لن يتوقف الموقف المسيحي الاعتراضي على عون وتياره. ففي الواقع والمعادلة الراهنة، لا يمكن لأي طرف مسيحي أن يمنح ميقاتي الغطاء. وهناك حملة يحضر التيار العوني لشنّها في الفترة المقبلة، لممارسة المزيد من الضغوط على الرئيس المكلف، وسط تلويحه بخيارات عدة: منها تسريب أخبار عن استعداد عون لسحب تكليف ميقاتي، وتشكيل حكومة من دونه. وتسريب أخبار عن إرادته البقاء في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته.
لذا، يجد ميقاتي أنه في حال حرج سياسي ودستوري. سياسيًا بالمعنى الطائفي، لعدم قدرته على التعطيل، أو الوقوف في وجه المسيحيين. ودستوريًا بعدم تمكنه من تسلّم صلاحيات الرئيس.
لم يعد لدى ميقاتي سوى خيار أساسي: تشكيل حكومة بشروط رئيس الجمهورية. وقد تخلى ميقاتي عن تسمية وزيرين جديدين، بدلًا من وزيري الاقتصاد والمهجرين. لكن هناك في أوساط رئيس الجمهورية من يصر على توسيع الحكومة، وإضافة ستة وزراء دولة من الصف السياسي، لإدارة مرحلة الفراغ. وهذا أمر لا يبدو أنه مقبول من الرئيس المكلف وأطراف عدة أخرى. وفي لقاء عون- ميقاتي الأخير، حاول ميقاتي إبقاء الحكومة على حالها، ولكن التيار العوني يرفض ذلك، حسب مصادر قريبة منه.
مأزق عون مع حزب الله
أصبح ميقاتي أمام معادلة واضحة: إما التنازل لعون والقبول بكل شروطه، أو البقاء في حال تصريف أعمال لحين الوصول إلى لحظة انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون. وحينذاك تكون كل السيناريوهات مفتوحة لرئيس الجمهورية وفريقه.
لذلك، تعتبر المصادر أنه لا بد من تشكيل حكومة. وهناك تنسيق واضح بين ميقاتي وكل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي وحزب الله أيضًا، لا سيما في ضوء تكرار أمين عام الحزب عينه مواقفه الداعية إلى تشكيل حكومة. فحزب الله يريد تجنّب سيناريوهات غير محسوبة، تنعكس توترًا في الشارع أو تعيد خلط الأوراق.
لكن مصادر معارضة لعون تقول إنه لن يتعامل مع رغبة حزب الله هذه بسهولة، لأن تشكيل الحكومة يسحب من يد عون أوراق القوة، بعد انتهاء ولايته الرئاسية. فآنذاك تؤول الصلاحيات إلى الحكومة الأصيلة بلا معضلة دستورية. وهذا لا يناسب عون ولا باسيل، لأنهما يفقدهما ورقة قوة أساسية في الاستحقاق الرئاسي المقبل. ذلك أنه لا يكفي الرهان على حجم الكتلة النيابية العونية، ولا على علاقة عون- باسيل بحزب الله، الذي لم يبادر إلى أي التزام رئاسي حتى الآن.