يُكثّف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لقاءاته واتصالاته بعد الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد.
تُحاذر كلّ قوة سياسية الدخول في الأسماء لأن خطوة كهذه تعتبر «محرقة»، وبعد إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع عدم نيته الترشّح وإعطاء الأولوية لاتفاق المعارضة على رئيس إنقاذي، يبقى انتظار خطوات رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل وما إذا كان سيترشّح شخصياً أو يرشّح أحداً من تكتّله، أو يسير برغبة «حزب الله» الداعية إلى الاتّحاد من أجل خطف منصب الرئاسة.
ويحاول «حزب الله» التوفيق بين حلفائه، وتبدو مهمة إقناع باسيل واردة إذا مُنح المكاسب التي يحلم بها، لكن الواضح أن رئاسة الجمهورية لا يُقرّرها فريق من هنا أو رغبة من هناك.
ويرى البطريرك الماروني أن هناك غيمة سوداء تُحلّق فوق الإستحقاق، ولذلك فهو يرفع منسوب مطالباته وسقف عظاته من أجل حثّ النواب على القيام بالواجب وعدم تكرار مرحلة الفراغ الرئاسي.
وحتى الساعة، يغيب التفاؤل عن بكركي بسبب عدم النية الجدية بانتخاب رئيس إنقاذي، وإصرار فريق سياسي معين على الإمساك بخيوط اللعبة، ولكن على رغم وجود التشاؤم إلا أن الراعي يؤكّد في مجالسه أن وتيرة الضغط سترتفع لكي ننتخب رئيساً قبل31 تشرين الأول، لكنه يُبدي قناعة واضحة أنه إذا حصل الفراغ «المشؤوم»، فإن فترته لن تطول كما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.
ويشدد الراعي على أن أحداً من الأفرقاء الداخليين وعلى رأسهم «حزب الله» لن يستطيع أن يتحمّل عبء الفراغ وتداعياته ولو كانت لديه أهداف كبرى، في حين أن الدول الكبرى وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ستتحرّك من أجل تجنيب لبنان مزيداً من الإنهيار، لذلك فإن الفراغ الطويل الأمد ممنوع في لبنان وفي سدّة رئاسة الجمهورية تحديداً.
وإذا كانت مواقف الراعي وعظاته واضحة في تحديد مواصفات الرئيس الجديد، إلا أنه وعلى رغم تشرذم المعارضة واثق من أن محور «الممانعة» لن يستطيع وحده إنتخاب رئيس أو فرض رئيس يتحدّى به الأفرقاء الداخليين والدول العربية والغربية، بل إن التوازنات التي فرضتها الإنتخابات النيابية وتشكّل نواة معارضة رئاسية، كلها عوامل تمنع «حزب الله» من الإستفراد بالإستحقاق الرئاسي واختياره رئيس جمهورية موالياً له كما يفعل في انتخابات رئيس مجلس النواب.
لا يضع سيّد بكركي «فيتو» على أيّ اسم أو يسوّق أي مرشح، فكل همّه أن يأتي الرئيس إنقاذياً وعلى دراية تامة بأزمة لبنان والأهم أن يكون قادراً على حلّها، لا أن يُشكّل إمتداداً لها ويضرب ما تبقّى من سيادة وهيبة للدولة ويزيد من عزلة لبنان ويقطع ما تبقّى من علاقاته الخارجية.
إذاً، هناك أسابيع حاسمة بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، وإذا كان الفراغ هو المرشح الأكبر، إلا أنّ لدى الراعي أملاً بأن هذا البلد ليس متروكاً لقدره.