحدود من الجهة اللبنانية مجرد إجراءات روتينية أم هناك تحقيقات تحصل.
شقيق الناجي من آل حمد تحدث إلى «نداء الوطن» وأشار إلى أن «شقيقه قد باع سيارته واستعمل ثمنها من أجل الهجرة بالمركب. إن ما دفعه إلى ذلك هي الأوضاع المعيشية والإقتصادية القاسية وكان عنده بعض الجروح بسبب الرحلة ونحن بانتظار وصوله لنعرف كل التفاصيل لأنه هاجر من دون أن يخبرنا».
بالمقابل لم يُعرف بعد العدد النهائي للركاب بينما تحدثت آخر المعلومات عن 94 ضحية و 23 ناجياً إلى جانب 17 جثة جديدة تم اكتشافها في الساعات الأخيرة ليبقى هناك بحدود 40 مفقوداً، بحسب روايات الأهالي الذين يشيرون إلى أن المركب كان على متنه أكثر من 150 راكباً. على خط موازٍ كان أمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، الجهة الرسمية الوحيدة من قِبل الدولة اللبنانية، الذي يتابع مراحل تسليم الجثث والناجين، وقد مكث أمس لساعات على الحدود لتأمين الوصول الآمن للناجين واستلام الجثث من قِبل الصليب الأحمر اللبناني والأهالي.
بالمقابل وفي نفس الإطار، استمرت الدعوات للأهالي ولكل من يفكر بالسفر بهذه الطريقة إلى عدم القيام بذلك، وقد روى أحد الأشخاص من عكار، الذين خرجوا برحلة مركب من هذه المراكب لـ»نداء الوطن»، أن الأمور في أوروبا لم تعد كما في السابق ويجب أن يعلم من يفكر في الهجرة أنه لن يكون في رحلة نزهة وهناك عذابات طويلة بانتظاره، هذا إن وصل، ناهيك عن المصاعب والمخاوف التي سيعيشها لأيام وهو على متن المركب.
أما في آخر المعلومات حول المركب الغارق فإن الرواية الأبرز تتحدث عن أن عطلاً قد طرأ على محرّكه ما أدى إلى توقفه في المياه، وأنه تم تبديل القبطان بآخر، فيما صاحب المركب الذي جهّز الرحلة فهو في قبضة الجيش اللبناني.