ارشيف الموقع

هآرتس: عملية قاسية في الضفة قد تتسبب بالاشتعال

عمليات الطعن

توازياً مع العمليات الفدائية التي تشهدها مناطق مختلفة في الداخل المحتل، تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بمحاولة ضبط للشارع تفادياً لأي تطور قد يؤدي إلى تصعيد. فإسرائيل، التي تشهد تجاذبات سياسية حادة عشية الانتخابات، وتهديدات جادة من الجبهة الشمالية وأخرى من قطاع غزة، لن تكون على استعداد تام لمواجهة العمليات في الضفة وجنين ونابلس. وضمن هذا الاطار، تشير صحيفة هآرتس العبرية في تقرير لها إلى انه “في الواقع الذي تشكل ستكفي عملية قاسية واحدة من اجل تغيير الوضع والتسبب باشتعال أكبر الذي يمكن أن يشمل ايضا عملية عسكرية اوسع في شمال الضفة”.

النص المترجم:

الضفة الغربية ما زالت تسخن في الوعاء، ببطء ولكن بتواصل، درجة بعد درجة. الوضع في الضفة الغربية في الحقيقة لم يصل حتى الآن الى مستوى انتفاضة ثالثة، لكن من يتابع ما يحدث بشكل يومي يرى بوضوح أنه يحدث تغيير اساسي في الوضع. هذا ليس فقط بسبب السيطرة الضعيفة للسلطة الفلسطينية في شمال الضفة أو المعارضة المتزايدة لعمليات الاعتقال الاسرائيلية، بل ايضا بسبب ارتفاع عدد عمليات إطلاق النار التي مرة اخرى تنزلق الى الشوارع الرئيسية. في هذه الاثناء لا يبدو أن الخطوات التي يقوم بها الطرفين ستكون كافية لوقف انتشار النار.

اليكم قائمة جزئية لأحداث الاسبوع الماضي: مسلحون فلسطينيون أطلقوا النار مرتين خلال يوم على قوات الجيش في حاجز الجلمة في شمال جنين. في الحادثة الثانية التي تطورت الى تبادل لإطلاق النار من مسافة قصيرة قتل الرائد بار بيلح من لواء الناحل واثنان من المسلحين الفلسطينيين. في اليوم التالي، يوم الخميس الماضي، اصيب اصابة متوسطة مواطن اسرائيلي بنار أطلقت على مستوطنة كرمل في جنوب جبل الخليل. ومنذ ذلك الحين حدث ليس اقل من ثلاث عمليات إطلاق نار اخرى. عمليتان في حاجز سالم في منطقة جنين وعملية في منطقة حوارة في جنوب نابلس وجميعها في وضح النهار. في حوارة اصيبت سيارة اسرائيلية بأربع رصاصات ولم تكن أي اصابات. وفي نابلس في الفجر واجهت الاجهزة الامنية الفلسطينية النار والحجارة عندما جاءت لاعتقال ناشط من حماس في وسط الضفة. أحد سكان نابلس قتل عندما صادف تواجده في المكان الذي حدث فيه إطلاق النار بين الاجهزة والنشطاء. وهذا المساء تعزز الشك في أن قتل عجوز في حولون تم على خلفية قومية. الشباك ايضا يأخذ دور في التحقيق الى جانب الشرطة.

هذا لا يعتبر انتفاضة لأنه حتى الآن لم يجر اليه جمهور واسع. لا توجد مظاهرات كبيرة يشارك فيها الفلسطينيون بجموعهم لمواجهة الجيش الاسرائيلي. ولكن من الواضح انضمام كثيف أكثر للشباب الوطنيين لأعمال العنف، في جنين ونابلس. النشاطات غير منظمة، وهذا ايضا أحد الصعوبات التي يواجهها الشباك والجيش. ورغم نشر الكاميرات في كل زاوية في الضفة ورغم الرقابة المشددة على الشبكات الاجتماعية إلا أنه دائما يكون هناك افراد أو خلايا محلية تتملص من الرقابة.

في نفس الوقت تظهر محاولات متزايدة لحماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة وفي القيادات في الخارج (تركيا وسوريا ولبنان) للركوب على ظهر النمر. أول أمس أعلن الشباك بأنه قام باعتقال سبعة من اعضاء حماس في نابلس وفي الخليل، الذين تدربوا على انتاج العبوات الناسفة حسب توجيهات حصلوا عليها من القطاع. الجهاد الاسلامي يعمل بشكل مختلف قليلا. فهو يغرق الضفة بالسلاح ويعد بالمقابل لمن ينفذون العمليات.

الجمهور الاسرائيلي في معظمه لا يهتم بما يحدث في الضفة. نابلس وجنين في الواقع توجد على بعد ساعة سفر من مركز البلاد، لكن بالنسبة لمعظم الاسرائيليين هي توجد في الجانب المظلم للقمر. الاهتمام العام هنا استيقظ عندما وصلت موجة العمليات في الربيع الى داخل حدود الخط الاخضر، لكن الاغلاق الكامل لفضاء خط التماس وعمليات بادر اليها الجيش الاسرائيلي في جنين دفعت معظم الاحتكاك الى الداخل، الى عمق مناطق الضفة. الآن، مقابل عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة (أكثر من 80 شخص منذ بداية السنة) والمواجهات الكثيرة، فان الارهاب مرة اخرى ينزلق الى الخارج، الى الشوارع.

في الواقع الذي تشكل ستكفي عملية قاسية واحدة من اجل تغيير الوضع والتسبب باشتعال أكبر الذي يمكن أن يشمل ايضا عملية عسكرية اوسع في شمال الضفة. معظم عمليات إطلاق النار في الشوارع فشلت حتى الآن وهذا يرتبط بحقيقة أن معظم الارهابيين هم شباب ليس لهم تجربة. وهم ايضا يطلقون النار من مسافة بعيدة وأحيانا يستخدمون سلاح بدائي. ولكن المس بعائلة اسرائيلية في الشارع عشية العيد أو عملية انتحارية تذكر بالصدمة القديمة يمكن أن تخلط الاوراق تماما. يجب التذكر مرة اخرى بأن الطرفين لا يعملان في فضاء فارغ. ففي الخلفية توجد جولة انتخابات الكنيست التي يمكن أن تسيطر عليها اجندة امنية إذا استيقظ الشعور بالأمان الشخصي في اوساط المواطنين.

الحادثة في نابلس في الليلة الماضية هي استثنائية. فللمرة الاولى منذ أشهر كثيرة عملت اجهزة السلطة وقامت باعتقال أحد نشطاء حماس الذي كان مطلوب ايضا لإسرائيل. يبدو أن السلطة الفلسطينية قد فعلت ذلك على خلفية الضغط من قبل اسرائيل ورسائل نقلت اليها سرا وعلنا. الاجهزة تعمل كل الوقت تحت ضغوط متناقضة. فمن جهة هي لا تريد الظهور كعميلة لإسرائيل. ومن جهة اخرى هي تخشى من احتمالية أن تقوم حماس في المستقبل بتنفيذ انقلاب عسكري في الضفة كما فعلت بنجاح في القطاع في العام 2007.

القضية الفلسطينية لا توجد على الاجندة الدولية. وهي بصعوبة تظهر في مكان متدني نسبيا على سلم الاولويات الاقليمي. خطابات رئيس الحكومة يائير لبيد ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك ستعكس مقاربة الطرفين على خلفية حملة الانتخابات في اسرائيل والتجاهل العالمي. ولكن التطورات الحقيقية سيتم املاءها من الميدان في الضفة، طبقا للميزان الدموي ومستوى النجاح لخلايا ارهابية فلسطينية في تنفيذ عمليات ضد مواطنين اسرائيليين.


المصدر: هآرتس

الكاتب: عاموس هرئيل

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى