وما استوقف الأوساط المعنية في رصد الاشتباك العنيف هذا، انه سبق واعقب، احياء الذكرى السنوية الثانية لانفجار المرفأ، الامر الذي يسحب جانبا من تركيز الأضواء الكاشفة على دلالات هذه الذكرى والمطالب التي رفعها أهالي ضحايا انفجار 4 آب، والتي تفترض من الدولة والحكومة، ولو مستقيلة، ومن الرؤساء والقوى السياسية الراغبة حقا في انقاذ التحقيق العدلي في هذه الجريمة، مواكبة جدية لمطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية. ولكن الحقائق الدامغة التي اثبتتها الذكرى والتفجر السياسي الذي أطاح الاستحقاق الحكومي، ومن ثم دخول “حزب الله” وحركة “امل” بمواقف اعتراضية فاضحة على مهمة المحقق العدلي، فيما سائر القوى الأخرى لا يمكنها فرض ترجمة كلمة من عشرات بيانات التضامن مع أهالي الضحايا، اعادت تظهير الانكشاف والعجز والتواطؤ في هذا الملف الأخطر.
وكتبت “الديار”: مع قرب نهاية عهد الرئيس ميشال عون انفجرت الخلافات بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وعون ومعه التيار الوطني الحر. وكان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعتقد انه بعد انتهاء ولاية الرئيس عون سيتمكن من خلال ولادة حكومة من ان يكون لديه منصة قوية رئاسيا مهما كان الفراغ طويلا حيث يقوم بمعركته الرئاسية من منطلق قوي. وفضلاعن ذلك، من خلال هذا الموقع المتقدم امام الرأي العام والمجتمع الدولي، لا يعود عامل الضغط مشكلة لدى باسيل بما ان التعيينات ستجري وستعزز قوة التيار الوطني الحر. الى جانب ذلك يختار دائما الوطني الحر سياسة الاشتباك مع طرف سياسي لشد العصب من خلال مواجهات متنقلة مع اطراف واحزاب سياسية فضلا عن ربط النزاع للمرحلة المقبلة بأن لا يأتي مجددا الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة نظرا لتحالفاته.
ووفقا لهذه المصادر فان نقطة الخلاف الاساسية هي التعيينات الادارية حيث ان الرئيس عون والوطني الحر يريدان اجراء سلة تعيينات شاملة في كل المواقع، وتحديدا تغيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. هذه الرغبة العونية اصطدمت برفض من ميقاتي والرئيس نبيه بري، إذ رأى ميقاتي انه لا يمكن الزام العهد الجديد بتعيينات ادارية وفرضها عليه مفضلا ترك هذه التعيينات لرئيس الجمهورية المقبل، اضافة الى ان الخلاف حول ملف الكهرباء اجج التوتر بين ميقاتي والعهد. من جهته، يعتبر الوطني الحر ان ميقاتي عرقل الكثير من المشاريع الاصلاحية في الكهرباء لجهة فتح الاعتمادات والتلزيمات ووضع العراقيل امام وزير الطاقة وليد فياض. اضف الى ذلك، برز انزعاج الوطني الحر من العلاقة المتينة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصا ان بري ابلغ الجميع من حلفاء واصدقاء ووسطيين انه لن يؤيد بتاتا وصول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل رئيسا للجمهورية مهما كانت الضغوطات وميقاتي يوافقه الرأي.
من جهة اخرى، يتهم ميقاتي الوطني الحر بان سياساته العشوائية عطلت ملف الكهرباء كما عطلت سائر المشاريع في الدولة. وفي ظل هذه الاجواء توقفت الاتصالات كليا بين الجانبين في ملف تشكيل الحكومة وباتت القناعة واضحة عند الجميع بان حكومة تصريف الاعمال ستدير البلاد حتى نهاية عهد عون وربما في حال الفراغ الرئاسي . أما الرئيس عون فقد أكد لزواره انه لن يبقى دقيقة واحدة في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته وسيسلم عهده الى الرئيس الجديد اذا انتخب او الى حكومة تصريف الاعمال.
وكتبت “البناء”: استمر الاشتباك الإعلامي والسياسي على جبهة التيار الوطني الحر ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وتدرّجت الى مستوى عنيف وغير مسبوق ما حول الحكومة الى خبر كان ومهمة شبه مستحيلة وفق اوساط مطلعة لـ”البناء” لا سيما أن التعايش والتساكن بين عون وميقاتي تحت سقف حكومي واحد لم يعد ممكناً في ظل تباعد التوجهات والأهداف وتعميق الخلاف. ما يؤكد وفق المصادر بأن لا حكومة في العهد الحالي وما نعيشه من سجالات واتهامات وحرب كلامية وسياسية ما هي الا نذر وتمهيد للمعركة الرئاسية التي يتحضر لها الجميع ويشحذون جميع أسلحتهم وأوراقهم. علما ان المصادر ترجح تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية وللذهاب الى فراغ لأشهر عدة ريثما تنضج ظروف التسوية الخارجية.
وعاودت لجنة الإعلام والتواصل في “التيّار الوطنيّ الحرّ” فتح النار على ميقاتي.