كتّاب الديار
بانتظار أن يستكمل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مهمته في بيروت بعد «إسرائيل» التي زارها ومن دون الإدلاء بأي تصريحات أو مواقف، حول ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، تبقى الضبابية السمة الأساسية لواقع هذه الوساطة والتي باتت تتراوح ما بين السلبية المطلقة مقابل الإيجابية الحذرة التي يبديها بعض المعنيين على الساحة الديبلوماسية، وعلى وجه الخصوص الجانب الأميركي الذي يضع أكثر من رهان على عملية الترسيم وذلك بناءً لاجندة خاصة به وتتعلق بملف الغاز وتأمينه إلى أوروبا في العام المقبل والتي فقدت إمدادات الغاز من روسيا بعد الحرب على أوكرانيا. وبرأي مصادر ديبلوماسية مطلعة، فإن الأجوبة والضمانات التي يبحث عنها الوسيط الأميركي، لحماية أي اتفاق، هي التي تدفع إلى الاعتقاد بأن مهمته ما زالت تراوح مكانها، أو على الأقل مجهولة المسار، كما هي الحال بالنسبة للأجوبة التي حصل عليها في إسرائيل أخيراً، ولم ينقلها بعد إلى بيروت.
وتكشف المصادر عن أن أكثر من سيناريو مطروح للتداول في الكواليس السياسية اللبنانية، وخصوصاً أن منسوب التوتر بدأ يتصاعد بفعل الغموض الذي يحيط بالخطوة المقبلة للوسيط الأميركي، وبسبب المواقف التصعيدية وحملات التهويل «الإسرائيلية» ضد لبنان من جهة واقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية من جهة أخرى في إسرائيل كما في الولايات المتحدة الأميركية وفي بيروت من جهة أخرى، وذلك مع العلم أن كل هذه الاستحقاقات باتت ضاغطة، على كل الأطراف المعنية بالترسيم، والتي تبحث اليوم عن إطار التفاهم على ضرورة التوصل الى ما يسمح بإطلاق قطار استخراج الغاز في نهاية أيلول المقبل من الحقول «الإسرائيلية» والبدء بعمليات الاستكشاف في الحقول اللبنانية.
والثابت بحسب هذه المصادر الديبلوماسية، أن الفترة الزمنية التي تفصل عن الخطوات المقبلة، لم تعد تسمح بأي مماطلة أو مناورة، وبالتالي فهي لا تهمل الإشارة وفي هذا السياق، إلى إصرار واشنطن اليوم وقبل الغد، على البتّ بعملية الترسيم واستخراج الغاز لتوفيره لأوروبا، ولذلك فإن الوسيط الأميركي، قد أبلغ في آخر زيارة له كل المعنيين بملف الترسيم، بضرورة تجاوز المطبات الصغيرة أمام المفاوضات لتنتهي إلى ما ينشده الجميع.
وبالتالي فإن المصادر نفسها لا تخفي إصرار الإدارة الأميركية وحماسة هوكشتاين والفريق المعاون لضرورة تجاوز كلّ ما من شأنه أن يترك تداعيات سلبية على عملية الترسيم، ولذلك، أتت التدخلات الحاسمة في الأسبوع الماضي، لتطويق الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة، والحؤول دون أن يكون لأي تطور أو موقف تصعيدي، أي تأثير في المرحلة الأخيرة من الوساطة الأميركية خصوصاً المواقف الصادرة خارج الإطار الرسمي المعلن للمفاوضات.
وانــطلاقاً ممّا تقدم، ترى المصادر الديبلوماسية، أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة على صعيد الترسيم وإنجاز الاتفاق النهائي على هذا الصعيد، ولكن الصورة ما زالت غير واضحة نتيجة واقع السرية الشديدة التي لا تزال تحيط بالمداولات التي قام بها الوسيط الأميركي في «إسرائيل».