تفاصيل الخديعة الإسرائيلية: هكذا غُدر بـ«الجهاد»
ونعى الجناح العسكري لـ«الجهاد»، «سرايا القدس»، على إثر ذلك، عضو مجلسه العسكري وقائد المنطقة الشمالية فيه، تيسير الجعبري، إضافة إلى خمسة عناصر آخرين استشهدوا خلال القصف الذي استهدف شقّة سكنية في مدينة غزة ومراصد حدودية، وعنصر سادس في استهداف سيّارته شمال القطاع.
وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في الحركة، فإن الوساطات التي قادها المصريون ومنسّق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، لم تُفضِ حتى عصر أمس إلى نتيجة؛ إذ كانت لا تزال «الجهاد» مُصرّةً على مطلبها الإفراج عن القيادي فيها، بسام السعدي، ووقف الاعتداءات على مخيم جنين، فيما رفضت دولة الاحتلال هذه المطالب، وواصلت نقل تهديداتها «بردّ قاسٍ جدّاً» على أيّ هجوم من غزة. لكن على رغم ذلك التأزّم، وعَد الوسطاء باستكمال المباحثات والعمل على التوصّل إلى حلول مرضية للطرفَين خلال الأيام المقبلة، قبل أن تبدأ على نحو مباغت وغادر الغارات ضدّ مواقع «الجهاد»، وبهذا، فإن الحركة تعرّضت لِما يبدو أنها خديعة، بحسب المصادر نفسها. واكتملت فصول تلك الخديعة مع الزيارة التي قامت بها مسؤولة مكتب وينسلاند لعائلة السعدي، حيث نقلت إليها رسائل طمأنة بخصوص ظروفه الصحّية داخل المعتقل، وذلك بعد اتّصالات أجراها المنسّق الأممي مع حكومة الاحتلال أخيراً للحصول على هذه التطمينات، والتمهيد لنوع من الحلّ.
لكن كلّ ذلك انهار سريعاً مع إطلاق جيش الاحتلال عملية «بزوغ الفجر» ضدّ قطاع غزة، ونشْره «القبّة الحديدية» في وسط الكيان ومدينة القدس، وإعلانه حالة الطوارئ، واستدعائه الاحتياط بشكل مُقلَّص. وكان المتحدّث باسم الجيش أعلن، قبل العملية، أنه تَقرّر تعزيز «فرقة غزة» بقوات إضافية من أجل زيادة الجاهزية، فيما وصف مراسل موقع «واللا» العبري التعزيزات بأنها «ليست دفاعية بل هجومية». وفي وقت لاحق، أفاد مراسل موقع صحيفة «مكور ريشون»، نوعم أمير، بأنه تمّ افتتاح معسكر القيادة العليا في غرفة قيادة العمليات تحت الأرض (البور) في «الكرياه»، لافتاً إلى أن الجيش يستعدّ لتوسيع انتشار القوات البرّية على حدود غزة، فيما أعلن جيش الاحتلال الأمر الخاص رقم 8 باستدعاء 25 ألف جندي احتياط، وإلغاء إجازاتهم. من جهتها، نقلت القناة «الـ 12» العبرية عن مسؤول عسكري كبير قوله إن العملية ضدّ القطاع ليست حدثاً لساعة أو ساعتين، بل سوف تستغرق وقتاً، و«لم نقل الكلمة الأخيرة بعد، ولدينا المزيد من الأشياء لنفعلها»، فيما أفاد مسؤول عسكري كبير، صحيفة «هآرتس»، بأن التقديرات تشير إلى أنه سيكون هناك إطلاق صواريخ ردّاً على الهجوم.
في المقابل، أكد الأمين العام لحركة «الجهاد»، زياد النخالة، أن «اليوم هو اختبار للمقاومة الفلسطينية في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي… نحن ذاهبون للقتال ونسأل الله التوفيق للمجاهدين وسيقع الألم على الإسرائيليين». ودعا النخالة جميع المقاومين إلى الوقوف وقفة رجل واحد، جازماً أن «سرايا القدس ستكون مع كلّ فصائل المقاومة موحّدة في مواجهة العدوان». وتوعّد بأنه «لا خطوط حمراء في هذه المعركة، وستكون تل أبيب تحت ضربات صواريخ المقاومة»، متوجّهاً إلى مقاتلي «السرايا» بالقول: «لن نتراجع ولن نتردّد، وهو أمر ميداني لقواتنا بالتصرّف بحسب الخطة الموضوعة». وفي رسالة انتقاد إلى الوساطة المصرية، قال النخالة: «في ظلّ الوساطة المصرية يخرج العدو بهذا العدوان… وعلى القاهرة الإجابة على هذا التساؤل!».
بدورها، أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية أنها في «حالة انعقادٍ وتقدّر الموقف بالاشتراك مع الأجنحة العسكرية كافة، ولن نسمح للعدو بالتغوّل على أبناء شعبنا ولن يفلح بكسر صمود شعبنا ومقاومته»، مؤكدةً أن ردّ المقاومة على العدوان الإسرائيلي قادم بالطريقة التي تحدّدها قيادتها. وتوعّدت، في بيان مشترك، بأن «جريمة اغتيال القائد الجعبري لن تمرّ من دون عقاب، وستبقى المقاومة الموحّدة هي من تشكّل رأس الحربة في مواجهة جرائم الاحتلال ومخططاته الإجرامية»، مضيفة أن «محاولات الاحتلال تصدير أزماته الداخلية على حساب الدماء الفلسطينية لخدمة أجندته السياسية، لن تفلح». وشدّدت على أن «فصائل المقاومة قادرة على إرباك كلّ الحسابات الصهيونية وفرْض قواعد الاشتباك». وفي الاتجاه نفسه، حمّلت حركة «حماس» الاحتلال كلّ التبعات المترتّبة على عدوانه، جازمة أن «جرائم العدو لن يكون مصيرها سوى الخيبة والخسارة، ولن تدفع مقاومتنا إلّا إلى المضيّ قُدُماً على طريق ذات الشوكة دفاعاً عن شعبنا وحقوقه المشروعة».
إزاء ذلك، أعلنت بلديات مدن إسرائيلية، مساء أمس، فتح الملاجئ للمستوطنين في مختلف المدن، بدءاً من-غلاف غزة وصولاً إلى تل أبيب، خشيةً من إطلاق حركة «الجهاد» عشرات الصواريخ. وبالفعل، بدأت المقاومة، مساء أمس، ردّها الأوّلي على العدوان، بإطلاقها ثلاث رشقات من الصواريخ على مناطق مختلفة، من بينها جنوب تل أبيب.