تحذيرات دبلوماسية لعون و”محيطه”… تداعيات “التمرّد” أقسى من “العقوبات”

ألان سركيس-نداء الوطن

يحتلّ ملف انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان الأولوية عند السياسيين والشعب على حدّ سواء، خصوصاً أن الناس يرون في هذا الإستحقاق مناسبةً لقلب الواقع الجهنمي الذي يعيشونه.

قبل نهاية كل عهد، يكثر الحديث عمّا إذا كان الرئيس الجالس في بعبدا سيمدّد أو يجدّد ولايته، ومع أن الدستور واضح في هذه النقطة إلّا أن تساؤلات كهذه تبقى قائمة خصوصاً أن كرسي الرئاسة جذّاب ويغري.

وبالنسبة إلى عهد الرئيس الحالي ميشال عون، فإن عدم التمديد أو التجديد قد حسم منذ بداية العهد، وزاد فشل العهد وانتفاضة 17 تشرين فرضية عدم التمديد، لأن هذا العهد، وبحسب الأغلبية الساحقة من الشعب، من أسوأ العهود التي مرّت على لبنان.

لكن الشعب وعدد لا يستهان به من النواب والسياسيين يسألون سؤالاً أهم، وهو «هل سيتمرّد عون ويقرر عدم ترك كرسي بعبدا مثلما فعل عام 1990، أو إنه سيترك القصر؟ فالتجارب مع الجنرال مريرة ولا يستطيع أحد التكهن بما سيفعله، علماً أنه يضع مصالحه أولاً ولا يهتم بما قد يحدث إذا قرّر عصيان الدستور.

ووسط هذا الجوّ الضبابي، فإن نصائح عدّة من دبلوماسيين غربيين وصلت إلى بعبدا، ودعت الرئيس إلى عدم التمرّد، لأن ظروف 2022 مغايرة تماماً لظروف 1990، ولا يستطيع أحد من الأفرقاء تحمّل خطوته، وكذلك فإن المجتمع الدولي قد يتّخذ خطوات عقابية قاسية في حال قرّر عون «التمرّد» والبقاء ولو لدقيقة واحدة في بعبدا.

ولا تكمن المشكلة في مستقبل عون السياسي، فعون وصل إلى قمة طموحه بتربّعه على عرش الرئاسة، بينما القضية تكمن في تهديد مستقبل صهره رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل الذي هو مهدّد أصلاً.

ويشكو عدد من القريبين من باسيل من أن سفراء دول فاعلة يُحرّضون عدداً من نواب تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل على الإنشقاق عن التكتل، في حين أن بعض النواب يتمثّل وضعهم بمقولة «لا تهزّو واقف عا شوار»، لذلك فإن خطر حدوث تصدعات داخل التكتل النيابي الذي يرأسه باسيل كبير جداً.

وتأتي العقوبات الأميركية على باسيل لترفع منسوب مخاوف بعض النواب، خصوصاً أن الأميركي جدّي هذه المرّة أكثر من المرات السابقة، وهو وإن كان مع بقاء «الستاتيكو» الحالي قائماً في لبنان إلا أنه يرفض الفوضى ولا يريد أن تنجرّ البلاد نحو عدم الإستقرار، لذلك فإنّ أي مغامرة من جانب عون مرفوضة أميركياً وسترتدّ عليه وعلى صهره باسيل وتياره. لا يبدو أن التسوية الإقليمية والدولية حول اسم الرئيس الجديد قد نضجت أو بات الاسم جاهزاً، لكن الأكيد أن المجتمع الدولي يضع عدداً من المسلّمات لا يمكن خرقها، وتبدأ بالحفاظ على أمن لبنان واستقراره لتصل إلى ضرورة عمل المؤسسات الدستورية واحترام المواعيد، لينطلق من بعدها قطار الإصلاح ومحاربة الفساد.

Exit mobile version