كتّاب الديار
يطرح البعض من السياسيين، سؤالا حول برنامج رئيس الجمهورية للبنان، قافزين فوق الدستور، لان النظام السياسي، ليس رئاسياً، بل برلماني وفق الدستور.
فالبرنامج الرئاسي، هو ما يُعرف بخطاب القسم لرئيس الجمهورية المنتخب، يقول فيه امام مجلس النواب اراءه وتوجهاته، التي سيعمل فيها في عهده، وهي لا تلزم المؤسسات الدستورية، كما ان رئيس مجلس النواب، يلقي كلمة بعد انتخابه ايضاً، يضمنها افكاره وما يمكن ان يفعله في خلال ترؤسه للمجلس المحددة ولايته بعامين، والتي كانت في الدستور السابق لعام واحد، حيث يمكن بعد عامين من انتخاب رئيس لمجلس النواب، انتخاب آخر، ولكن منذ ما بعد اتفاق الطائف لم يحصل هذا الامر، منذ انتخاب الرئيس نبيه بري في العام 1992، بعد اول انتخابات نيابية جرت مع توقف الحرب الاهلية، حيث يترأس بري المجلس النيابي منذ ثلاثين عاماً.
ففي دستور قبل الطائف، كانت صلاحيات رئيس الجمهورية واسعة، لجهة انتقاء رئيس الحكومة، وممارسة دوره كرئيس للسلطة التنفيذية، التي تحولت الى مجلس الوزراء مجتمعاً، وتم تحريره من نفوذ رئيس الجمهورية الذي يخضع في تسمية رئيس الحكومة الى استشارات نيابية ملزمة، وابقاه الدستور صاحب التوقيع الاول باصدار مراسيم تشكيل الحكومة، واذا لم يكن مقتنعاً او راضيا عن صيغة الحكومة، التي قدمها الرئيس المكلف، نجيب ميقاتي فلا يوقعها.
فالدستور لم يُلزم اي مرشح لرئاسة الجمهورية ان يقدم برنامجه، لكن يمكن معرفة توجهه من خلال مواقفه وارائه التي تصدر في الاعلام، لا سيما اذا كان رئيساً لحزب او تيار سياسي، اما اذا لم يكن سياسياً او حزبياً، وليس له اطلالات اعلامية، فليس شرطاً عليه، ان يكون صاحب برنامج.
ورئيس الجمهورية في الدستور هو حَكَم، وليس طرفاً، وعندما يحضر جلسة لمجلس الوزراء يترأسها، دون ان يصوّت، ويبدي رأيه في قــضية ما، فاذا كانت الحكومة من اكثرية موالية لرئيس الجمهورية، او له فيها الثلث الضامن او المعطل، يستفيد من ذلك، ويمرر ما يريد، بالتصويت، وفق مرجع دستوري، الذي يؤكد ان السلطة التنفيذية منوطة بمجلس الوزراء، الذي يحكمه نظام داخلي، وآلية التصويت على القرارات، فلم يعد لبرنامج رئيس الجمهورية معنى دستوري او حتى سياسي، لان الحكومة تتقدم ببيان وزاري لها، امام مجلس النواب تضع فيه برنامجها وخططها، وعليه تنال الثقة، التي يمكن ان تحجب عنها، او عن وزير او اكثر فيها، حيث يشير المرجع، الى ان النظام البرلماني هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية، ويسمي رئيس الحكومة، كما ينتخب رئيسه وهيئة المكتب واللجان، وهو الذي يحاكم الرؤساء والوزراء والنواب، مما يؤكد على ان لا معنى لبرنامج رئيس الجمهورية، الا اذا كان يرغب البعض معرفة توجهاته السياسية، من قضايا داخلية، واخرى اقليمية ودولية.
والبرنامج بما هو سياسي، وليس وفق الدستور، وقد يكون هو ما يقصده البعض من السياسيين بطرحهم، لا سيما عندما يتحدث البعض عن رئيس للجمهورية حيادي، او غير استفزازي، ولا ينتمي الى محور ما، وله علاقة مع كل الاطراف وهذا مرتبط بمواصفات المرشح لرئاسة الجمــهورية، وليس ببرنامج، اذ تحكم الانتخابات الرئاسية عوامل وظروف داخلية وخارجية، وتتم صناعة الرئيس في الخارج بكثير من الاحيان، كما جرى في دورات رئاسية سابقة، وفق مصدر سياسي، يؤكد ان التسويات هي ما تفرض انتاج رئيس للجمهورية، وهذا ما حصل منذ الاستقلال ومستمر الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، اذ يجري التداول بمرشح وسطي، او تقني، والابتعاد عن المرشح السياسي او الحزبي او المنتمي الى محور ما.
ولا يمكن لمرشح لرئاسة الجمهورية، او غيرها ألا يكون له رؤية او افكار، لكن النظام السياسي الطائفي، هو الذي يتحكم باللعبة الداخلية التي تدار خارجياً.