ردّ النائب جبران باسيل، أمس، على الحملة التي شنت ضد التيار الوطني الحر وضده وضد الرئيس ميشال عون، وشن هجوماً مضاداً استهدف فيه بشكل رئيسي الرئيس نبيه بري وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع. لكن التحذير الأبرز كان موجها إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لناحية أن عدم تشكيل حكومة كاملة المواصفات خلال ما تبقى من ولاية الرئيس عون سيفتح الباب على ما هو أوسع من الفوضى الدستورية، و««الفوضى الدستورية تبرّر الفوضى المقابلة».
ومع أن الاتصالات الصباحية حاولت ثني باسيل عن خوض معركة مفتوحة مع الجميع تقريباً – باستثناء حزب الله – إلا أنه غمز من قناة الحزب بما خص موقف الرئيس بري من ملف الحصار الأميركي في ملف الكهرباء، خصوصاً لناحية أن بري كما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس ميقاتي يتحدثون عن أن العائق أمام تسهيل أميركا إقرار عقود استجرار الطاقة من مصر والأردن مرده عدم تشكيل الهيئة الناظمة في قطاع الطاقة في لبنان وهو الأمر الذي لا يزال محل خلافات داخلية.
مواقف باسيل أرضت قاعدته الشعبية من دون شك، لكنها فتحت باب المواجهات مع الآخرين على مستويات عدة:
– في الملف الرئاسي بدا باسيل أقرب إلى تفاهم وطني على رئيس جديد ما يعني أنه يقطع الطريق على فكرة دعمه ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، وهو موقف يثبت نظرة باسيل إلى فرنجية بوصفه لا يحظى بمواصفات الرئيس المفترض توليه معركة الإنقاذ.

– في الملف الدستوري، سارع باسيل إلى تقديم اجتهاد إضافي بما خص صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في حالة الشغور الرئاسي، معتبراً أن كل وزير سيقوم مقام رئيس الجمهورية وليس مجلس الوزراء مجتمعاً. وهذا يعني أن باسيل يقول لخصومه المحليين إنكم في حال اعتقدتم أن خروج الرئيس عون يمنحكم فرصة العمل من دون انتظار توقيعه، فإن الوزراء الذين يمثلونه سيبادرون إلى قرارات وخطوات لا تحتاج إلى موافقة رئيس الحكومة ولا حتى إلى موافقة مجلس الوزراء، ما يعني أن سلاح التوقيع سيظل قائماً.
– في الملف الحكومي ومعركة الصلاحيات التي يرى باسيل أنها تعرض التوافق الوطني لخطر، تقدم باسيل خطوة إلى الأمام مهدداً بانتفاضة ضد أي حكومة غير مكتملة المواصفات تحاول الحلول مكان رئيس الجمهورية في حالة عدم انتخاب رئيس جديد ضمن الموعد الدستوري المقرر.
– في ملف الترسيم الحدودي مع العدو، تبنى باسيل وجهة نظر المقاومة لناحية تثبيت معادلات غاز مقابل غاز، ملمحاً إلى المعطيات الواردة من أميركا بأن واشنطن وتل أبيب تفضلان تأجيل الترسيم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وقال باسيل صراحة إن في حال كان الأمر لمعالجة مشكلات إسرائيلية داخلية، وارتبط بوقف عمليات الاستخراج في كل البحر، فإن لبنان سينتظر قليلاً، لكن في حال بادر العدو إلى أي خطوة تستهدف حقوق لبنان فسيكون للبنان موقفه المختلف، ملمحاً إلى دور المقاومة في ردع العدو.
عملياً، فتح باسيل المعركة الداخلية الخاصة بكل الملفات بقوة. ومع أنه تجنب السجال المباشر مع خصومه وتفادى الكلام الاستفزازي كالذي قيل بحقه، فإنه فرض عملياً على جدول الأعمال بنداً رئيسياً يفرض أمام اللجوء إلى حوار وطني سريع لمنع المزيد من الانقسامات أو الذهاب إلى فوضى لا أحد يريدها ولا أحد يعرف حجمها.

وكان باسيل أكد أن حكومة ميقاتي لا يمكنها استلام سلطات رئيس الجمهورية لأنها «ناقصة الصلاحيات وحكومة فاقدة لشرعية البرلمان الجديد»، مشدداً على «أننا لن نعترف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وسنعتبر الحكومة عندها مغتصبة سلطة وساقطة مجلسياً ودستورياً وميثاقياً وشعبياً، ولو اجتمع العالم كله على دعمها». وقال: «ما تجرّونا إلى ما لا نريده». واعتبر أن «الحكومة بحال الفراغ، أكان عددها 24 أو 30 أو 4، كل وزير فيها هو رئيس جمهورية. ومن يظن أنه سينتهي من ميشال عون بالرئاسة، سيلاقي أكثر من ميشال عون في الحكومة عندما يأتي الجد. ومن يظن أن عدم تأليف حكومة يمارس الضغط علينا لانتخاب رئيس، يقوم بمفعول عكسي معنا»
وشن باسيل هجوماً عنيفاً على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من دون أن يسميهما واصفاً إياهما بـ«ثنائي الطيونة»، وواصفاً خطاباتهما بـ«الفارغة من أي مضمون سياسي، ولا تحمل سوى الحقد والضغينة والتآمر، ونحن معتادون عليهم. واحد يتجنّب المنظومة ورئيسها، والثاني يتجنّب العمالة ورئيسها، ويذكروننا بجوهر تواطؤ الطيّونة». وحمّل «المجلس الأعلى للقضاء ورئيسه وبعض القضاة مسؤولية وقف سير العدالة في ملف المرفأ، والتوقيف الظالم والاعتباطي لعدد من الموظفين المظلومين»، داعياً إلى «إنهاء التحقيق وإصدار القرار الظني، ووقف غض النظر عن أمرين: تجارة الأمونيوم ومن المستفيد منها والعمل التخريبي المحتمل ومن قام به. ولا يجوز الاكتفاء بالتقصير الوظيفي الذي أصبح كيداً سياسياً يطاول فئات سياسية محدّدة»، ملوّحاً باللجوء إلى «قضاء غير لبناني».