يُعدّ سلاح الطائرات المسيَّرة المُصنَّعة محلّياً داخل قطاع غزة، إحدى أبرز الأدوات التي تملكها المقاومة لمواجهة سرقة الاحتلال للغاز الفلسطيني، والتي تتخوّف قيادة العدو من تفعيلها في ظلّ تنامي المطالب بحقّ الفلسطينيين من هذه الثروة. وخلال الفترة القصيرة الماضية، بعثت حركة «حماس» برسائل ميدانية في هذا السياق، عندما أطلقت طائرتَين مسيّرتَين من طراز «شهاب» الانتحارية، فوق فعالية للفصائل الفلسطينية كانت تطالب بافتتاح ممرّ بحري للقطاع، وتمكين الأخير من حقّه في الثروة الغازية. وعلى عكْس أدائه في مرّات سابقة، لم يستهدف الاحتلال الطائرتَين اللتَين أُطلقتا الأسبوع الماضي فوق بحر غزة، وهو ما فُسّر على أنه إمّا ناجم عن عجز جيش العدو عن اكتشافهما، أو عدم رغبته في تصعيد الأوضاع الأمنية في القطاع. إلّا أن حوادث مماثلة خلال الأشهر الفائتة، أظهرت أن قوات الاحتلال لم تتمكّن من اكتشاف وإسقاط طائرات للمقاومة الفلسطينية، كانت تقوم بمهام استطلاعية فوق الأراضي المحتلّة والمنطقة الحدودية لغزة، ومن ذلك إعلان جيش العدو، في تموز الماضي، رصده طائرة مسيّرة انطلقت من القطاع، في اتّجاه مستوطنات «الغلاف»، ثمّ عادت إليه، من دون أن تتمكّن منظومة الدفاع الجوّي المتطوّرة من اعتراضها.
وسبقت تلك الحوادثَ تصريحاتٌ لمسؤولين في «حماس»، أبرزهم القيادي مشير المصري، الذي أعلن خلال حفل تأبين الشهيد محمود فارس، القيادي الميداني في «كتائب القسام» – الجناح العسكري للحركة، وأحد المسؤولين عن قطاع الطائرات المسيّرة، أن «هذه الطائرات ستحمل مفاجآت للاحتلال خلال المعركة المقبلة». وفي السياق نفسه، يكشف مصدر «حمساوي»، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «في أعقاب إعلان رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، منتصف العام الجاري، وجود تنسيق مع محور المقاومة لتشغيل خطّ بحري بين القطاع ودول العالم لكسر الحصار، تستعدّ المقاومة الفلسطينية لاستخدام الطائرات المسيّرة لحماية الممرّ البحري، وتوفير غطاء جوّي يمنع قوّات بحريةِ الاحتلال من استهداف السفن التي ستتحرّك على هذا الخطّ، إضافة إلى إمكانية ضربها أهدافاً مختلفة للعدو في البحر». ويؤكد المصدر نفسه أن «المقاومة في غزة لديها القدرة الكافية على ضرب آبار الغاز القريبة من القطاع بالطائرات المسيّرة»، مُنبّهاً إلى أن «استمرار الاحتلال في سرقة الغاز ومنْع الفلسطينيين من الاستفادة من ثرواتهم الطبيعية سيحتّم على المقاومة توجيه ضربات لعمليات السرقة الإسرائيلية».
وفي أيار الماضي، كشفت «كتائب القسام»، لأوّل مرّة، معلومات حول تطوير الطائرات المسيَّرة في غزة، وأظهرت صوراً لسرْب من عدّة طرز من الطائرات التي تُصنّعها في القطاع، وهي «أبابيل» (بأنواعها)، «الزواري» (الاستطلاعية/ الهجومية)، و«شهاب» (الهجومية)، مؤكّدةً أن لديها مخزوناً كبيراً من هذه الطائرات. وخلال معركة «سيف القدس»، أعلنت «الكتائب» إدخالها سلاحاً جديداً إلى الخدمة، وقالت إنها استهدفت بعدد من المسيَّرات الانتحارية منصّة الغاز في عرْض البحر قبالة ساحل شمال غزة، فيما لم يعلن الاحتلال تفاصيل الحادث أو الأضرار التي نجمت عنه. وكانت وسائل إعلام عبرية كشفت، العام الفائت، أن «حماس» طوّرت طائرة مسيَّرة تحمل صاروخاً برأس قتالي مضادّ للدبابات، موضحةً أن هذه الطائرة هي نسخة من مسيّرات مسلّحة بصواريخ، تُستخدم من قِبَل جيوش وتنظيمات مِن مِثل «حزب الله»، علماً أن الحركة استخدمت في مواجهة أيار 2021 طائرة «شهاب» الانتحارية، واستهدفت بها مصنعاً للكيماويات في إحدى مستوطنات غلاف غزة.