تقوم الولايات المتحدة بالتعاون مع كيان الاحتلال وبعض دول الخليج على تشكيل قوة من الطائرات المسيرة لمواجهة ما تزعم بتسميته “التهديد الإيراني في الخليج والمنطقة”. وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف الإسرائيلية- الخليجية حيال قرب توقيع الاتفاق النووي، تسعى واشنطن لتقديم “جوائز ترضية” لكلا الجانبين للملمة الاعتراضات المتزايدة بما يتعلق بهذا الملف. في حين ان هناك من يشكك بفعالية هذه القوة، خاصة انها تحتاج لمبالغ طائلة من جهة، وعدم قدرتها على تنفيذ اعمال عسكرية او رادعة ضد الهدف المقصود، من جهة أخرى.
وحول هذا الطرح يقول الكاتب الأميركي في صحيفة “وول ستريت جورنال”، ديون نيسنوباوم، ان” المشرعين الأميركيين أثاروا مخاوف بشأن خطط القوة البحرية لبناء سفن أكبر بدون طيار، وهو برنامج قد يكلف مليارات الدولارات. لكن لا يزال يتعين على الجيش الأميركي تحديد كيفية الاستفادة من الطائرات الصغيرة بدون طيار وحمايتها من الهجوم والتصرف بناءً على المعلومات التي تنقلها”.
النص المترجم:
تعمل البحرية الأميركية مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط لبناء شبكة من الطائرات بدون طيار، في إطار السعي لتقييد الجيش الإيراني في المنطقة. وهو برنامج يأمل البنتاغون أن يكون نموذجاً للعمليات في جميع أنحاء العالم.
من جهتهم، قال مسؤولون أميركيون أن سفينة يديرها الحرس الثوري الإيراني حاولت الاستيلاء على طائرة بحرية أميركية بدون طيار – مزودة بكاميرات ورادار وأجهزة استشعار أخرى – لكنها تخلت عن هذا العمل بعد اقتراب سفينة حربية ومروحية أميركيتين.
ولسرية المعلومات، رفض الضباط الأميركيون الكشف عن عدد الطائرات بدون طيار التي نشرتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، أو إعطاء تفاصيل حول مكان وكيفية استخدامها، لكنهم أكدوا أن السفن والطائرات بدون طيار ستمنحهم رؤية أفضل فوق مياه المنطقة.
وبحلول الصيف المقبل، ذكرت البحرية الأميركية إنها تتوقع أن يكون لديها 100 طائرة استطلاع صغيرة بدون طيار – تساهم بها دول مختلفة – تعمل من قناة السويس في مصر وصولاً إلى المياه قبالة الساحل الإيراني، لتغذي بالمعلومات مركز القيادة في البحرين، مقر الأسطول الخامس الأميركي.
“أعتقد أننا حقاً على أعتاب ثورة تكنولوجية غير مأهولة” يقول النقيب، مايكل براسور، الذي يرأس فرقة العمل التابعة للبحرية الأميركية التي تعمل على بناء أسطول الطائرات بدون طيار في الشرق الأوسط.
وتعد المبادرة الأميركية التي دخلت شهرها السادس، جزءاً من علاقة تعاون مزدهرة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” ودول خليجية في أعقاب اتفاقات “أبراهام”، ما يعكس جهداً آخر تقوده واشنطن لتوحيد “إسرائيل” وجيرانها الخليجيين من خلال إنشاء شبكة دفاع جوي إقليمية.
من مركز العمليات الروبوتية في المنامة، يراقب أفراد البحرية الأميركية تقدم الطائرات بدون طيار، حيث تعرض شاشات الفيديو تنبيهات حمراء وامضة عندما تحدد الطائرات بدون طيار “أهدافاً مظلمة” أو تهديدات مشتبه فيها.
يمكن للطائرات بدون طيار، التي تصل قدرة بعضها على أن تطفو فوق البحر لمدة تصل إلى ستة أشهر، إرسال صورٍ مفصلة وبياناتٍ أخرى، ليراجعها المحللون ويحاولون تحديد ما تظهره.
كما قال نائب الأدميرال براد كوبر، القائد المسؤول عن العملية، إن الأسطول أثبت قيمته من خلال الكشف عن نشاط سفينة بحرية صينية تتحرك عبر المنطقة، وعمليات نقل مشبوهة من سفينةٍ إلى أخرى، وسفن تستخدم أجهزة تتبع إلكترونية لإخفاء هوياتها.
وأكد: “لقد تمكنا من اكتشاف نشاط لم نكن نعرف ببساطة أنه كان يحدث من قبل”.
الطائرات بدون طيار التي يتم اختبارها الآن غير مسلحة، لكن محللي الدفاع يتوقعون أن تتحرك البحرية نحو تزويد البعض منها بالأسلحة لاحقاً، وهو أمر من المرجح أن يثير نقاشاً حاداً.
كذلك، أثار المشرعون الأميركيون مخاوف بشأن خطط القوة البحرية لبناء سفن أكبر بدون طيار، وهو برنامج قد يكلف مليارات الدولارات. لكن لا يزال يتعين على الجيش الأميركي تحديد كيفية الاستفادة من الطائرات الصغيرة بدون طيار وحمايتها من الهجوم والتصرف بناءً على المعلومات التي تنقلها.
وتأتي عمليات الطائرات بدون طيار الأميركية، في الوقت الذي يتزايد فيه القلق بشأن نفوذ إيران المتزايد في أحد أهم الطرق الاقتصادية في العالم، خصوصاً أن طهران نشرت سفناً وغواصات مجهزة بطائرات بدون طيار وحذَّرت من أنها مستعدة لاستخدامها.
“إذا ارتكب الأعداء خطأً، فإن هذه الطائرات بدون طيار ستقدم لهم ردا قاسياً”، قال عبد الرحيم موسوي، قائد الجيش الإيراني، للصحافيين في الفترة نفسها التي زيارة خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن المنطقة مؤخراً.
بعد ذلك، اتهمت الولايات المتحدة إيران باستخدام طائرات بدون طيار لاستهداف ناقلة تجارية تابعة لـ”إسرائيل” قبالة سواحل إيران العام الماضي في هجوم أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الطاقم، في حين نفت إيران تنفيذها للضربة.
وفي شهر تموز/يوليو الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إن القوات الإيرانية “تشكل تهديداً مباشراً للتجارة الدولية وإمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي”. ووفقاً لجهات مطلعة على العمليات، استهدفت “إسرائيل” العام الماضي سفينة شحنٍ إيرانية يشتبه في أنها أجرت عملية تجسس في البحر الأحمر.
يوم الثلاثاء الماضي، وعندما تم اكتشاف سفينة إيرانية تسحب واحدة من طائرات “Saildrones” التابعة للبحرية الأميركية التي يبلغ طولها 23 قدماً، والتي كانت تجري مراقبةً في وسط الخليج الفارسي، حذَّرت القوات الأميركية السفينة من أن الطائرة بدون طيار هي ملك للولايات المتحدة. وقالوا إن الإيرانيين أسقطوا خطة السحب وغادروا المنطقة في نهاية المطاف.
يوم الأربعاء الماضي، وصفت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني رواية الجيش الأميركية للحادث بأنها “سخيفة”، وفقاً للتلفزيون الرسمي الإيراني. كما أكد حرس الثورة أنه سيطر على السفينة الأميركية لمنع “الإبحار غير الآمن” وقرر الإفراج عنها، بعد تحذير البحرية الأميركية من تكرار مثل هذا “السلوك غير القانوني” مرةً أخرى.
وفي وقت سابق من هذا العام، أنشأت الولايات المتحدة فرقة عمل عسكرية جديدة للتركيز على البحر الأحمر. “إسرائيل”، التي أقامت علاقات دبلوماسية مع البحرين في عام 2020 كجزء من اتفاقات “أبراهام”، بات لديها، لأول مرة، مستشار عسكري يعمل من مقر الأسطول الخامس في المنامة.
تختبر البحرية الأميركية مجموعة من المركبات غير المأهولة، من ضمنها مركبة تشبه القارب السريع، ويمكن أن تصل سرعتها إلى ما يقرب من 90 ميلاً في الساعة. كما أنها تعمل مع الطائرات بدون طيار على غرار “بريداتور” وطائرة “Saildrone“، والتي يمكنها البقاء في البحر لمدة ستة أشهر.
سيكون الاختبار الحقيقي للطائرات بدون طيار هو ما إذا كانت توفر معلومات إستخبارية تؤدي إلى اتخاذ إجراء، مثل مصادرة البضائع المهربة.
“مجرد المشاهدة وحدها قد تحد من سلوك إيران”، قالت ستاسي بيتيجون، مديرة برنامج الدفاع في مركز الأمن الأميركي الجديد، لكن إذا “أدركوا أنهم لن يتابعوا ويفعلوا أي شيء، فقد لا يكون ذلك رادعاً كبيراً”.
المصدر: وول ستريت جورنال
الكاتب: ديون نيسنوباوم