الملف الحكومي الى الواجهة من جديد: ميقاتي يلتقي عون اليوم بعد وزاري امس
وكان ميقاتي عقد امس لقاء تشاوريا مع الوزراء ، بعيدا عن الاعلام .
وكتبت” النهار”: اذا كان يصح الكلام عن “عودة” النشاط الرسمي للسلطة ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال في المشهد الداخلي امس، فان هذه “العودة” لم تكن سوى اثبات إضافي على ما آلت اليه حال التفكك لـ”دولة ببيوت كثيرة” في نهايات العهد العوني كل منها يغرد على هواه. ففيما “ضاعت الطاسة” بين المعلومات عن دعوة مفاجئة وجهها ليل الاثنين الرئيس ميقاتي الى الوزراء لعقد “لقاء تشاوري” في السرايا في الرابعة بعد ظهر امس من دون جدول اعمال ومن دون صفة رسمية، لم توزع دوائر السرايا ولا المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أي خبر او معلومات عن هذا الاجتماع مع ان ثمانية وزراء كانوا يزمعون المشاركة في احتفال بيئي في أعالي كسروان الغوا هذه المشاركة لتلبية الدعوة الى الاجتماع .
في المقابل، ومن دون أي مبررات جديدة، فتح رئيس الجمهورية فجأة ما يشبه النار المكبوتة ضد القضاء بحجة اتهامه بالرضوخ لأصحاب النفوذ في ملف مطاردة حاكم مصرف لبنان عبر بيان اثار استغراباً واسعاً لجهة تشكيله تدخلا علنيا في التحريض علِى حاكم المركزي في الهزيع الأخير من الولاية العونية. وبدا مستغربا ان يخصص عون رسالته الى السلطة القضائية لتصفية صراعه مع حاكم مصرف لبنان من دون ان يلتفت الى الذكرى السنوية الأولى لانفجار التليل.
واستنادا الى هاتين الواقعتين، بدأت تثار واقعيا مسألة التداعيات الخطيرة التي يمكن ان تشهدها البلاد في ما تبقى من ولاية عون انطلاقا من اقفال باب الاحتمالات امام تشكيل حكومة جديدة واستفحال القطيعة وانعدام التنسيق بين اقطاب الدولة وانطلاق السياسات الفردية والكيدية وفق اجندات منفصلة. ولعل الأسوأ مما سبق ان ما كان يجري تداوله همسا حول امكان افتعال انتهاك دستوري واجتهادات تتسم بالهرطقة الدستورية في ما يعود الى إدارة مرحلة الاستحقاق الرئاسي في حال حصول فراغ رئاسي، بدأ يجري التعامل معه علنا باطلاق بالونات اختبار من نوع الاجتهادات بعدم صلاحية حكومة تصريف الاعمال لتولي السلطة مكان رئيس الجمهورية بما يبرر للرئيس الحالي البقاء “انقلابيا” بعد انتهاء ولايته !
في أي حال علمت “النهار” ان اللقاء الوزاري الذي دعا اليه ميقاتي وضم جميع الوزراء، ولكنه اتسم بصفة تشاورية وجرى خلاله عرض أفكار لتفعيل الحكومة ولم يكن اللقاء تقريريا. وذكرت المعلومات ان الوزراء تبلغوا من ميقاتي ان اتصال معايدة بمناسبة عيد انتقال العذراء حصل بينه وبين عون وان الأخير دعا رئيس الحكومة الى لقائه اليوم في بعبدا.
وكتبت ” نداء الوطن”: اذ حرصت أوساط رئاسة الحكومة على نزع عباءة “مجلس الوزراء” عن الاجتماع، بدليل عدم انعقاده في القاعة العامة إنما في قاعة جانبية، قالت مصادر وزارية أنّ “مشاركة الوزراء العونيين بفاعلية في نقاشات وقرارات اجتماع السراي تؤكد أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون مصمم على عدم إخلاء الساحة الحكومية لميقاتي بل يعتزم أن يكون شريكاً مضارباً له في التصريف كما في التأليف حتى نهاية العهد”.وأكدت المصادر أنّ اجتماع بعبدا سيستعرض كذلك بشكل رئيسي ملف التأليف، لافتةً إلى أنّ ميقاتي لن يحمل معه أي صيغة وزارية جديدة إلى بعبدا إنما سيستكمل النقاش مع عون حول ملاحظاته على الصيغة القديمة التي سبق أن قدمها إليه مع تجديد استعداده لإدخال بعض التعديلات عليها.
وقللت مصادر سياسية ل” اللواء” من اهمية زيارة ميقاتي الى بعبدا واجتماعه بالرئيس ميشال عون بعد إنقطاع دام لاسابيع،منذ أن قدم له الاخير نسخة عن تشكيلة الوزارة الجديدة، والتي قوبلت بالرفض من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
واضافت المصادر ان رئيس الحكومة وان كان يعلم سلفا انها لن تؤدي إلى حلحلة ما بموضوع تشكيل الحكومة الجديدة، استنادا الى المواقف الاستباقية التصعيدية لرئيس التيار الوطني الحر، ولكنه منفتح للتشاور والبحث بالتشكيلة الوزارية للوصول إلى توافق مع رئيس الجمهورية حولها،اذا قيض للاخير اتخاذ قرار بنفسه لتشكيلها، وهذا امر مستبعد.
ولكن برغم التشاؤم السائد، يسعى رئيس الحكومة لاستغلال اللقاء مع عون اليوم،لبحث العديد من الامور والملفات العالقة التي تهم تسيير الشؤون الملحِة والمعيشية للمواطنين، وتتطلب تفاهما حولها،في ظل عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعدما دخلت الحكومة بمرحلة تصريف الأعمال.
وكشفت المصادر ان اللقاء الوزاري الموسع الذي دعا إليه ميقاتي في السراي الحكومي بالامس،اتى وكأن هدفه التباحث في شدشدة الوضع الوزاري.
ونقل عن الرئيس ميقاتي ان لبنان ينتظر جواب الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الذي بعث برسالة الى لبنان، عبر التواصل مع نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب تفيد ان الوسيط يسعى لان يحمل معه جواباً اسرائيلياً ايجابياً، وحسبما علمت «اللواء» فإن ميقاتي عقد الاجتماع بعيداً عن الاعلام، وتخلله نقاش عام بلا جدول اعمال ولا قرارات حول العمل الحكومي وكل القضايا المطروحة، بحيث طرح كل وزير ما عنده من اعمال وعراقيل.
وكتبت” الاخبار” أن الرئيسين سيبحثان في مروحة خيارات بين تعويم الحكومة الحالية، أو تطعيمها بستة وزراء سياسيين كما اقترح رئيس الجمهورية سابقاً، أو إدخال تعديلات على بعض الحقائب والأسماء. وبحسب المصادر، فإن «خيار تفعيل الحكومة الحالية وتعويمها يتقدّم على بقية الخيارات»، مشيرة إلى أن «ميقاتي يبدو أكثر ليونة بعد عودته من الخارج». وهو ما أكّدته، بحذر، مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر، لكنها دعت إلى انتظار «نتائج زيارة اليوم واقتران الأقوال بالأفعال لاستكشاف ما إذا كنا أمام مناورة جديدة لاستيعاب ما سمعه رئيس الحكومة من وزراء التيار ووزراء آخرين أم أنه أدرك عقم الفتاوى الدستورية التي تقول بتولي حكومة تصريف الأعمال مهام رئيس الجمهورية في حال حصول فراغ رئاسي». وشدّدت على أن «أي تعديل في الأسماء أو في الحقائب يجب أن يتمّ بالتشاور مع الرئيس عون… اسماً اسماً وحقيبة حقيبة».
وبحسب أكثر من مصدر وزاري، «بدأ ميقاتي بالحديث عن فرضيات عن عدم القدرة على تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية، وكيف يمكن أن تتصرف حكومة تصريف الأعمال في هذه الأحوال». وقد تنوعّت آراء الوزراء بين من اعتبر أن «حكومة تصريف الأعمال يجب أن تتعامل مع ما تفرضه التطورات وأن تنجِز كل الأعمال المطلوبة لإدارة البلد»، وبينَ من «عبّر عن رفضه الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال الحالية، مع التحذير من حالة الفوضى التي سيصل إليها البلد في ظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال ووضع اقتصادي متدهور»، وهو ما عبّر عنه وزراء محسوبون على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ووزراء آخرون. وأنهى ميقاتي النقاش بإبلاغ الوزراء أنه سيزور بعبدا اليوم.
وقالت مصادر وزارية ل ” البناء” إن الطابع التشاوري للاجتماع شمل أغلب القضايا المطروحة، وإن الاجتماع تم برضا جميع المكونات السياسية المشاركة في الحكومة، وهو تعبير عن التقدم في مسار التفاوض حول ترسيم الحدود، والاشارات الايجابية في ملف عودة النازحين، والحاجة لبلورة قرارات تتصل بالقوانين المطروحة أمام مجلس النواب ضمن سلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وبذلك يشكل الاجتماع مقدمة للاختيار بين تفعيل عمل الحكومة أو الذهاب نحو حكومة جديدة وفقاً لمستوى تطور الملفات المطروحة.