ٍَالرئيسية

في الذكرى الثانية لجريمة المرفأ.. الإهراءات تنهار فوق ركام الحقيقة المغيّبة وعود رسمية فارغة وحراك شعبي خجول.. لماذا تأخير صدور القرار الظني؟ أزمة في «إسرائيل»: اتهامات للحكومة «بالاستسلام» أمام حزب الله في الترسيم

ابراهيم ناصرالدين

الديار

الانهيار المتتالي للاهراءات في المرفأ «المنكوب» يشبه الى حد كبير السقوط الممنهج للحقيقة تحت ركام المدينة التي قتلت مع الضحايا مرتين. المرة الاولى باسوأ انفجار تختلط فيه كل انواع الجريمة الموصوفة، الاهمال، التسيب، الفوضى، الانهيار الاخلاقي، الفساد،القتل غير القصدي، وربما القتل العمد،وكل موبقات الكون مجتمعة. المرة الثانية باغتيال حق المعرفة، وطمس الدلائل، وتعمد ابقاء الجرح نازفا في بيوت العزاء التي لم تقفل ابوابها بعد، فيما تهيم ارواح الضحايا فوق سماء عاصمة ينام فيها المسؤولون «قريروا العين» في وقاحة موصوفة قل نظيرها في التاريخ. في الذكرى الثانية ثمة من يراهن على الوقت لطمس معالم الجريمة، لم يعرف أحد ماذا حصل؟ وكيف؟ الاهمال ثابت، لكن لم نعرف حقا من هم المهملون! من المسؤول عن الجريمة؟ هل وقع الانفجار بفعل فاعل؟ ام مجرد سوء تصرف وقلة دراية بمخاطر هذه «القنبلة» الموقوتة؟ خرج الاهالي في الذكرى الثانية يطالبون بالعدالة، وخرج كل من في السلطة «يتبجح» بتحقيقها، «الكذب» مستمر بعد عامين على المجرزة والخوف كل الخوف من تحول الفاجعة الى مجرد «فلكلور» وطني يستغله البعض للرقص فوق «جثة» الحقيقة خصوصا ان التحرك الشعبي كان خجولا واقتصر حراك رمزي لاهالي الشهداء المنقسمين على انفسهم.؟

اما السياسة فتبقى في «غيبوبة» بانتظار اطلاق «صافرة» السباق الرئاسي في ايلول ويعمل كل طرف على ترتيب اوراقه بعيدا عن الاضواء لخوض «الكباش» المنتظر ويمكن القول ان «الحركة «لا تزال بلا بركة». ويبقى استحقاق الترسيم البحري في مقدمة سلم الاولويات في ظل انتظار لبنان الرد الاسرائيلي على مقترحاته. وقد بدأت الاصوات ترتفع داخل اسرائيل منتقدة «الاستسلام» المفترض امام شروط حزب الله الذي نجح في رسم حدود قواعد «اللعبة» جوا-وبحرا حيث تبحث السلطات الاسرائيلية عن مكان آمن في الاردن لتخزين «أمونيا» حيفا خوفا من الصواريخ الدقيقة ولعدم تكرار ما حصل في مرفا بيروت!

وعود فارغة

في الذكرى الثانية لجريمة المرفأ، لا جديد سوى استمرار سقوط الاهراءات تباعا، اما قضائيا وسياسيا فلا جديد يذكر، تجديد للادانة، ووعود «فارغة» بمتابعة التحقيقات حتى النهاية، وشلل قضائي يصيب التحقيقات ويؤخر صدور القرار الظني. المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يرفض التنحي بعد اتهامه «بالاستنسابية» في التحقيق لان الادعاءات لم تشمل جميع من تعاقبوا على المسؤولية. في المقابل دعاوى الارتياب بحقه جمدت اعماله. والنتيجة واحدة، الحقيقة في «خبركان».

اين القرار «الظني»؟

ووفقا لمصادر متابعة، فان الضغط يجب ان يتركز على دفع القاضي لاصدار قراره الظني بعد ان باتت خريطة وصول «نيترات الامونيوم» الى بيروت كاملة وواضحة لديه. وعلى الرغم من اهمية محاسبة المهملين، لكن الاولوية تبقى للاجابة على سؤال اساسي حول طبيعة الانفجار. فاذا كانت تحقيقات «الاف بي آي» وتقرير المحققين الفرنسيين قد استبعد تعرض المرفأ لصاروخ، طبعا لا يمكن الركون لتلك النتائج لاسباب عديدة اهمها غياب الثقة والموضوعية، فان احتمال تعرضه لعمل تخريبي يبقى قائما. فماذا لدى المحقق من معطيات؟ فهل سيصدق على رواية «التلحيم» التي اثبتت «المحاكاة» التي قام بها فرع المعلومات باشرافه وحضوره، ان احتمالاتها متدنية جدا. ام لديه رواية اخرى؟!

التحقيق الدولي؟

ولان الحقيقة لا تزال مجهولة، طالبت بعض عائلات الضحايا الأمم المتحدة بالتدخل العاجل وإرسال فريق تقصي حقائق للتحقيق بالانفجار. كما طالبت عدة منظمات حقوقية ومنها هيومان رايتس ووتش وأمنستي انترناشونال، ولجنة القضاة الدوليين إلى جانب الناجين وعائلات الضحايا، الحكومةَ اللبنانية بأنها تعرقل محاولات تحقيق العدالة بطريقة وقحة، وأنها تقوم بمنع التحقيق وحماية السياسيين والمسؤولين المتورطين. وحثّت هذه المنظمات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على الموافقة على قرار في جلسة المجلس القادمة الشهر المقبل، وإرسال فريق تقصي حقائق مستقل وبدون تأخير.

انهيار الاهراءات ولا مخاطر؟

ففي الذكرى الثانية للانفجار تواصل إهراءات القمح في مرفأ بيروت انحناءها، وقد انهار جزء منها بالامس تزامنًا مع وصول مسيرات اهالي الضحايا الى محيط مجلس النّواب، ووفقا لمصادر رسمية تفصلنا ساعات وليس أيام عن سقوط الصوامع في الإهراءات. في المقابل، اشار المصدر الى ان الاختبارات التي أجريت على المواد الموجودة أسفل الصوامع ليست مواد خطرة اوسامة.

تحركات الاهالي

وقبل ساعات قليلة من بلوغ السادسة والـ7 دقائق، خرج اهالي ضحايا المرفأ وانطلقوا بثلاثة مسيرات مطالبين بالحقيقة والعدالة. واعلنوا من أمام قصر العدل بان الضغط الشعبي فضح المناورات وطلبوا الاستمرارلتحقيق العدالة والمحاسبة. كما طالب الأهالي وزير المال بالافراج عن التشكيلات القضائية ليستكمل القاضي البيطار تحقيقاته تعديل القانون وفرض غرامات باهظة على معطلي العدالة واسقاط الحصانات فورا كما اكدوا من أمام السفارة الفرنسية ان باريس لديها فرصة اليوم للوقوف ضدّ المسؤولين عن تمييع العدالة في انفجار المرفأ وطالبوا بإنشاء بعثة تقصّي حقائق خصوصاً وأنّ التحقيق المحلّي متوقّف.وقام عدد من المتظاهرين برمي توابيت ومفرقعات عند أحد مداخل مجلس النواب، وقامت القوى الامنية باطلاق القنابل الصوتية لتفريقهم.

ماكرون والتحقيق الدولي

وفيما كرر كبار المسؤولين في الدولة تعهدهم بإحقاق العدالة المستندة الى حقيقة كاملة! طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإنصاف ضحايا انفجار المرفأ، وعبّر عن تضامنه وتضامن الفرنسيين مع الشعب اللبناني، مؤكّداً أنه لن يدع لبنان ينهار، وعن التحقيق كشف ماكرون، أنه كان قد اقترح إجراء تحقيقٍ دولي، ولكنّ الدولة اللبنانية قررت فتح تحقيق محلي بتعاون دولي. واشار الى أن فرنسا لعبت دورها الكامل في هذا التحقيق، وهي مستعدة للتعاون حتى النهاية وقال، يجب أن تتحقّق العدالة.

الراعي وعودة «والحقيقة»

وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي قد ترأس صباح امس الذبيحة الإلهية لراحة أنفس شهداء تفجير مرفأ بيروت في كاتدرائية مار جرجس بيروت وقال «نرفع صوت الغضب بوجه كلّ المسؤولين أيًّا كانوا وأينما كانوا ومهما كانوا، أولئك الذين يعرقلون التحقيق، كأنّ ما جرى مجرّد حادث تافه وعابر لا يستحقّ التوقف عنده ويمكن معالجته بالهروب أو بتسوية أو مقايضة كما يفعلون عادةً في السياسة». وتابع: «نسأل المسؤولين في الدولة ماذا يريدون أكثر من هذه الجريمة لكي يتحرّكوا؟ وماذا يريد القضاء أكثر من هذا لكي ينتفض لكرامته ويستعيد دوره ويعود قبلة المظلومين؟ ورأى «أنّنا اليوم أمام جريمتين، هما جريمة تفجير المرفأ وجريمة تجميد التحقيق»، معتبراً أنّ «تجميد التحقيق لا يقلّ فداحةً عن التفجير لأنّه فعلٌ متعمّد وإراديّ بلغ حدّ زرع الفتنة بين أهالي الضحايا. بدوره رأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، جنازا لراحة نفوس الضحايا الذين سقطوا في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي،وقال»لا نبتغي سوى أمر واحد هو معرفة حقيقة ما جرى في مرفأ بيروت، ومعاقبة كل من خطط عن قصد، أو ساهم عن غير قصد، ومن غض النظر رغم علمه بخطورة المواد الموجودة هناك.

اسرائيل تستسلم لحزب الله؟

وفي ملف «الترسيم» انتقل الضغط الى إسرائيل المحشورة بين تقديم التنازلات او المخاطرة بحصول مواجهة مع حزب الله، وجديد المواقف تاكيد مصادر أمنية إسرائيليّة رفيعة المستوى ان الحزب قادر بواسطة المقذوفات والصواريخ الدقيقة على شلّ جميع عمليات استيراد المُنتجات من الخارج عن طريق البحر الأبيض المُتوسّط. كما اقرت بان حزب الله يملك القوّة الكافية لضرب جميع منصّات الغاز الإسرائيليّة في البحر المُتوسّط.

وفي هذا السياق كشفت صحيفة «اسرائيل اليوم» عن قرب التوصل الى اتفاق، واشارت الى ان دول أوروبا والولايات المتحدة يضغطون للوصول إلى توافقات لاستخراج الغاز بالسرعة الممكنة من بطن البحر، لكن لماذا طرأ تقدم مهم في المفاوضات مع لبنان، الجواب واضح برايها « لأن إسرائيل استسلمت مرة أخرى لتنظيم حزب الله. واضافت» إذا كان ما يسرب منها صحيحاً، فيبدو أن إسرائيل وافقت على إعطاء اللبنانيين مطلبهم الأصلي، بل وفائض صغير – كبير عنوانه» تبادل للأراضي». فنحو ربع حقل الغاز الذي هو موضع خلاف حول قانا، موجود في «الأراضي الإسرائيلية».إسرائيل وافقت على منح لبنان كل حقل قانا بما في ذلك القسم الإسرائيلي الطفيف، مقابل تبادل للأراضي. وأنتم تعرفون ما قيمة تبادل الأراضي في البحر،تسأل الصحيفة بسخرية،وتقول» دولة إسرائيل تعطي أرضاً مع حقل غاز غني، وتتلقى أرضاً مع بحر! لكن هذا التنازل قد يحتاج الى إجراء استفتاء من أجل الموافقة عليه فهو يحتاج اما الى مصادقة أكثر من نصف أعضاء الكنيست (61 عضوًا) وبعد ذلك إجراء استفتاء عام أو مصادقة أغلبية 80 عضوا من الكنيست.

نصرالله يفهم «اللعبة»

وخلصت الصحيفة الى القول « يفهم نصر الله اللعبة وخريطة المصالح العالمية؛ وبعث بتلك المسيرات في وقت تجثم فيه أوروبا على ركبتيها. نصر الله يدرك اللعبة بل ويتحكم بها أيضاً، يطلق تهديدات تحقق إنجازات سياسية واقتصادية. في المقابل إسرائيل استسلمت، عبر حكومة انتقالية عديمة المسؤولية. وفي الشرق الأوسط المنفلت، بدلاً من أن تطالب أكثر، ها هي إسرائيل تستسلم «للأحابيل» اللبنانية في المفاوضات. وبدلاً من نصب حائط حديدي في وجه التهديدات ومحاولات المس اللبنانية، هربت، وبدلاً من أن تحرص على المصالح الاقتصادية والسياسية في المدى البعيد، نعزز قوة «الوحش» من الشمال. حسب تعبير «اسرائيل اليوم».

سقوط التفوق الجوي

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «هارتس» عن مصادر مطلعة تاكيدها وجود تفاؤل في ملف الترسيم بعد بضعة أسابيع من الذعر والتهديد بالحرب، وقالت ان الطرفين قريبان الآن أكثر من أي وقت مضى من الاتفاق. لكن الصحيفة نقلت عن مصادر أمنية وازنة في إسرائيل أنّ حزب الله زعزع التفوّق الجويّ الإسرائيليّ في الأجواء اللبنانيّة، وبات على استعداد للمخاطرة. اما تقليص حرية عمل سلاح الجو الاسرائيلي في سماء لبنان فيمكن أن يقلل جمع المعلومات الاستخبارية عن نشاطات الحزب ويضعضع ثقة إسرائيل بموثوقية المعلومات . وللدلالة على نجاح الحزب اشارت الصحيفة الى التقارير الدورية التي اصدرها مجلس الأمن حول تجاوزات قرار مجلس الأمن 1701، وقالت «نلاحظ في السنة والنصف الأخيرة، هبوطاً دراماتيكياً في توثيق النشاطات الإسرائيلية الجوية في سماء لبنان التي انخفضت 70 – 90 في المئة في السنة الماضية مقارنة مع السنوات السابقة. وخلصت الصحيفة الى القول «مقاتلو حزب الله يتصرفون وكأنه لا أحد قادر على وقفهم، يبثون ثقة بالنفس مبالغاً فيها، ولا يعتقدون أنهم سيدفعون ثمن ذلك. هذه كبرياء خطيرة، لا يتذكر مثلها طوال السنوات الأخيرة!

«الامونيا» تقلق اسرائيل

وفي سياق متصل، تشير المعلومات الى ان اسرائيل تضغط على الأردن لكي تحصل على مساعدة في تأمين وتخزين كميات من الأمونيا الخطرة في ميناء حيفا كونها في مرمى صواريخ حزب الله، وهو ما يعيد تذكير الجميع بانفجار مرفأ بيروت. كما قررت الحكومة الاسرائيلية نقل حاويات الأمونيا إلى منطقة أقل اكتظاظا بالسكان في صحراء النقب وهو ما اثار موجة اعتراضات دفعت الاسرائيليين الى التفكير جديا بنقلها الى الاردن.

حزب الله «ونوم الليل»

وفي سياق متصل، أكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية قبل أيام، هو رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي أن المقاومة استعدت وجهزت الصواريخ التي تطال كاريش وما بعد كاريش، واضاف «لو علم قادة العدو الإسرائيلي ماذا أعدت المقاومة للمنشآت الاستراتيجية الإسرائيلية النفطية والغازية والعسكرية، لما «ناموا الليل.»

  حظوظ «الفراغ» مرتفعة

وفي ملف الاستحقاق الرئاسي،اذا كان منسوب الضغوط الدولية لانتخاب رئيس في المهلة الدستورية المحددة لانتخابه في ارتفاع مطرد، الا ان مصادر مطلعة اشارت الى ان تاكيد البطريرك الماروني بشارة الراعي بالامس بأنّ الانتخابات الرئاسية ستُجرى في موعدها، ليست مبينة على وقائع صلبة وانما مجرد «تمنيات» بان تصدق النوايا الخارجية في الضغط على المسؤولين اللبنانيين لعدم تمييع الاستحقاق. ولفتت الى ان قوله خلال استقباله وفداً من جمعية «جائزة الأكاديمية العربية»، بإنّ أصدقاء لبنان في العالم لن يتركوه، وعلى رأسهم الفاتيكان والدول الكبرى، مجرد حض على تحمل عواصم القرار لمسؤولياتها، مع علمه المسبق ان قوة الفاتيكان المعنوية غير قادرة على التاثير في الاستحقاق. ولهذا فان احتمال «الفراغ» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون خيار قائم، في ظل غياب التفاهمات الدولية على الملف اللبناني الذي لا يحتل اولوية لدى احد.

«حركة» رئاسية «بلا بركة»

ووفقا لتلك الاوساط، «الحركة» الرئاسية» بلا بركة»، فلا احد من المرشحين «الطبيعيين» سينسحب من «السباق» قبل الحصول على ثمن سياسي في المقابل. واذا كان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يحقق مبتغاه بتحقيق اجماع من القوى المعارضة على اسم مرشح للرئاسة، مع بقاء التواصل في حدوده الدنيا مع الكتائب، والحزب التقدمي الاشتراكي»والتغييريين»، فان الفريق الآخر لم يصل بعد الى حسم اسم مرشحه خصوصا ان النقاش الجدي بين رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم ينطلق بعد بانتظار دخول حزب الله بقوة على هذا الملف باعتباره الضامن الاساسي لاي تفاهم مشترك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى