مرفأ بيروت ينفجر قضائياً والبيطار لن يتراجع “الأطراف المتضررة” تدرس خطواتها
وكتبت” النهار”: على امل الا تكون ترجمة التهديد بـ”فوضى دستورية” قد بدأت من بوابة الجسم القضائي الذي يعاني أساسا اخطر ما واجهه من أزمات، زاد حدتها الاضراب الواسع للقضاة منذ أسابيع، اقتحمت تداعيات الاجراء – السابقة المتعلق بتعيين قاض رديف في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت تعقيدات الازمات السياسية والحياتية والاجتماعية، وأضافت اليها عاصفة ردود فعل رافضة تنذر بتحول هذا التطور الخطير على مستوى المناعة القضائية الى فتيل ملتهب على صعد مختلفة. ولعل المفارقة الغريبة التي واكبت هذه القضية وجعلتها تقفز الى واجهة التعقيدات التي تحتل المشهد الداخلي في عز العد العكسي لاستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، ان تيار العهد العوني ضرب ضربته في الضغط على رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود من خلال “كتاب عاجل” أولا لوزير العدل المحسوب على العهد، وثانيا من خلال وفد نيابي من كتلة “التيار الوطني الحر” مارست ضغطا حادا مباشرا على عبود، وادى هذا الضغط المزدوج الى اثبات التدخل السياسي علنا وبلا أي قفازات من جانب العهد وتياره. ولم يكن تزامن الإعلان الصادم عن قبول مجلس القضاء الأعلى باقتراح وزير العدل تعيين قاض رديف للمحقق العدلي في ملف المرفأ طارق بيطار، مع المؤتمر الصحافي لرئيس التيار العوني جبران باسيل الذي اطلق فيه تهديدات بفوضى دستورية، سوى خطوة مقررة سلفا رأت فيها الأوساط المعنية البداية العملية لذاك الـ”شيء” الذي يجري التخطيط لتنفيذه اذا حلت الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية ولم تتضح معالم الرئيس المقبل للجمهورية او اذا ازدادت معالم الفراغ الرئاسي.
وغداة موافقة مجلس القضاء الاعلى على تعيين قاض رديف للنظر في تحقيقات انفجار المرفأ الى حين البت بكف يد المحقق العدلي طارق البيطار، نفذ أهالي ضحايا المرفأ وقفة امام قصر العدل منعا لتخريب التحقيق. واعلن بيان باسم الأهالي “نحن مع عودة العمل إلى التحقيقات وإكمال المُحقق العدلي طارق البيطار عمله بعيداً عن المناكفات السياسية التي تقوم بها السلطة في التعيينات، ونريد أن نأخذ حقنا وإحقاق العدالة”. وطالب المعتصمون المحقق العدلي بيطار بالثبات في موقعه . ومساء تظاهر عدد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ امام منزل وزير العدل هنري خوري في الحازميه وحاولوا الدخول واطلقوا هتافات عنيفة ضد الوزير.
وكتبت” نداء الوطن”: كشفت مصادر واسعة الاطلاع على كواليس التحضير لهذا “السيناريو المدبّر لتعيين قاضٍ عوني رديف للمحقق العدلي في سبيل تطويقه في أقل تقدير أو قبعه من منصبه من خلال استفزازه بهذه الخطوة ودفعه إلى الاستقالة” عن أنّ الفترة الأخيرة شهدت “ضغوطاً سياسية كبيرة على مجلس القضاء الأعلى من جانب قصر بعبدا و”التيار الوطني” بمؤازرة من الثنائي الشيعي لقبول مبدأ تعيين القاضي الرديف في ملف التحقيق بانفجار المرفأ، وذلك تحت وطأة شنّ هجوم سياسي علني، سواءً من قبل باسيل نفسه، أو من قبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب من القصر الجمهوري، على مجلس القضاء، توازياً مع تنظيم اعتصامات لمناصري “التيار الوطني” أمام قصر العدل بالتزامن مع إرسال 6 نواب من “التيار” إلى العدلية للضغط في مسألة ضرورة البتّ بإخلاء عدد من الموقوفين على ذمة التحقيق العدلي قبل نهاية العهد”. وأوضحت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ “المسؤولية لا تقع على رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وحده في اتخاذ القرارات، فالمجلس يجتمع وإذا لم يخرج بقرار بالإجماع يصار إلى اعتماد آلية التصويت لبت القرار، ومعلوم أنّ غالبية أعضاء مجلس القضاء محسوبة على “التيار الوطني” و”الثنائي الشيعي”، لذلك خرج قرار الموافقة على تعيين قاض رديف للمحقق العدلي في مصلحة هذين الفريقين”، مشيرةً إلى أنّ “تقاطع المصالح بين باسيل والثنائي الشيعي الرافض لاستمرار القاضي البيطار في منصبه أفضى إلى هذه النتيجة غير القانونية التي من شأنها أن تشل التحقيق العدلي وتطيح بنتائجه”.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر قضائية لـ”نداء الوطن” أنّ ما جرى أقل ما يقال فيه إنه “سابقة غير مألوفة في القضاء”، واصفةً قرار تعيين محقق عدلي رديف بأنه “قرار منعدم الوجود قانوناً لأنّ المحقق العدلي الأصيل في الملف ليس خارج البلاد كما حصل عام 2006 ولا هو متقاعس عن القيام بواجباته بل هو مكفوف اليد ومتوقف قسراً عن استكمال تحقيقاته”، وبناءً عليه، لفتت المصادر إلى وجود “امتعاض كبير داخل الجسم القضائي نتيجة القرار الذي اتُّخذ تحت وطأة الضغوط السياسية ومن شأنه أن يعطل التحقيقات ويطعن بمصداقيتها ويعمّق الشروخ داخل أروقة قصر العدل”، مشددةً على أنّ “أي قاض يقبل بأن يستلم هذه المهمة سيكون محل ارتياب مشروع لأنه يستند في ذلك إلى قرار منعدم الوجود وغير مبني على أسس قانونية”، وسألت: “كيف سيبت اي قاض رديف بإخلاءات السبيل سريعاً كما يراد منه، بينما قراءة الملف فقط تحتاج إلى نحو ستة أشهر كما حصل مع القاضي البيطار عندما استلم مهامه؟”.وكشفت أوساط الأهالي لـ”نداء الوطن” أنّ الأطراف المتضررة من هذه الخطوة تتدارس حالياً خياراتها وخطواتها للرد على محاولة طمس الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ، مبديةً قناعتها بأنّ “المطالبة بتحقيق دولي في الجريمة باتت تتصدر الخيارات لأنّ السلطة من خلال ما أقدمت عليه من ضغوط على مجلس القضاء الأعلى لإنهاء التحقيق العدلي المحلي، أكدت بما لا يرقى إليه أدنى شك استحالة تحقيق العدالة في أي قضية في لبنان من دون وجود تحقيق دولي”، وشددت في الوقت عينه على وجوب عدم إقدام القاضي البيطار على الاستقالة “لأنه إذا فعل يكون بذلك قدّم أكبر خدمة للأطراف السياسيين الراغبين بطمس الحقيقة وتجهيل المرتكبين والمتواطئين في جريمة 4 آب”.
واتهمت مصادر سياسية عبر «البناء» بعض الجهات السياسية بتحريك الشارع للضغط السياسيّ على القضاء للحؤول دون تعيين قاض آخر للنظر بقضية الموقوفين الأمر الذي سيؤدي الى تهميش دور القاضي بيطار والإبقاء على كف يده عن الملف، وإخلاء سبيل الموقوفين فيما المطلوب إبقاؤهم قيد التوقيف لتحويلهم الى كبش محرقة وتضليل التحقيق وحرفه عن مساره والتعمية عن الجهات المسؤولية عن التفجير وأسبابه.
كما اتهمت القاضي بيطار والجهات السياسية الداعمة له في الداخل والخارج بممارسة دور مشبوه في الملف للإبقاء على الاستغلال السياسي الداخلي والخارجي وورقة تستخدم لتهديد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي من خلال خلق فتن طائفية كما حصل في الطيونة وفتن بين أهالي الضحايا وأهالي الموقوفين.
وتساءلت المصادر عن السبب الذي يقف خلف رفض بيطار تقديم استقالته والتنحّي عن الملف، طالما أن يده مكفوفة عن الملف وقد يطول الأمر للعام الجديد وطالما لم يصدر قراره الظنيّ قبل كفّ يده؟ وشددت على أن ملف المرفأ لم تنته فصوله بعد، بل سيستخدم مجدداً كأداة للضغط السياسي في الاستحقاقات المقبلة لا سيما ترسيم الحدود والحكومة والانتخابات الرئاسية.
واعتبر وزير العدل تعليقاً على تحريك الشارع أمام باب منزله، أن «ما يحصل عيب، وكل ما فعلته بتعيين قاضٍ رديف في ملف مرفأ بيروت هو لحلحلة الموضوع»، مشدداً على «أننا لم نقصِ القاضي طارق البيطار».
وأكد الخوري، في حديث تلفزيوني «أننا لم نطلب من القاضي الرديف البتّ بالملف، وقرار التعيين جاء لأن هناك موقوفين منذ فترة طويلة وهذه جريمة، وكل همّي هو إنهاء الملف».
وكتبت” اللواء”: لاحظت مصادر سياسية أن ردة فعل النواب الجدد التغييرين، على الصفقة الفضيحة التي نفذها الفريق الرئاسي، بموافقة اكثر من طرف سياسي وحزبي،لتعيين محقق عدلي رديف، للمحقق طارق البيطار، في جريمة تفجير مرفأ بيروت، لم تكن على مستوى هذه الفضيحة التي تهدف لنسف كل التحقيقات وقطع الطريق على اي محاولة اوجهد قضائي لكشف الحقيقية وملاحقة المتورطين فيها،تمهيدا للفلفة الجريمة كلها في وقت لاحق.
وكشفت المصادر ان نائب رئيس المجلس النيابي الياس ابو صعب لعب دور الوسيط بين الرئاسة الاولى والرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وحزب الله، للتوصل الى الصفقة الفضيحة التي تفاعلت خلال الساعات الماضية، وتنذر بتصعيد محتمل من قبل اهالي الضحايا، ضد وزير العدل الذي تحرك بضغط من الرئاسة الاولى ووجه الكتاب إلى مجلس القضاء الاعلى لتعيين المحقق الرديف بالقضية، في حين لوحظ ان تجاوب المجلس المذكور مع الكتاب،وبهذه السرعة،كان مستغربا،ومثيرا للتساؤلات.
ونقلت ” الديار” عن نائب معارض وصفه الاقتراح بالصدمة والخطوة التي شكلت مفاجأة للجميع من قبل رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، الذي تميز بدفاعه عن القاضي البيطار، ورفضه نقل الملف الى قاضٍ آخر، لكن ما الذي جرى؟ ومن دخل على الخط ؟
ورأى النائب انّ ما يحصل مُستغرب ويقارب البدعة التي انتجت قراراً غير مسبوق، ادى الى تعيين محققين عدليين في قضية واحدة، ما سيخلق أزمة جديدة ستنعكس سلباً على القضاء بشكل عام، الذي لم يشهد في تاريخه الصورة القاتمة التي نراها جميعاً في دارته.
واشار الى انّ القاضي البيطار لا يستكين بسهولة ولا يتراجع، بل نفسه طويل وإلا لما نجح في عمله، وهو بالتأكيد لن يستقيل كما تردّد في الامس، بل سيرفض القرار وسيمتنع عن تسليم الملف الذي شارف على نهايته، وعلى وشك إصدار القرار الاتهامي، فلماذا يريدون العودة الى المربع الاول ونسف التحقيقات التي جرت؟
وفي السياق الاداري، سيقوم وزير العدل بإختيار ثلاثة أسماء، مؤهلة لتولّي منصب القاضي الرديف، وقد تردّد من ضمنهم إسم القاضي فادي عقيقي، بحيث يتم التداول بإسمه منذ يوم امس، على ان يعود الاختيار الى مجلس القضاء الاعلى من بين الاسماء المطروحة.