: بعد التمديد… عمليّاً لم يتغيّر شيء
أكدّ قائد اليونيفيل الجنرال أرولدو لاثارو أنه لم يتغير شيء في مهمة اليونيفيل بعد القرار الأخير بتمديد مهمة القوات الدولية في جنوب لبنان، ونفى نية اليونيفيل الدخول إلى الأماكن الخاصة، إنما «فقط الوصول إلى الخط الأزرق». في مكتبه المطل على بحر الناقورة، تحدث لاثارو لـ«الأخبار» عن لبنان الذي «لا أجد نفسي غريباً عنه»، مستذكراً السنوات التي أمضاها في الجنوب كضابط ارتباط للقطاع الشرقي في 2011، ثم رئيساً لأركان القطاع في 2013، قبل أن ينتقل إلى قيادة القطاع في 2016. المناخ يناسبه، والطعام ليس بعيداً عن طعام موطنه الأصلي، و«لا شيء في مقرّ الناقورة ينقص الجنود أو الضباط». أمّا أهالي الجنوب، فلم يجد منهم سوى «الاحترام». وفي ما يلي نص الحوار
عمليّاً، لم يتغيّر شيء، مجرد تذكير. المهمة جرى التمديد لها بشكل طبيعي، ونحن هنا لننفذ طلباً من الحكومة اللبنانية لمساعدة الجيش اللبناني على تحقيق الاستقرار في منطقة جنوبيّ الليطاني ومراقبة أعمال الهدنة. حصلت نقاشات عديدة في الآونة الأخيرة حول مسألة حرية الحركة. منذ بداية المهمة، كانت لليونيفيل حرية الحركة مع الجيش اللبناني أو من دونه. قليلة هي الأعمال التي يشاركنا فيها الجيش نسبة إلى عدد المهام التي ننفذها، وهناك استحالة لوجستية لدى القوات المسلحة اللبنانية لمواكبتنا. مهمّتنا المطلوبة من الحكومة ومن مجلس الأمن هي المراقبة والتحقق. ولكي نراقب ونقوم بعملنا علينا التنقّل، ومهمة الجيش اللبناني فرض الأمن. ونحن ننسّق كل مهامنا اليومية مع الجيش، سواء تحرّكنا وحدنا أو معه. لكن هناك مناطق لا نستطيع دخولها.
ما هي المناطق «الممنوعة»؟
إذا أردت أن تعرف، مثلاً، هناك أربعة مواقع تحصل فيها رمايات بالأسلحة وتسيطر عليها قوات، غير القوات الحكومية اللبنانية، لا نستطيع الدخول إليها. مهمتنا أن نراقب أيّ أسلحة غير تابعة للجيش أو لليونيفيل.
ربما تقع في أماكن خاصة. هل لديكم الحق في دخول الأماكن الخاصة؟
للدخول إلى المواقع الخاصة نحتاج إلى إذن رسمي بالدخول وإلى مواكبة من الجيش، ونطلب الدخول في حال علمنا أن هناك أعمالاً عدائية يجري التحضير لها.
أعمال عدائية ضد من؟ ضدّكم أو ضدّ العدوّ الإسرائيلي؟
أيّ عمل عدائي.
في حال حصلتم على معلومات عمّا تسمّونه عملاً عدائياً، كيف تتصرّفون؟
فوراً نبلغ الجيش اللبناني وننسّق معه، وهم يذهبون للتأكد. وفي حال وجدنا أن الجيش غير موجود، نذهب نحن.
تذهبون أنتم؟ هل هذا أمر جديد؟
لا هذا ليس جديداً. كان دائماً موجوداً، لكن أعتقد أنه لم يستخدم سابقاً.
هناك شعور لدى الجانب اللبناني بأن القوات الدولية تكيل بمكيالين، وتحديداً في قرار مجلس الأمن. تحدّث القرار عن حالات اعتراض قليلة لدوريات اليونيفيل من قبل الجنوبيين، ولم يشر إلى الاعتداء الإسرائيلي على سفينة إندونيسية؟
حادثة التعرّض للسفينة الإندونيسية مذكورة بتفاصيلها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بناءً على التقرير الذي رفعته القوات الدولية.
هل تم ذكر الأمر في قرار التجديد لليونيفيل؟
ربما لم يذكر، لكننا قمنا بدورنا، ولسنا من يكتب نص القرار الدولي.
في الحديث عن 95 حالة انتهاك للقرار 1701 من قبل لبنان، تبيّن أن بينها 90 حالة حمل أسلحة صيد. هل يقارن هذا مع الخروقات الإسرائيلية؟
طبعاً، كل هذه الحالات هي حالات من أي جهة أتت. موضوع سلاح الصيد أو الأسلحة الحربية، نحن ندوّن كل شيء. ولا يمكننا المقارنة بهذه الطريقة.
إذا سمحت الحكومة اللبنانية بالصيد في جنوبيّ الليطاني في مواسم محددة كما هي الحال في باقي المناطق، ما هو موقفكم؟
نلتزم بما تقرّره الحكومة ومجلس الأمن، والأمر يحتاج إلى تعديل في قرار مجلس الأمن لأنه ممنوع حمل الأسلحة غير المرخصة في جنوبيّ الليطاني مهما كانت نوعيتها.
نحتاج إلى تعديل قرار مجلس الأمن للسماح بالصيد؟
أعتقد ذلك.
ماذا عن احتلال قرية الغجر والإنشاءات الجديدة؟ تقرير ممثل الأمين العام رأى أنها «تغيير جغرافي وانتهاك لأراض لبنانية».
هناك أعمال غير شرعية في الغجر والجزء الشمالي من القرية محتل، لكن ذلك يجري جنوبيّ الخط الأزرق. نحاول العمل لإيجاد الحلول في الغجر. واتصلنا بالجانب الآخر وأبلغناهم أن هناك خروقات كما أبلغنا نيويورك.
تتدخلون كما أكدت في حال حصول خرق من الجانب اللبناني، وعندما تقوم إسرائيل بذلك فقط تكتبون التقارير؟
مهمتنا العمل في جنوبيّ الليطاني والخط الأرزق وليس على الجانب الآخر. المهمة الأساسية بالنسبة إلينا هي منع أي تطوّر للأعمال الحربية والاتصال بالجانبين لمعالجة أي مشكلة. أمس (قبل يومين) كان هناك توتّر في شبعا بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، انخرطنا بالوسط لمنع الاحتكاك. في نيسان الماضي، كان هناك توتّر كبير أيضاً بعد إطلاق صواريخ من منطقة القليلة، اتصلت فوراً بالجنرال (قائد الجيش اللبناني) جوزف عون وبمسؤول الجيش المقابل. أيضاً هناك مسار اللجنة الثلاثية حيث يتم تقديم الاعتراضات من الجانبين ونقوم بمعالجة المشاكل، وموضوع الغجر هو رهن المتابعة.
ماذا عن الفوج النموذجي التابع للجيش، هل انتهى العمل به؟
هناك مسألة مهمة الآن هي مسألة دعم الجيش اللبناني. في الفقرة 11 من قرار مجلس الأمن، يتم ذكر مدّ الجيش اللبناني بالدعم اللوجستي، والآن نعمل على تحضير مذكّرة تفاهم مع الجيش لتطبيق القرار. نريد أن ندعم الجيش ليتمكن من مواكبتنا أكثر في مهامنا. أما الفوج النموذجي فيحتاج إلى الكثير من العمل، هو بالأساس تشكّل نتيجة «مشروع الخطة الاستراتيجية للجيش» ليكون نطاق عمله منطقة جنوبيّ الليطاني وليقوم بمهام حفظ الاستقرار، وفي حزيران جرى مدّه تقريباً بعدد من الجنود أقل من كتيبة، ربّما 50 أو 60 جندياً وضابطاً، على أن يتم العمل على إنشاء ست أو سبع كتائب للفوج.
هل هناك ما تخشاه على الوضع في الجنوب؟
هناك مسألة انعكاسات المفاوضات حول الحدود البحرية، نخشى أن تتأثر منطقة جنوبيّ الليطاني على خلفية التوتّر المتصاعد.
هل سمعتم عن «المنطقة العازلة» المقترحة في البحر؟ وهل هي من مهامكم؟
لا، لم أسمع بالأمر إلا من الإعلام. ليس لدينا عمل على الحدود البحرية، ولكي نعمل هناك يجب أن يحصل تعديل لمهمتنا.
كيف تطمئن الجنوبيين إلى أنكم لستم قوّة احتلال؟
على شعبكم أن يعرف بأننا لسنا هنا قوة احتلال، نحن أداة بيد الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، ولا أقول السلام لأن كلمة السلام بعيدة المنال الآن. يوجد هنا جنود من 47 دولة تركوا عائلاتهم وبيوتهم لضمان استقرار الجنوب. كنت قبل يومين مع رؤساء بلديات في العرقوبن وهناك معلومات مضلّلة منتشرة. سألوني إن كنا سنقوم بنصب حواجز على الطرقات وما شابه وتفتيش الناس والبيوت. أكدت لهم أن هذه المعلومات غير صحيحة.
إذا طلب منكم مجلس الأمن القيام بأعمال مسلحة ضد الجنوبيين ومقاومتهم، هل تقومون بذلك؟
بالطبع لن يطلب منّا ذلك، هذه ليست مهمتنا… أيّ تغيير في عملنا يحتاج إلى تعديل المهمة من قبل مجلس الأمن، ولا أعتقد أن ذلك هو المطلوب. نحن فقط دورنا دعم الجيش في تحقيق الاستقرار وعبر التدريب المشترك والعمل لضبط الأسلحة غير الشرعية.
ربطاً بهذا الدور، هل يمكنك إيضاح أكثر إن كنتم تريدون الدخول إلى الأماكن الخاصة؟
علينا الوصول إلى كل الأماكن على الخطّ الأزرق. هذا مجال عملنا. على الجميع أن يعرف أننا نريد الوصول إلى الخط الأزرق، كل النقاط عليه، وهناك مناطق مغلقة لمنظمة أخضر بلا حدود تعيق عملنا للوصول إلى الخطّ الأزرق. لا نريد الدخول إلى المناطق الخاصة، فليفتحوا لنا الطريق للوصول إلى الخط الأزرق.
لماذا تغلقون طريق الوزاني – العباسية وتمنعون مرور المواطنين عليه، وحتى الجيش اللبناني لا يسمح له بالوصول مع أنه يقع في أراض لبنانية وخارج السياج الذي بناه العدو؟
سأتابع الأمر لأتأكد من السبب الحقيقي، لكن الأرجح لمنع الاحتكاك كما يحصل في مواقع أخرى. ما يحصل يومياً مثلاً في موقع العبّاد من استفزازات قد يؤدّي إلى حوادث غير محسوبة.
هل يُعدّ وقوف بضعة شبان في العباد استفزازاً، والطلعات الجوية ليست استفزازاً؟
كل هذه الأمور قد تؤدي إلى تطورات غير محسوبة من أي جهة أتت.
يتردد أن مجلس الأمن استغل اختيار جنرال إسباني في قيادة اليونيفيل لأن سمعة الإسبان جيدة بين الجنوبيين، لكي يتمّ تغيير مهمة اليونيفيل بطريقة مخادعة؟
لا أعتقد أن هذا صحيح. علاقتنا جيدة بالأهالي لأن هذه ثقافتنا، ولكنني أتصرّف هنا كجنرال في الأمم المتحدة وليس كإسباني. أتمنى أن لا يحصل أيّ أمر سيّئ، ونحافظ على الاستقرار والهدوء، والمنطقة هنا من أهدأ المناطق في الشرق الأوسط.