كيف يقوم الصهاينة بتهويد المسجد الاقصى؟
منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بال عام 1897 و”الأصولية الصهيونية” تدعو في دعايتها السياسية يهود الأعراق المختلفة، إلى توجيه عاطفتهم الدينية نحو المكان المقدس – أو قدس الأقداس – كما تزعم أي نحو “الهيكل”، ولقد تطورت هذه الدعاية منذ أن انتزعت هذه الأصولية المتطرفة “وعد بلفور”، وانتقلت حملتها الدعائية، إلى التركيز على ضرورة تغيير الوضع القانوني للأماكن المقدسة، وخصوصاً “المسجد الأقصى”.
بداية، أثبتت الحقائق التاريخية، نوايا “الأصولية الصهيونية” الحاقدة والعدوانية ضد المقدسات الدينية في مدينة القدس العتيقة، وآخرها منع وصول العرب الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى مراراً وتكراراً، والاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى، ومحاولة منع المصلين من دخول كنيسة القيامة، وذلك بعد اكتمال بناء جدار الفصل والضم العنصري تمهيداً وتسهيلاً لهدم المسجد الأقصى فيما بعد.
لكن الحقيقة التاريخية لوضع القدس ومبانيها المقدسة تبقى لا تتغير… وخاصة بالنسبة للمسجد الأقصى، وما تحاول “الأصولية السياسية الصهيونية” تزييفه حول تاريخ حائط المبكى، هو باطل بالاستناد إلى الحقائق التي تثبتها المراجع التاريخية والتي أخذت بها المنظمات الدولية في معالجتها لهذه القضية في مراحلها المختلفة، فحائط المبكى، أو الجدار الغربي للحرم الشريف، ويسمى كذلك لأن اليهود اعتادوا زيارته وتأدية الطقوس الدينية حوله، والمميزة بالبكاء على مجدهم الغابر وهيكلهم المزعوم الضائع، والذي كان “النبي سليمان”(ع) قد بناه في عهده الذي امتد ما بين 972-933 (ق.م) ثم هدم على أيدي الامبراطور الآشوري “نبوخذ نصر” عام 587 (ق.م).
أما جذور “المسجد الأقصى” فتشير المصادر التاريخية أنه مع وصول الاسلام إلى بلاد الشام – وفيها القدس – رفض النصارى تسليم مفاتيح القدس إلا للخليفة “عمر بن الخطاب” وعندما حضر، سأل الخليفة عن مكان الصخرة الذي علاه التراب والزبل فكشف عنها وبنى عليها مسجداً.
وفي الربع الأول من القرن العشرين، وبعد العام 1919 أهمل المسجد وحدثت عدة زلازل أثرى على عمارته، فجاء ترميمه من قبل المجلس الإسلامي الأعلى في القدس. لكنه تعرض لزلزال آخر فأعاد المجلس الإسلامي ترميمه وانتهى العمل عام 1943.
في نهاية الحرب العالمية الأولى، وفي العام 1920 طالب الحاخام الأكبر “ابراهام اسحق لوك” ومجلس الربانيين اليهود في فلسطين والحاخام الأكبر في رومانيا “إبرهيم روزنباخ” بتسليم “المسجد الأقصى” لليهود.
وفي عام 1929 أعلن ما يسمى بـ”الزعيم” الصهيوني “كلوزنز” وهو رئيس “جمعية الدفاع عن الحائط المبكى”، أعلن في تصريح نشرته جريدة “بالستاين ويكلي” اليهودية أن “المسجد الأقصى” القائم على قدس الأقداس في الهيكل هو لليهود”.
وفي 20 آب/أغسطس 1929 حاول اليهود تغيير الأوضاع الراهنة عند حائط البراق والاعتداء على المسجد واحتلال جزء منه مما ولد الغضب الشعبي العربي الفلسطيني فانطلقت في اليوم التالي، تظاهرة كبرى ضد المعتدين، وما لبثت الاضطرابات أن عمّت مدن فلسطين والتهبت الأحداث التي عُرفت ب”ثورة البراق” التي عمّت الخليل وصفد ويافا والقسم الغربي من مدينة حيفا. انتهت الانتفاضة بإرسال بريطانيا لجنة دولية وضعت ما يُسمى بنظام “الوضع القائم” الذي نص بعض فقراته على ما يلي:
-تعود للمسلمين وحدهم ملكية الحائط الغربي، أي حائط المبكى، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الرحم القدسي الشريف.
-تعود للمسلمين أيضاً ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة ب”باب المغاربة” المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير.
-لا يجوز اعتبار أدوات العبادة التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط، أمراً من شأنه ترتيب أي حق لليهود في الحائط أو الرصيف المجاور له.
واستمر نظام “الوضع القائم” أعلاه، سارياً حتى نشوب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 واستيلاء الكيان المؤقت على القدس. حيث راحت جماعات يهودية صهيونية تعمل على انتهاك المقدسات الدينية للمسلمين، وتسعى بحجة التنقيب عن الآثار إلى هدم “المسجد الأقصى”.
في العام 1930 كتب “ألفرد موند” أحد زعماء الصهاينة: “أن اليوم الذي سيعاد فيه بناء الهيكل أصبح قريباً جداً”، وأضاف: “إنني سأكّرس ما بقي من حياتي لبناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى”.
في معارك العام 1948 حاولت عصابات “الهاغاناه” اقتحام سور القدس القديم والوصول إلى “المسجد الأقصى” لكن قوات المقاومة الفلسطينية صدّت هذه العصابات وردتها على أعقابها.
وفي عام 1967 قامت سلطات الكيان المؤقت بعد احتلال الجزء الشرقي من القدس بمصادرة مفاتيح باب المغاربة، ولم تعدها.
وفي 13 حزيران/يونيو 1967 حاولت قوات الكيان المؤقت هدم الحرم القدسي، و”حي المغاربة” القائم أمام حائط البراق، كما بدأت فرق التخريب الصهيونية في التنقيب عن الآثار في جامع الزاوية، والجامع الواقع جنوب حائط المبكى.
وفي 21 آب/ أغسطس أقدمت الحكومة الصهيونية على حرق “المسجد الأقصى” على يد صهيوني متطرف أسترالي يُدعى “دنيس روهان”، وادعت أنه مختل عقلياً ومهووساً في وقت لاحق. وقد بلغت المساحة المحروقة حوالي 1500م2، وتدمر بشكل كامل السقف الجنوبي الشرقي للمسجد.
سجل الاعتداءات الإسرائيلية طويل في الاعتداء على “المسجد الأقصى” فقد تتالت عمليات الإحراق والاقتحامات. والجماعات المتطرفة الصهيونية لا تألوا جهداً في سعيها لهدم “المسجد الأقصى” بهدف إعادة بناء الهيكل المزعوم، ولكن لطالما كان الشعب الفلسطيني والمقاومة بالمرصاد لعصابات الكيان المؤقت وجماعاته المتطرفة.
الكاتب: غرفة التحرير