ملف الترسيم: تفاؤل الأسبوع الحاسم
إسرائيل تتحدث عن «اتفاق قريب جداً جداً»: أسبوع حاسم لملف الترسيم
المؤشرات «الإيجابية» حول مسار المفاوضات في شأن ترسيم الحدود البحرية، لم تسقط الحذر لدى الجهات المعنية في لبنان، سواء على مستوى أركان الدولة والعاملين على الملف، أو على مستوى المقاومة التي بقيت في حالة استنفار لمواجهة أي طارئ.
غير أن اللافت أمس تمثّل في جرعة جديدة من التسريبات الإسرائيلية حول اتفاق وشيك. وأن الاتفاق لا يبدو مقبولاً عند الجبهة السياسية الإسرائيلية، ما يُنذر باندلاع أزمة سياسية عنوانها «رفض الاتفاق مع لبنان» وفق صيغته الحالية. إذ يتهم معارضون لحكومة يائير لابيد الأخير بـ«التخلي عن أجزاء من إسرائيل لصالح دولة أخرى»، وهو ما يجهد الأميركيون والإسرائيليون لتجنبه ومنع انعكاسه سلباً على الاتفاق.
المتابعة على الضفة اللبنانية توحي بتقدم حيال الملف. وكان البارز أمس كلام رئيس الجمهورية ميشال عون عن أن «مفاوضات ترسيم الحدود البحرية في مراحلها الأخيرة»، ما يشير إلى معلومات مؤكدة متوافرة على هذا الصعيد، تضاف إلى الأجواء التي توحي بانحصار البحث في بعض التفاصيل التقنية.
من جانب العدو، جرى الحديث عن مهلة أسبوعين على أبعد تقدير لإنجاز الاتفاق، فيما ذهبت القناة 12 العبرية بعيداً إذ نقلت أن «الاتفاق مع لبنان قريباً جداً جداً جداً». الأجواء ذاتها واكبها الكاتب عاموس هرائيل في صحيفة «هآرتس»، عازياً تزايد التفاؤل في شأن فرص التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع، إلى المقترح الأخير الذي حمله هوكشتين من تل أبيب والقائم على التنازلات المتبادلة.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الخط المقترح أقرب إلى المطلب اللبناني. وزعمت أن إسرائيل طالبت بإجراء «تغييرات لصالح لبنان في عمق المنطقة وليس بالقرب من الساحل، بهدف السماح بمساحة دفاعية أكبر ضد التهديدات المحتملة من البحر بالقرب من الساحل»، وهو ما فسر في مقترح المنطقة الآمنة.
تشديد الإعلام الإسرائيلي جاء في سياق تفسير الموقف الذي يمثله رئيس حكومة العدو الذي أعلن بوضوح عن إيمانه بـ«التوصل إلى اتفاق حول الخط البحري بشكل يخدم مصالح مواطني الدولتين». كلام لابيد الذي تضمّن كثيراً من الشرح، أتى في سياق الرسائل التي يسوّقها في محاولاته لإقناع النخبة في تل أبيب بأهمية الاتفاق، بعدما أدّت التسريبات عن احتمال التوصل إليه إلى موجه غضب سياسي عارمة في تل أبيب، لامست حدود اندلاع انتفاضة سياسية في وجه الاتفاق، خصوصاً وسط المعسكر اليميني – المتدين. وقد تولى رئيس كتلة «شاس» في الكنيست ميخال ملخيالي ترجمة مخاوف هذا المعسكر، حين اتهم لابيد بأنه «يجري اتصالات لتسليم أراضٍ إسرائيلية تساوي عشرات مليارات الشواكل من دون مشاورات ومن دون غطاء قانوني»، فيما اتهم سفير العدو السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون لابيد بمحاولة «تنويم مواطني إسرائيل لإخفاء حقيقة بسيطة (هي) أنه مردوع من حزب الله». كلام ملخيالي ودانون يدل على شرخ في الجبهة الداخلية، ليس الاتفاق الوشيك المسؤول الوحيد عنه، بل دور المقاومة فيه، بعدما فرضت تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نفسها على المشهد. وهو ما عبّر عنه المعلق العسكري في موقع «مكور ريشون» اليميني نوعام أمير بالقول: «المعادلة جدا بسيطة. إذا تم استخراج الغاز قبل الاتفاق، نصر الله سيطلق صواريخه على كاريش. واذا اطلق نصر الله نيرانه ينبغي على إسرائيل أن ترد. ويعني ذلك مواجهة عسكرية. لا أرى سيناريو تستخرج فيه إسرائيل الغاز بدون اتفاق مع لبنان».
الحديث عن مهلة الأسبوعين الفاصلة عن الاتفاق، جدد الإشارة إليه موقع «غلوبس» الاقتصادي الإسرائيلي، ناقلاً عمن سماها «مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات» آمالاً في الانتهاء من الاتفاق في غضون أسبوع، رغم إشارته إلى بعض الخلافات التي تؤخر استكماله، أحدها يتعلق بنقطة البداية للحدود في شاطئ الناقورة، فيما الثانية تتعلق بالجزر ذات التأثير في مسار الحدود، وتتعلق الثالثة بالمسافة التي تطلبها الجهات الأمنية الإسرائيلية بين منصات الإنتاج لشركة «إنيرجيان» والشركة التي يفترض أن تعمل في المنطقة البحرية/ الاقتصادية اللبنانية، أي في «حقل قانا».
لبنانياً، ورغم الحديث حول التفاؤل وارتفاع حدة المواقف الإسرائيلية داخلياً، خيّمت على بيروت موجة حذر شديد تبعاً للنقاش الداخلي الإسرائيلي وانصراف فريق داخل الكيان إلى تعمّد تعويم أجواء إيجابية توحي باقتراب الحل، رغم عدم انتهاء النقاش التقني على المستوى اللبناني حول عدد من النقاط التي تضمنها المقترح الأخير الذي حمله هوكشتين والتعديلات التي قدمها وفد تقني عسكري لبناني حولها. وسط هذه الأجواء، استرعت الانتباه تسريبات إسرائيلية توحي بأن لبنان قدم ردّه على العرض الأخير لهوكشتين وتضمن تخلياً عن أجزاء من مياهه تحت مسمى «المنطقة الآمنة». لذلك بات مطلوباً طرح جملة من الاستفسارات حول النقاشات التقنية الأخيرة وما ترتب عنها: هل أُنجزَ تصور نهائي حول الوضعية التي سيكون عليها الخط الإسرائيلي رقم 1 مستقبلاً؟ وهل سيدفع أي اتفاق الأمم المتحدة إلى إزالة هذا الخط؟ ما هي وضعية النقاط: رأس الناقورة، B1، ونفق سكة الحديد في أي اتفاق؟ ما هي النقطة التي تم اعتمادها كنقطة انطلاق للخط الجديد؟ وهل تلقّى لبنان ضمانات بالحفاظ على نقاط التأثير على الحدود البرية؟
مسؤول لبناني مشارك في الاتصالات أكّد أن كل ما يشاع يمكن حسم نتيجته خلال أيام. وأضاف في اتصال مع «الأخبار» أن الجميع «أمام أسبوع حاسم»!