قـاسـم قـصـيـر – أسـاس مـيـديـا
يبدو أنّ حزب الله بدأ يدرس الخطّة “ب” بشأن معركة رئاسة الجمهورية في ظلّ وجود عراقيل كبيرة أمام تنفيذ الخطّة “أ” التي تقضي بإيصال أحد حلفائه الأساسيّين إلى موقع الرئاسة الأولى، من دون أن يعني ذلك التخلّي عن الخطة “أ” نهائياً.
لكن من طبيعة التفكير الاستراتيجي لدى قيادة الحزب أنّها تضع عدّة خطط عمليّة لتحقيق الأهداف التي تريد الوصول إليها…
سواء كانت أهدافاً عسكرية أو سياسية أو شعبية، أو لمواجهة أيّ استحقاق أساسيّ تتعرّض له.
في العام 2016 كان الهدف واضحاً لدى قيادة الحزب، وهو إيصال العماد ميشال عون إلى الرئاسة الأولى، وهذا ما تمّ تنفيذه بعد تذليل كلّ العقبات الداخلية والخارجية.
ودفع قيادة تيار المستقبل والقوات اللبنانية إلى تبنّي هذا المشروع، وبعد إقناع الحليف الاستراتيجي رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية بالتخلّي عن الترشّح وعدم قبول دعم الرئيس سعد الحريري له آنذاك.
في حين فضّل الرئيس نبيه برّي التصويت بورقة بيضاء من دون أن يشكّل عائقاً أمام هذا القرار. بل إنّه ساعد بقوّة على تحقيقه من خلال عدم تأمين النصاب القانوني لجلسة الانتخابات إلا حين تمّ حسم القرار لصالح العماد ميشال عون.
كانت الخطة الأساسية لدى الحزب حتى الأمس القريب إيصال أحد حلفائه الأساسيّين (جبران باسيل أو سليمان فرنجية أو مَن يتمّ الاتفاق عليه بين بقيّة الحلفاء) إلى موقع الرئاسة الأولى.
وكان المخطَّط له أن تشكّل الانتخابات النيابية المحطّة الأولى في هذه المعركة، لكنّ نتائج الانتخابات لم تتلاءم مع طبيعة الخطّة.
غير أنّ ذلك لم يلغِ هذا التوجّه حتى الآن، وخصوصاً أنّ معركة رئاسة مجلس النواب ونيابة الرئاسة ومكتب المجلس جاءت لصالح الحزب وحلفائه.
وهو ما أعطى الحزب إمكانية العمل من أجل تأمين الخيار الأوّل القاضي بإيصال أحد الحلفاء إلى الموقع الرئاسي الأوّل.
وهذا ما بدأ الحزب العمل من أجله قبل الانتخابات النيابية عبر الإفطار الشهير الذي جمع الأمين العامّ للحزب السيّد حسن نصر الله ورئيس تيّار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيّار الوطني الحر جبران باسيل في حارة حريك، ساعياً في الوقت نفسه إلى ترتيب العلاقات مع بقيّة الحلفاء.
لكن حتى الآن هناك عقبات كثيرة داخليّاً وخارجيّاً أمام هذه الخطّة.
مـا هـي الـخـطـة “ب”؟
في ضوء كلّ هذا لجأ الحزب، من دون أن يعلن ذلك ومن دون تبنّي ترشيح أيّة شخصية، إلى الخطة “ب”، وذلك عبر مدّ الجسور إلى القوى الأخرى…
وفي مقدَّمها رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من أجل البحث عن خيارات أخرى، من دون الدخول في تفاصيل الأسماء أو الشروط التفصيلية.
فالأولويّة لدى الحزب اليوم ترتيب العلاقات مع كلّ الأطراف السياسية، وإذا أمكن مع النواب المستقلّين والتغييريّين، وعدم إقفال الباب أمام أيّ خيار آخر.
والانفتاح على دراسة كلّ الاحتمالات والعروض التي تُقدّم داخليّاً وخارجيّاً.
حسب مصادر مطّلعة على أجواء الحزب، فإنّ قيادة الحزب تدرس اليوم كلّ الخيارات والملفّات الرئاسية، وهي لم تحسم أيّ خيار، وتعمل في كلّ الاتجاهات، وتستمع إلى كلّ الآراء والعروض من دون إعطاء أيّ جواب حاسم بانتظار اللحظة المناسبة لإعلان الموقف.
قيادة الحزب اليوم مشغولة بملفّ الترسيم البحري ومتابعة التطوّرات الميدانية في الجنوب وفي فلسطين المحتلّة، وتدرس كلّ الاحتمالات التي ستحصل في هذا الملفّ، وتستعدّ لاتّخاذ القرار المناسب.
وسيستكمل الحزب في الأيام القليلة المقبلة إحياء الاحتفالات لمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه والذكرى السنوية لانتصار حرب تموز من خلال احتفالين مركزيَّين، الأوّل في منطقة جنتا في البقاع يوم الجمعة، والثاني في الضاحية الجنوبية يوم الإثنين المقبل.
وسيشهد هذان الاحتفالان إعلان مواقف حاسمة للحزب من التطوّرات الداخلية والخارجية.
لكن في الوقت نفسه يتابع الحزب الوضع الداخلي، ولا سيّما أصداء اللقاء الثنائي مع رئيس جنبلاط وتداعياته.
باعتبار أنّ هذا الحوار هو المربع الأوّل من خطة متكاملة للحزب من أجل ترتيب الوضع الداخلي والاستعداد لكلّ الاحتمالات الحكومية والرئاسية.
فهل تتقدّم الخطة “ب” على بقيّة الخطط؟ أم تعيد التطوّرات الداخلية والخارجية الأولويّة للخطّة “أ”؟