غزة | واصلت المقاومة الفلسطينية، في اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قصْف مستوطنات «الغلاف» ومدن المركز الإسرائيلية بوتيرة متّزنة، تزامناً مع اتصالات مكثّفة قادها الوسيط المصري، وأفضت إلى تهدئة مدفوعة برغبة إسرائيلية. وتكثّفت، يوم أمس، الاتصالات التي تقودها القاهرة، فيما وصل ضابط مصري كبير، إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون، لإعلان التهدئة وإنهاء الجولة القتالية، بعدما أبلغت حكومة الاحتلال، المصريين، استعدادها لإنهاء العدوان، والعودة إلى الهدوء.
ودخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ اعتباراً من الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل أمس، وفق بيان صدر ليلاً، ودعت فيه مصر إلى التهدئة الشاملة، وهو ما رحّبت به وأكدته، من جهتها، حركة «الجهاد الإسلامي» التي شدّد أمينها العام، زياد النخالة، على أن المقاومة كانت تهدف من وراء هذه المعركة إلى «وحدة الساحات الفلسطينية… والدفاع عن المجاهدين»، فيما أشار إلى أن «العدو الصهيوني رفع شعاراً واضحاً، وهو تصفية حركة الجهاد وجناحها العسكري»، لكن الأخرة «باتت اليوم أقوى، وتفرض شروطها، وهي تثبيت وحدة الساحات، وإطلاق سراح خليل العواودة، والشيخ بسام السعدي». أما حركة «حماس» فلفت الناطق باسمها، أبو عبيدة، إلى أن «العدوان على غزة أكد خطورة مشاريع التطبيع ودمج الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة»، معتبراً أن الجولة التصعيدية الأخيرة «أثبتت معادلة أنه لا عدوان ولا احتلال من دون كلفة». من جهتها، أكدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية، وقْف إطلاق النار، محذّرةً من أنها تحتفظ بحق الردّ «بقوة»، في حال انتهاكه.

وبحسب مصادر في حركة «الجهاد الإسلامي»، فإن العرض الذي قدّمه الوسيط المصري يشمل وقف إطلاق النار ومتابعة المصريين قضيّة أسرى الحركة، وخاصّة الشيخ بسام السعدي، فيما كانت تشترط «الجهاد» إطلاق سراحه لإنهاء الجولة الأخيرة. وكان مصدر قيادي في الحركة قد قال، لـ«الأخبار»، في خلال ساعات الشدّ والجذب قبيل إعلان الجانب المصري اتفاق وقف إطلاق النار، إن «الجهاد» أبلغت المصريين أن الإعلان من طرف واحد عن إنهاء الاقتتال لا يعنيها، وأنها مستمرّة في ردّها على جرائم الاحتلال، مشددة على أن التوصّل إلى اتفاق تهدئة جديد يحتاج إلى مزيد من الوقت، وإلى التزامات يقدِّمها الوسيط بخصوص مطالب الحركة، وليس مجرّد تعهّدات شفوية.
وأضاف المصدر إن «الجهاد» أبلغت المصريين، أيضاً، أنها لا تقف في موقف ضعف ليتمّ الضغط عليها، وأن «قوّتها العسكرية في قطاع غزة لم تتأثّر بالضربات التي وجّهها الاحتلال خلال الأيام الماضية». وفي الاتجاه نفسه، قال الناطق باسم «سرايا القدس»، أبو حمزة، إن «ما ظهر من قدراتنا الصاروخية التي أضحت – بفضل الله – اليوم تستنزف عدوّنا الأحمق، هو جزء يسير ممّا أعددناه، وإنّنا نحتفظ بالكثير الكثير ممّا يؤلم العدو، ويسُرّ أبناء شعبنا وجمهور سرايا القدس والمقاومة الممتد». وجدّد أبو حمزة، في أوّل تغريدة له منذ بداية معركة «وحدة الساحات»، تعهُّد «الجهاد» بجعل «غلاف غزة بما يحتوي من مدن ومغتصبات محتلّة مكاناً غير قابل للحياة، وسنذهب إلى مديات أبعد وأبعد».

ومنذ صباح أمس، أكدت مصادر إسرائيلية متطابقة أن حكومة الاحتلال بدأت تبحث عن مخرج لها من العملية المستمرّة في قطاع غزة. وقد ظهر إجماع في جلسة المجلس الوزاري المصغّر، «الكابينت»، عبر المطالبة بإنهاء العملية بعدما حقَّقت ما تصفه تل أبيب بـ«إنجاز عملياتي مهمّ»، فيما نقلت «القناة 13» العبرية عن رئيس الوزراء، يائير لابيد، قوله، إن أهداف العملية تحقّقت، ولا فائدة من الاستمرار فيها. ووفقاً للمراسل السياسي الإسرائيلي، باراك رافيد، فإن رئيس «الشاباك»، رونين بار، اعتبر أيضاً أن العملية حقّقت أهدافها، وأنه يجب العمل على إنهائها قبل أيّ أخطاء قد تُورّط إسرائيل في عملية أوسع لا تريدها.
ميدانياً، تواصلت عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة في اتجاه مستوطنات الغلاف ومنطقة الوسط بشكل متّزن، وشملت 58 مدينة ومستوطنة، بما في ذلك مدينة القدس المحتلّة، في رسالة واضحة بعدم تضرّر القدرات الصاروخية لـ«سرايا القدس»، واستمرارها في عملية الردّ على اغتيال قادتها العسكريين في قطاع غزة، فيما شنّت قوات الاحتلال عشرات الغارات على عدد من المواقع العسكرية والأراضي الزراعية في القطاع، قائلة إنها استهدفت منصّات الصواريخ.