الملف الحكوميّ يراوح…وخلاف على ادارة الفراغ
وكتبت” النهار”: لم يعد غريباً ولا مفاجئاً ان تتحول لقاءات بعبدا في شأن ملف تأليف الحكومة الجديدة الى دوامة عقيمة لا موجب لاستمرارها ما دام ثمة قرار واضح وثابت لدى العهد، وفق ما تثبت ذلك كل المعلومات الجادة والموثوقة، بتعطيل كل طرح من شأنه فتح باب التأليف بقصد إبقاء باب الحجج والذرائع مفتوحا امام محاولات بقائه في بعبدا بعد 31 تشرين الأول المقبل. ذلك ان احباط العهد امس للمحاولة الثانية في اقل من أسبوع لاعادة احياء البحث في صيغة تسوية لتعويم الحكومة، ولو مطعمة بتعديل جزئي، اثبت عمليا للاوساط المعنية المتابعة عن كثب تطورات الملف الحكومي أولا بأول، ان ثمة نهجا خطيرا ثابتا يتبعه العهد ورئيس فريقه السياسي أي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بـ”تعجيز” الرئيس المكلف، رغم اتباعه تنازلات عدة، أيا يكن الطرح الذي يقدمه بلوغا الى الإبقاء على الواقع الحكومي عالقا لتوظيفه في احتمالات الاستحقاق الرئاسي وخصوصا في سيناريو الفراغ. وبرزت معالم التهويل بخيارات انقلابية غير دستورية مع استباق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية بتسريبات اعلامية حيال فتاوى دستورية من مثل التمسك بعدم تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية الى حكومة تصريف الاعمال، كما اتبعت باجتهادات حيال نزع التكليف من ميقاتي. وبلغت ذروة التهويل بالاجتهاد الانقلابي حيال بقاء عون في بعبدا بعد انتهاء ولايته في حال عدم تشكيل حكومة تستوفي شروط العهد وفريقه السياسي. وما جعل الأوساط المعنية تتأكد من انطلاق السيناريو التعجيزي للرئيس المكلف والتمهيد لتوظيف التعجيز في الاستحقاق الرئاسي، ان سقف الشروط في ملف تاليف الحكومة ارتفع الى الذروة بدليل ان عون رفض، بعد مرونة، ان يسمي الوزيرين اللذين اقترح ميقاتي تبديلهما في الصيغة التي قدمها، فيما تنازل أيضا عن عدم تغيير وزير الطاقة. وامس عاد عون الى التمسك بطرح توسيع الحكومة بتعيين ستة وزراء دولة يراد منهم توسيع هيمنة العهد وفريقه على الحكومة بما يعني الاعداد السافر للفراغ الرئاسي وما بعده. فرفض ميقاتي الطرح وعاد الملف الى المربع الأول. وثمة من وصف لقاء النصف ساعة بين عون وميقاتي امس بانه أوحى “كأن العهد في اوله لجهة النبرة التي يتعامل بها مع الملف الحكومي” بما يؤكد ان العهد لا يريد حقيقة تشكيل حكومة جديدة. وهو الامر الذي انعكس فورا عقب اللقاء الفاشل الخاطف اذ سارعت بعبدا الى الزعم ان “للبحث صلة”، فما كان من السرايا الا ان سارعت الى التأكيد ان ميقاتي لم يصرح اطلاقا بما يوحي انه ليس في وارد اللقاء مجددا على أساس ما حصل .مصادر قريبة من بعبدا قالت لـ “الأخبار” أن «لا تقدّم… والرئيس المكلّف غير جدّي في التأليف». فيما تقول مصادر مُتابعة إن «ميقاتي لمسَ أخيراً عدم وجود ضغط دولي لتأليف الحكومة أو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما يعني أن احتمالات الفراغ صارت كبيرة وهذا ما يُفقِده إمكانية إدارة البلاد من خلال حكومته كونها حكومة تصريف أعمال، لا سيما أن الاستناد إلى فتوى دستورية ملتبسة يتيح للفريق المقابل الاستناد إلى فتاوى مشابهة طالما أن الالتباس سيد الموقف».
غير أن حصيلة “ورشة تذليل التعقيدات” التي أطلقها رئيس الحكومة المكلف أخيراً لا تبدو مبشّرة. فكل الطروحات، وأبرزها إدخال ستة وزراء دولة يمثلون الأطراف السياسية إلى الحكومة تُسقِطها الفيتوات، تماماً كما حدث مع اقتراح تغيير وزيرين من حصة الرئيس عون، يُصرّ الأخير على أن يُسميهما بينما يُطالب ميقاتي بأن يكون شريكاً في التسمية.
ومن الواضح أن شدّ الحبال حول الحكومة انتقل من الخلاف على الحقائب والحصص إلى خلاف على من يدير الفراغ في حال تعذر الانتخابات، وأي حكومة سترِث صلاحيات رئيس الجمهورية. وهو ما انعكس تصعيداً كبيراً في الخطاب السياسي.
ولا تقِف الخلافات حول الحكومة عند بعبدا والسراي، بل تنسحب على بقية القوى. ورغم ما سُرّب إعلامياً عن إحجام رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط عن تسمية بديل درزي للوزير الحالي عصام شرف الدين، أكدت مصادر مطلعة لـ “الأخبار” أن “جنبلاط لن يتنازل عن حقه في استثمار ما يعتبره انتصاراً نيابياً، بعد خسارة خصومه اللدودين في الجبل”، مؤكدة أنه “يُصرّ على أن تكون الحصة الحكومية الدرزية كاملة له، وإذا لم يُسمّ البديل عن شرف الدين فإن الأكيد أن أي اسم آخر لا يُمكن أن يمر من دون أن يوافق عليه”.