وأخيراً، حظي الرئيس نجيب ميقاتي بـ«عدم ممانعة» أميركية بقبول هبة الفيول الإيرانية، لكن شرط ألا يكون هناك أي تواصل سياسي حول الأمر، وهو ما دفع برئيس الحكومة إلى الطلب من وزير الطاقة وليد فياض إرسال وفد تقني وفني من الوزارة ومن شركة كهرباء لبنان إلى طهران، لا يكون وزير الطاقة على رأسه. كما اشترط ميقاتي الحصول على ضمانات بألا ترتّب الهبة أي تكاليف على لبنان، بما فيها تكاليف عمليات المبادلة بين النفط الإيراني والفيول المطابق للمواصفات اللبنانية، وأن يسعى الوفد إلى الحصول على هبة كبيرة تتيح إنتاج خمس ساعات من التغذية يومياً، ولفترة زمنية طويلة.

وبعدَ الاتصال الهاتفي بين النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية في إيران محمد مخبر مع الرئيسين نبيه بري وميقاتي، وتأكيده أن بلاده «تدعم كافة المشاريع التي تؤدي إلى استقرار لبنان»، وبعدَ الجواب الرسمي الذي تسلّمه رئيس الحكومة على كتاب المواصفات الخاصة بالفيول من السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، طلب ميقاتي من وزير الطاقة تشكيل وفد تقني لزيارة إيران والبحث في ملف الفيول ومعامل الإنتاج. وعلمت «الأخبار» أن وزارة الطاقة أرسلت كتاباً إلى رئيس الحكومة ذكرت فيه أسماء أعضاء الوفد وهم: مدير عام النفط ومدير عام الاستثمار بالإنابة المهندسة أورور الفغالي، مساعد المدير العام لمنشآت النفط المهندس زاهر سليمان، مدير الإنتاج في مؤسسة كهرباء لبنان المهندس بشارة عطية والإداري محمد حجازي من مؤسسة كهرباء لبنان. وبعدَ موافقة رئيس الحكومة أرسلت الوزارة كتاباً إلى السفير الإيراني تُعلِمه فيه بتشكيل الوفد والأسماء وإمكان القيام بالزيارة «الأسبوع المقبل لمناقشة كافة الأوجه الفنية والإدارية والتعاقدية لوضع الهبة على سكة التنفيذ في أسرع وقت ممكن».
وبحسب مصادر معنية، فإن الوفد سيسعى إلى طرح الاستفادة من كمية 75 ألف طن من الفيول شهرياً بما يسمح للبنان بالحصول على 5 ساعات تغذية تضاف إلى ساعتين يومياً توفرهما شركة كهرباء لبنان من الفيول العراقي والمعامل الكهرومائية.
إلى ذلك، برزت مشكلة جديدة أثارتها الشركات الإماراتية التي فازت بعقد تحويل الفيول العراقي إلى فيول يناسب المعامل اللبنانية. إذ إن هذه الشركات تشكو من أن المادة العراقية غير مطابقة لكثير من المواصفات العالمية وإنها تضطر لاستهلاك قسم كبير منها ما يجعل العائد للبنان لا يتجاوز 30 ألف طن شهرياً، وهو أقل مما كان منتظراً، مع تلويح باللجوء إلى إجراءات قضائية للحصول على كميات تعويضية من الجانب العراقي الذي لا يزال يدرس إمكانية مضاعفة الكمية التي يطلبها لبنان.

صفقات وسمسرات
في غضون ذلك، هناك دائماً من ينتظر «على المفرق» للاستثمار في الأزمة وتحقيق مكاسب على حساب الخزينة اللبنانية المفلسة. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن بغداد طالبت لبنان بإيداع مبالغ بالليرة اللبنانية كثمن الفيول في حساب خاص في مصرف لبنان تعود موجوداته إلى الحكومة العراقية، على أن تقايض هذه الأموال بشراء منتجات وخدمات من لبنان.وبعدما تبين أن مبادلة الخدمات الطبية والصحية ليست على قدر الآمال، فقد ظهرت إلى العلن معالم صفقة تشمل حصول الحكومة العراقية على كمية من الكتب المدرسية والقرطاسية التي تحتاجها للعام الدراسي المقبل. وهنا، وجد البعض ضالته في ترتيب صفقة بين وزارة التعليم في العراق وبين شركة تحسين خياط وأولاده للفوز بالصفقة التي يتردد أن قيمتها تتجاوز الـ200 مليون دولار أميركي.

وبعدما جرى لفت انتباه السفارة العراقية في لبنان إلى أهمية توزيع المبلغ على أكثر من جهة، شككت مصادر واسعة الاطلاع بإمكانية حصول ذلك. إذ إن السفارة العراقية قد تكتفي بدعوة عدد من العاملين في حقل الطباعة والنشر إلى اجتماع شكلي، فيما يبدو الملف منجزاً لمصلحة آل خياط، مع الإشارة إلى أن خياط سيقبض المبلغ بالليرة اللبنانية من مصرف لبنان، لكن مع تعهد من حاكم المصرف رياض سلامة، وهو صديق آل خياط وتلفزيون الجديد، بتحويل المبلغ إلى دولارات يتم صرفها على أساس سعر منصة «صيرفة»، ما يتيح للشركة تحقيق أرباح إضافية بنسبة 20 في المئة، هي الفارق بين سعر «صيرفة» وسعر السوق السوداء.
وعلمت «الأخبار» أن تفاصيل الصفقة تجري عبر الوزارة المعنية في بغداد والسفارة العراقية في بيروت، وليس على مستويات أعلى.