16 ألف عائلة تعيش تحت خط الفقر، ونحو 4000 يتيم و5200 طالب، هي الأعداد الثابتة للفئات المستفيدة من مساعدات جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية، التي تتعدّد خدماتها بدءاً من كفالة الأيتام، مروراً بتأمين الدراسة، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وصولاً إلى إنشاء دور للمسنّين
الولادة عام 1987
على أثر ذلك، بدأت تصل إلى الإمام الخميني في طهران الرسائل من لبنان «أن أعينونا». سرعان ما لبّى الإمام النداءات وكلّف مؤسّسي لجنة الإمداد في الجمهورية الإسلامية، ومنهم وزير الاقتصاد حبيب الله عسكر أولادي والسيد رضا نيري وغيرهما، بالاطّلاع على الواقع اللبناني وبدأت تصل المساعدات إلى بيروت، مالية وعينية، بحسب ما يخبرنا المدير العام لجمعية الإمداد الحاج محمد برجاوي.
يذكر برجاوي أنه في أوائل عام 1987 أُسّس فرع خاص للمؤسسة الأم في لبنان. وراحت الجمعية الوليدة تعتمد شيئاً فشيئاً على نفسها، من خلال تأمين كفالات للأيتام (خاصة وعامة)، إنشاء صندوق الصدقات، استقبال التبرعات من الداخل والخارج، بالإضافة إلى الوجوهات الشرعية العامة من خمس وزكاة وكفّارات…
تنوّع الخدمات
انطلقت «الإمداد» من بيروت وكانت «تقدّم المساعدات المالية والعينية لكل اللبنانيين، ولا سيما تلك المتعلقة بتأمين مستلزمات السكن بفعل التهجير بسبب المعارك الداخلية في تلك الأيام، كما مساعدات للطلاب في داخل لبنان وخارجه».
لاحقاً كبرت الجمعية، وصار لها مراكز عديدة في الجنوب وبعلبك والهرمل والبقاع الغربي، وبقي مركز بيروت يخدم جبل لبنان والشمال بعدما أُغلق مركز الجمعية شمالاً. كما توسّعت خدماتها لتغدو أكثر شمولية فأنشأت إلى مراكز كفالة الأيتام، المدارس التربوية والمعاهد المهنية، وخمسة مراكز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة (من يعانون متلازمة داون، وتأخراً عقلياً) في بيروت والنبطية وبنت جبيل وبعلبك والهرمل، تضم اليوم نحو 600 طالب. و«بعد إغلاق قسم أساسي من مركز الكفاءات قبل 3 سنوات نُقل بعض من يعانون من وضع عصبي دقيق إلى مركز الشهيد حسين عباس الموسوي في حاروف الذي دمّره العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006 وأعيد بناؤه».
إضافة إلى ذلك، أنشأت الجمعية دارين للأيتام في البترون وكسروان، «ولو أن مبدأ الجمعية هو رعاية اليتيم في أسرته، لكنّ هاتين الدارين لا تستقطبان الأيتام فقط، فثمة حالات اجتماعية، مثل حالات الطلاق، والتخلي عن الأولاد، ورعاية أبناء المساجين لئلا تنهار هذه العائلة وينحرف أبناؤها».
تشمل خدمات الجمعية أيضاً إحدى أكثر الفئات الاجتماعية هشاشة أي المسنّين. فأنشات الجمعية دار إيواء للمسنين في صور التي استقبلت عام 2019 جزءاً من مرضى مستشفى الفنار للأمراض العقلية والنفسية في منطقة المصيلح على إثر إقفاله جراء فضيحة إساءة معاملة المرضى، حيث افتتحت طبقة جديدة لرعايتهم، بالإضافة إلى دار أخرى في الخيام.
أثر الأزمة الاقتصادية
كحال كلّ المؤسسات في لبنان، تأثّرت جمعية الإمداد بالأحوال الاقتصادية المنهارة، ولا سيما أنها تعتمد في جزء كبير من خدماتها على التبرعات، و«المتبرعون حساباتهم في البنوك، ومن كان منهم يتبرع بـ10 آلاف دولار صار يتبرع بـ30 مليون ليرة».
وعليه، وبرغم الأحوال الصعبة، وتبدّل معايير الفقر في لبنان عن معاييره قبل الأزمة، حيث «يمكن أن يعيش المرء في شقة دولوكس ولديه أثاث فاخر، لكن مدخوله الذي يساوي 4 ملايين ليرة لبنانية بالكاد يلبي مأكله ومشربه»، فإن «الإمداد» مضطرة لاعتماد معايير قاسية لمن هم بحاجة إلى المساعدة نظراً إلى الإمكانات المتوفرة، وبعد ملء الاستمارة والتحقيق في وضع العائلة نساعد مالياً المستحقين، ونتكفل أقساط الأطفال تربوياً في حال وجودهم. ولذلك «نساعد من يعيشون تحت خط الفقر وهم نحو 16 ألف عائلة ونحو 4000 يتيم و5200 طالب.من ضمنهم 9 آلاف عائلة تتلقّى مساعدات مالية شهرياً، والباقي يتلقى مساعدات غذائية فصلية ومساعدات سكنية (البناء، إضافة بناء، ترميم ولوازم بيتية). ويُذكر أن الجمعية قدّمت في الشتاء الماضي مساعدات مازوت للمحتاجين ممن يعيشون فوق ارتفاع 500 متر عن سطح البحر بالإضافة إلى الأغطية وأجهزة التدفئة.
لكنّ الجمعية بحسب مديرها العام «غير قادرة على رعاية من يعيش على خط الفقر وما دون خط الفقر بقليل بالنظر إلى الموازنة السنوية وإلا لو توفرت لتخطينا عتبة 50 ألف عائلة بسهولة». علماً أن أكثر معاناة الناس من خارج عوائل الإمداد هي «الدخول إلى المستشفى، الذي يتطلب أموالاً هائلة تبدأ بـ30 مليون وتصل إلى المليار ليرة».
مراكز جديدة
كانت الجمعية بصدد إنشاء مراكز جديدة من مراكز رعاية في الهرمل ومعهد تربوي شامل في دورس وآخر في الجنوب، وضعت أساساتها، لكنّ الأزمة الاقتصادية أوقفت هذه المشاريع لصالح الأولويات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية والحظر بسبب انتشار وباء كوفيد 19، فعملت على تأمين جهاز حاسوب محمول للطلاب ليستمروا بالتعلّم عن بعد. فضلاً عن عمل الجمعية على منح قروض لعوائل وأيتام الإمداد تحت بند دعم مشاريع الاكتفاء الذاتي (كفتح مشاريع صغيرة، ودعم في الزراعة، وتأمين خراف) بما يشجع على الاستقلالية للقادرين على العمل وهو ما يحد من تدفق أهالي القرى إلى المدينة بحثاً عن فرص عمل». أما اليوم فيؤكد برجاوي توجه الجمعية نحو بناء معاهد توجيه وتدريب مهني لتلبية حاجة السوق اللبناني المتفاقمة.