جنبلاط يحيد طائفته في مرحلة تصعيد عبر انفتاحه على حزب الله ازمة المصارف والمودعين قنبلة موقوتة… وميقاتي لا يريد عودة النازحين السوريين
الديار
كسب حزب الله حليفا جديدا عبر انفتاح الحزب التقدمي الاشتراكي عليه وبالتالي تعزز موقعه السياسي داخليا اكثر فأكثر وتحصن من أي خطة اميركية تستهدفه لتطويقه. وهذه التطورات تشير الى ان حزب الله اليوم يشهد مرحلة مختلفة عن السابق حيث في عهد ادارة الرئيس دونالد ترامب عمل الاخير على حشره في الزاوية لبنانيا واقليميا واميركيا ،اما اليوم فقد لاقت المقاومة تغييرا داخليا حيث بعض الاطراف التي كانت على خلاف معه مدت يدها لحزب الله وخفت الضغوطات عليه.
الى ذلك، كشفت أوساط سياسية مطلعة لـ»الديار» ان التوقيت الذي جعل من النائب السابق وليد جنبلاط ينفتح تجاه حزب الله هو انه قرأ مواقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله التي كانت حادة لناحية الترسيم البحري مع العدو الاسرائيلي واعطاء مواعيد بشن حرب فضلا عن اطلاق مسيرات فوق كاريش وبالتالي رأى جنبلاط ان هناك تصعيدا كبيرا من جهة الحزب. وهذه القرارات التي اعلنها حزب الله قد تكون مرتبطة بمفاوضات فيينا التي تتوقف تارة وتتسهل تارة اخرى، كما قد تكون مرتبطة بوضع المنطقة المتشنج والعراق المتوتر والاشتباك الخارجي الموجود. وامام هذا التصعيد الذي لمسه جنبلاط من المقاومة، اختار تحييد نفسه في هذه المرحلة عبر فتح قنوات حوار ونقاش مع المقاومة. وعليه، يعلم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان تقاربه من حزب الله يفيد الاخير اي ان المقاومة توظف هذا اللقاء بانها تنفتح على الجميع وتتحاور مع معظم الاطراف اللبنانية.
بدورها، حاولت القوات اللبنانية التخفيف من وطأة اللقاء بين التقدمي الاشتراكي وحزب الله في العلن الا انها تعلم ان هذه الخطوة سترتد عليها سلبا لانها خسرت حليفا لن يؤيدها بطروحاتها وتحديدا في الاستحقاق الرئاسي. ذلك ان القوات اللبنانية مع باقي الاحزاب المسيحية المعارضة قد تتوحد لتختار مرشحا لرئيس الجمهورية ولكن هنا لن يكون للنائب السابق وليد جنبلاط موقف يتماشى مع المعارضة بل سيأخذ موقفا وسطيا حيث لا يؤيد مرشح المعارضة ولا مرشح 8 اذار مما يشير الى ان هوية وشخصية رئيس الجمهورية المقبل سيكون وسطيا يداري المكونات السياسية اللبنانية كافة.
المنطقة تدخل مرحلة توتر عالية
اما المشهد الخارجي واضح اليوم حيث هناك عاملان اساسيان في المستقبل القريب لهما تداعيات على المنطقة اولهما انتخابات العدو الاسرائيلي وربطها بموضوع الترسيم وثانيهما الانتخابات النصفية الاميركية وربطها بالمفاوضات الاميركية-الايرانية حول الملف النووي الايراني والى جانب الاشتباك الحاصل الصيني – التايواني والروسي-الاوروبي . في ظل هذا الجو، المنطقة برمتها داخلة في مرحلة توتر وتشنج.
اللقاءات بين الاحزاب لا تنعكس ايجابا على مأساة المواطن
اجتماعيا، كل هذه التحولات السياسية لم تنعكس ايجابا على الوضع المعيشي للمواطنين اللبنانيين الذين يجاهدون يوميا للبقاء في لبنان في ظل اوضاع اقتصادية تزداد تدهورا وترهق المواطن وحده ماليا. ذلك ان الدولار تخطى عتبة الـ30 الف ليرة لبنانية لتشير الى مزيد من الانهيار للعملة اللبنانية الى جانب ان المحروقات ستسعر قريبا بالدولار على ان تباع بالليرة اللبنانية وفق ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا. هذا الامر نذير شؤم اضافي على الشعب اللبناني الذي سيكون مجبرا على دفع فاتورة المحروقات بسعر باهظ وفي معظم الحالات قد لا يتمكن من تسديد هذه النفقات. فما الحل؟ وكيف ستكون ردة فعل الشعب اللبناني لهذا التدهور المتتالي؟ هل سيكون الصمت ام قطع طرقات ليوم او يومين ليكتفي بهذا القدر الكبير من الظلم الذي يمارس عليه؟ ام ان الشعب اللبناني سيتخذ موقفا حاسما وقاسيا تجاه السلطة التي تتفرج على الانهيار المالي ولا تقوم بأي خطوة لفرملته بالحد الادنى؟
اضف الى ذلك، بعد رفع الدعم عن ادوية في الصيدليات ظهرت ادوية كانت غير متداولة وناقصة الى العلن وباتت في المتناول وهذا يشير الى ان لا رقابة على الصيدليات الذين تحولوا الى تجار في عدة حالات. فماذا يفعل المواطن المسكين الذي اصبح يعيش حالة فقر مدقع وحقوقه الانسانية اصبحت معدومة في لبنان؟ فالى من يلجأ الشعب اللبناني؟
ازمة المصارف والمودعين
علمت «الديار» ان هناك اجهزة امنية تحذر من عدم استقرار في الاشهر المقبلة والخوف ان تتكرر حادثة بنك فدرال في الحمرا في ظل غضب المودعين والازمة الاجتماعية الخانقة. هذا الامر يتطلب اجراءات حاسمة من الدولة اللبنانية على الصعيد الامني وعلى صعيد آلية ترضي المودعين والمصارف بشكل لا تترك اضرارا على مصرف لبنان والمصارف والمودعين. ولكن في ظل هذه الازمة، لم يبادر اي طرف الى ايجاد هذه الالية حتى ان موظفي القطاع العام لم يقبضوا رواتبهم حتى اللحظة مع وعود وزير المالية بأن يتم تحويلها الاسبوع المقبل دون حوافز مالية وبدلات النقل وهذا ما قد يدفع رابطة الموظفين الى معاودة الاضراب العام وشل الدولة.
الاستحقاق الرئاسي: ماذا يحصل في الكواليس؟
في ملف الاستحقاق الرئاسي خاصة ان لبنان على مسافة اسبوعين قبل بداية المهلة الدستورية، رأت مصادر وزارية مطلعة انه حتى اللحظة لم يتمكن اي فريق سياسي بالتوحد حول مرشح رئاسي سواء من المعارضة او فريق 8 آذار. من جهتها، تعمل المعارضة على الدفع باتجاه انتقاء مرشح لرئاسة الجمهورية، واللقاء من 16 نائبا في البرلمان يصب في خانة هذه الديناميكية التي يجب ان تبدأ في مكان ما وقد بدأت في معراب ومن ثم البرلمان والكواليس بهدف ان تتوج هذه الجهود لهدف واحد اصبح معروفا.
ملف النازحين السوريين: ميقاتي يعتمد قرار الامم المتحدة بعدم عودتهم الى بلدهم
في ملف النازحين السوريين ، كشفت مصادر حكومية ان هناك عراقيل لبنانية ايضا في ظل الخلافات داخل اللجنة الوزراية للنازحين السوريين حيث ان الرئيس نجيب ميقاتي يتبع سياسة الامم التحدة الرافضة لارجاع النازحين السوريين الى بلدهم بل التي تقول بابقائهم في لبنان ومواصلة مساعدتهم ماديا. كما ان اصرار ميقاتي على استبعاد وزير المهجرين عصام شرف الدين منها يقطع الشك باليقين ان رئيس حكومة تصريف الاعمال لا يريد عودة النازحين ويريد السيطرة على هذا الملف علما ان وزير المهجرين زار رئيس الجمهورية ميشال عون واستمع الى موقفه الذي سينقله شرف الدين الى المسؤولين السوريين الاحد او الاثنين المقبل.
حزب الله عزز موقع لبنان في مفاوضات الترسيم وحقوقه النفطية
في ملف الترسيم البحري، رأت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى للديار انه عندما يخرج السيد حسن نصرالله ليقول بشكل واضح انه يجب ان يحصل الترسيم قبل استخراج العدو الاسرائيلي للغاز ويشدد اننا «لا نريد الترسيم للترسيم» بل الترسيم واستخراج الغاز اي اعطاء الاذن للشركات بالتنقيب فهذا موقف جدي للبنان لا مجال للبحث به. وبعد خطاب السيد تم انهاء النقاش حول خط 29 ومن ثم توحدت المواقف على خط 23 في قصر بعبدا بين الرؤساء الثلاثة.
وتابعت المصادر الديبلوماسية ان خطاب امين عام حزب الله الذي توجه للعدو الاسرائيلي بتحذيره بان ليس وحده من سيستخرج الغاز بل ايضا لبنان بالتوازي وهذا كلام ممتلئ بالكرامة الوطنية والنبرة العالية والمسؤولية لحقوق لبنان من ثروته النفطية.
وعليه، بنى رئيس التيار الوطني الحر على الشيء مقتضاه اي بمعنى اخر بعد كلام نصرالله أكد جبران باسيل ان الدولة يجب ان تستفيد من المقاومة من اجل توظيف قوة حزب الله في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال.
وتزامنا مع ذلك، قال جيش العدو الاسرائيلي في اجتماع مصغر انه لا يجب ان نرضخ لشروط حزب الله ولا ان يحصل الترسيم قبل 2 ايلول المقبل بمعنى ان الترسيم اذا حصل في هذا التوقيت على رغم استفادة اسرائيل من الصراع الروسي-الاوروبي ليبيعوا الغاز لاوروبا ولكن في الوقت ذاته لا يريد جيش العدو ان يظهر امام الرأي العام الاسرائيلي انه ضعيف امام حزب الله ورضخ لشروطه وتهديداته.
القوات اللبنانية: لقاء جنبلاط مع حزب الله حواري وليس تبدلا استراتيجيا
من جهتها، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ»الديار» ان القول ان الحزب التقدمي الاشتراكي انتقل من مكان الى مكان اخر أمر غير صحيح وبمعنى اخر ان الاشتراكي لم يقم على غرار التيار الوطني الحر الذي انتقل من موقع «ضد سلاح خارج الدولة في 1988 وصولا الى 2006 وتوقيعه وثيقة مار مخايل حيث اصبح مؤيدا لسلاح حزب الله. هذا يعد انتقالا الى موقع سياسي اخر وتغييرا استراتيجيا في الموقف الوطني الحر.
ولكن هذا الامر لا يمكن الباسه على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي وضع موضوع سلاح حزب الله «على جنب».
وما يهمنا كقوات لبنانية هو محضر اللقاء بين التقدمي الاشتراكي وحزب الله الذي ركز على اربعة عناوين اساسية:اولا ، استبعاد الملفات الخلافية اي عدم التطرق الى موضوع السلاح. وثانيا، عندما سأل الوزير السابق وليد جنبلاط حزب الله اذا كان الاخير متمسكا برئيس للجمهورية من 8 أذار فهذا يعني انه يعارض اي رئيس مقبل من هذا المسار السياسي. ثالثا، اعلن جنبلاط بكل وضوح انه لا يريد الحرب خلال الحوار مع حزب الله. رابعا، تمنى جنبلاط على المقاومة مفاوضة صندوق النقد الدولي للبدء بخطة التعافي الاقتصادي والمالي حيث يرى ان الصندوق هو المخرج الوحيد للبنان من ازمته.
وشددت المصادر القواتية ان اللقاء بين جنبلاط وحزب الله حصل في كليمنصو وفي اليوم التالي ارسل وفدا له الى الديمان للاجتماع مع البطريرك الراعي لبحث التطورات السياسية.
وفي سياق الاستحقاق الرئاسي، قالت المصادر القواتية للديار ان التشاور مفتوح بين مكونات المعارضة من اجل وضع لائحة اسماء من المرشحين بهدف الوصول الى اسم محدد ويجب ان يجمع صفتين. اول صفة ان يتمتع المرشح بحد مقبول من احترام السيادة اللبنانية والصفة الثانية ان يكون قادرا على تطبيق الاصلاح.
ولفتت الى ان ما يحصل في الكواليس اكبر بكثير مما يتم تناوله في الاعلام مشيرة الى ان الصورة بدأت تتبلور في مجال مرشح رئيس الجمهورية المقبل.