منذ عام 1979 تواجه سوريا عقوبات اقتصادية مفروضة من الدول الغربية، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي عزز وجود خبرة تراكمية لدى سوريا لمواجهة العقوبات الحالية المتمثلة بـ”قانون قيصر”. قامت الدولة السورية باستحداث آليات مختلفة وتوسيع البحث عن بدائل لاستمرارية عمل مؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. كما أن الضغوطات المعيشية على الشعب السوري جرّاء العقوبات أيضًا ساهمت على مرّ السنين في خلق بدائل إبداعية للمواطن السوري من أجل التغلّب على آثار العقوبات والتعايش معها.
سيستعرض هذا الملف الإجراءات السورية الرسمية والشعبية لمواجهة الحصار المفروض على الدولة السورية.
على الصعيد الرسمي
-قبول سوريا لمساعدات حلفاءها من الدول وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية
بحسب معهد الشرق الأوسط ، شحنت إيران كميات كبيرة من النفط إلى سوريا تقدر بنحو 1.7 مليار دولار سنويًّا في الفترة بين عامي 2013 و2018. وعرض الموقع نفس المعدل في عامَي 2019 و2020، واستنتج أن إجمالي صادرات إيران من النفط الخام إلى سوريا خلال الحصار الحالي قد وصل في عام 2020 إلى 13.6 مليار دولار أميركيّ. إلى ذلك، منحت إيران 2 مليار دولار أميركيّ لمصرف سوريا المركزيّ في الفترة بين عامَي 2013 و2015 لدعم الليرة السوريّة . كما وقعت سوريا في نفس العام خط ائتمان بقيمة 3.6 مليار دولار مع إيران في يوليو 2013 بهدف تمويل واردات السلع وتنفيذ مشاريع، ولتأمين تدفق السلع والمواد الأساسية لسوريا. بحسب تصريحات مسؤولين سوريين لوكالة رويترز لم تذكر اسمهم، قالوا إن “المساعدات المالية التي تقدّمها طهران تعتبر محوريّة للحكومة السورية والاقتصاد الذي انكمش بأكثر من النصف في السنوات الأربع منذ اندلاع الصراع.” وبحسب المصدر نفسه، تم استخدام هذا الخط أيضًا لشراء المنتجات الاستهلاكية الإيرانية بمئات الملايين من الدولارات التي تشتد الحاجة إليها، من الدجاج المجمد والسكر إلى السلع الكهربائية. يقول رجال الأعمال إنهم عُرضوا في منافذ البيع بالتجزئة التي تديرها الحكومة مما ساهم في استقرار الأسعار وتخفيف المصاعب عن السوريين العاديين.
وفي حزيران/يونيو عام 2020، صرَّح وزير الشؤون الخارجيّة الإيرانيّ مجمد جواد ظريف أنّ سوريا ما تزال تمتلك خطّاً ائتمانيّاً في إيران لكن دون أنْ يذكر مقداره. وبحسب معهد الشرق الأوسط، فيقدّر الدعم الإيرانيّ غير العسكريّ المقدَّم إلى سوريا خلال فترة 2018-2020 بنحو 15.6 مليار دولار أميركيّ، وهو ما يعادل تقريباً 8.5 أضعاف الميزانيّة السوريّة في عام 2020. كما كشف رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف في تموز 2021، عن “اتفاق شامل للتعاون بين إيران وسوريا” تجري صياغته لمواجهة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على البلدين.
-اتفاقات مع الحليف الروسي:
استوردت سوريا من الحليف الروسي القمح وفقًا لاتفاقيات متبادلة، فقد ارتفعت الكميّات السنويّة من القمح الروسيّ المصدرة إلى سوريا لتصل إلى أكثر من مليون ونصف المليون طنّ في 2018 بعد أنْ كانت 650 ألف طنّ في عام 2015. إضافةً إلى هذا لعبت عدّة شركات مسجَّلة في روسيا دوراً مهمّاً في تصدير النفط إلى سوريا وكسر العقوبات المفروضة على القطاع النفطيّ السوريّ. ووقعت روسيا وسوريا عدداً من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بمجالات اقتصادية وتجارية وتعليمية ضمن فعاليات متابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين في يومه الثالث.
-جذب الاستثمارات:
بدءاً من العام 2018، الَّذي شهد عودة مؤسَّسات الدولة الرسمية إلى مناطق عديدة حررتها وحدات الجيش السوري، سعت البلاد لمحاولة إعادة تدوير عجلة الإنتاج لتأمين الاحتياجات الأساسية للسكان وتحسين مستوى الخدمات، وخصوصاً أنَّ عملية تحرير مناطق واسعة حملت معها أيضاً مسؤوليات كبيرة تمثّلت بتأهيل وإصلاح البنى التحتية والمرافق الخدماتية، وتوفير ما يحتاجه السكان في تلك المناطق. وبحسب بيانات هيئة الاستثمار السوريّة، فإنَّ عدد المشروعات الاستثمارية المستقطبة في العام 2019 بموجب مرسوم تشجيع الاستثمار وصل إلى حوالى 121 مشروعاً بكلفة استثمارية تقديرية تبلغ حوالى 193 مليار ليرة، وبنسبة زيادة قدرها 11% و65.7%، مقارنة مع العامين 2018 و2017 على التوالي. وتضيف البيانات أنَّ مشروعات الصناعات التحويلية والاستخراجية شكَّلت ما نسبتها 73.7% من إجمالي التكاليف التقديرية للمشروعات المستقطبة. وأبدت مؤشرات تنفيذ المشروعات في العام 2019 تحسناً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة، إذ بلغ عدد المشروعات المنفذة 15 مشروعاً، أي ما نسبته 12.3% من إجمالي عدد المشروعات المستقطبة. وكان من بين المشروعات المنفّذة 6 مشروعات في مجال الصناعات الغذائية، و5 مشروعات لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقات المتجددة، ومشروع واحد في قطاع الصناعات الدوائية.
-دعم القطاع الزراعي:
بحسب المهندس رائد حمزة مدير “مركز السياسات الزراعية” في وزارة الزراعة السورية، فإن الحكومة السورية تقوم بتأمين وتسهيل شراء المحاصيل الزراعية من منتجيها بأسعار تتناسب مع تكاليفها وسط كل الظروف الموجودة وتحديداً محصول القمح، بالإضافة الى رفع الانتاجية في وحدة المساحة ورفع العائدية الانتاجية في وحدة المياه والأرض، ودعم المزارع بأشكال متعددة. كما عملت الوزارة الزراعية السورية على استبدال الأسمدة التي يمنع استرادها قانون ىقيصر بالمواد العضوية ومنها الكومبوس وغيرها، حيث وبحسب رائد حمزة سيتم تأمين قرابة 75% من هذه المستلزمات خلال فترة وجيزة ما يكفي بالحد الأدنى لتأمين الإنتاج المحلي.
-دعم الانتاج والاقتصاد المحلي
أولت الحكومة اهتماماً كبيراً بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إطار عمل مؤسساتي متكامل يقوم على مجموعة من برامج الدعم التي تقدمها جهات حكومية مختلفة لتأمين التمويل اللازم لهذه المشاريع ومتابعتها من ناحية التسويق والإنتاج حتى تحقق الغاية التنموية المرجوة منها، وبهدف تأمين التمويل اللازم لتمكين أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من إطلاقها، قال مدير المصرف التجاري السوري الدكتور علي يوسف أن رئاسة مجلس الوزراء المصرف التجاري السوري كلفت بإطلاق برنامج تمويل لدعم هذه المشاريع، لتكون استجابة المصرف فورية ومباشرة فأصدر البرنامج الذي يتكون من 13 منتجاً مصرفياً بفوائد مدعومة، حيث بلغت نسبة الفائدة على هذه القروض 4% على الرصيد المتناقص للقرض وستكون القروض لآجال طويلة الأمد، لافتاً إلى أن القائمة مفتوحة وستتم دراسة أي مشروع يعتبر هاماً لدعم الاقتصاد الوطني لتشميله في برنامج التمويل، حيث تخضع هذه القائمة للدراسة والتعديل بشكل مستمر. وعن التسهيلات والمزايا التي يمنحها برنامج التمويل، أوضح يوسف أنه وبتوجيه حكومي تم تسهيل الإجراءات المطلوبة للحصول على القروض إلى أقصى حد، والضمانات المصرفية التي تم طلبها للحصول على هذه القروض هي ضمانات عادية وتم العمل على تخفيضها أكثر من المعتاد، والمصرف على استعداد للتعامل مع أي إشكالية في عملية المنح وتعديل الإجراءات لاحقاً بناء على التغذية العكسية، لافتاً إلى أنه تم التأكيد على فروع المصرف في جميع المحافظات بالتعامل بإيجابية مع هذا الموضوع ونشر أرقام هواتف للاستفسار أو تقديم الشكاوى وستتم متابعة هذا الموضوع بشكل مستمر والتعامل مع أي إشكاليات تحصل بشكل فوري. وبيّن مدير المصرف التجاري السوري أنه تم تشكيل فريق عمل في كل فرع من الفروع في المحافظات لاستقبال أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوجيههم نحو المنتج المصرفي الذي يغطي احتياجاتهم، ويجري العمل على كافة الصعد لإنجاح برنامج التمويل الذي أطلقه المصرف وتحقيق الغاية المرجوة منه في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لما لها من دور كبير في تشغيل عدد كبير من العمالة ودعم خطة إحلال بدائل المستوردات وتحقيق المنافسة وتوفير القطع الأجنبي وتوفير حاجة السوق المحلية من المنتجات وصولاً إلى التصدير. وأكد يوسف أنه في إطار توسيع مروحة الدعم الحكومي لتغطي كافة أنواع المشاريع من متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة وكبيرة يعمل المصرف التجاري السوري على تقديم العديد من برامج التمويل التي تصب في هذا المجال، فعلى سبيل المثال أطلق المصرف في وقت سابق القرض الشخصي الذي يعتبر النوع الوحيد من القروض الذي يمنح بغض النظر عن غاية التمويل وقد لاقى رواجاً كبيراً، كما يحرص المصرف التجاري على تحقيق المنافسة المصرفية التي من شأنها تحسين الخدمات التي يقدمها وزيادة مساهمته في دعم المشاريع الإنتاجية والتنموية.
-إحلال بدائل المستوردات
أطلقت وزارة الإقتصاد السورية بالتعاون مع المؤسسات المعنية برنامج “إحلال بدائل المستوردات” في 17 أيار 2019، والذي يشمل67 مادة وقطاعًا، وأبرز تلك المواد الأدوية النوعية والاستيرادية والمتممات الغذائية والصيدلانية، والحليب المجفف وحليب الأطفال، والذرة الصفراء العلفية، والسمسم والبذور الزراعية، بالإضافة إلى العديد من المنتجات الأخرى، وتتنوع القطاعات بين الطبية والصناعات النسيجية وقطاع الدواجن والورق بالإضافة إلى قطاعات أخرى شملها البرنامج. وفي 21 من أيار 2019، أعلنت الوزارة، عبر صفحتها على فايسبوك، الحوافز المتمثلة في تخفيض الرسوم الجمركية على بعض مدخلات الإنتاج، وإجراءات حمائية من منافسة البضائع والسلع المستوردة المماثلة، وتسهيل الحصول على الاحتياجات اللازمة للانطلاق بالعمل، مع إمكانية تشميل بعض القطاعات بحوافز التصدير مستقبلًا. بالإضافة إلى مزايا خاصة لتخصيص الأراضي في المدن والمناطق الصناعية، تتضمن إعطاء الأولوية في تخصيص المقاسم في المدن الصناعية لمشاريع بدائل المستوردات وبالمساحات المطلوبة، مع تأمين الخدمات اللازمة. وتشمل المزايا الخاصة، عدم مطالبة المستثمر بتسديد قيمة الدفعة الأولى، مع إعطائه فترة “سماح” لحين البدء بالإنتاج، وزيادة مدة استيفاء الأقساط إلى 20 سنة، بالإضافة إلى تخفيض أعباء وتكاليف الحصول على التمويل، من خلال برنامج دعم أسعار الفائدة. كما أعلنت الوزارة عن دعم فوائد قروض 25 برنامجًا لـ”إحلال بدائل المستوردات”، بنسبة 7% من سعر الفائدة المحدد على القروض. وتهدف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من خلال هذا البرنامج للتوجّه نحو المزيد من “الاعتماد على الذات”، تحقيقًا لتخفيض الطلب على القطع الأجنبي الناجم عن الطلب على الاستيراد، وتأمين إنتاج عدد من المواد والسلع محليًا، وخلق فرص استثمارية جديدة بـ”حوافز حكومية مميزة”، وبالشكل الذي يؤدي إلى “استثمار الموارد المتاحة وإيجاد فرص عمل، وبالتالي خلق مصادر الدخل للمواطنين”.
الخبير السوري كمال جفا، قدّم مجموعة من الاجراءات قامت بها الحكومة السورية للتغلّف على آثار العقوبات وهي:
-الاستفادة من أبار النفط والغاز الموجودة في المناطق الآمنة وإعادة صيانتها واستثمارها.
-ايجاد وسطاء لشراء النفط من قسد عبر طرف ثالث.
-التعاون مع الحلفاء وخاصة ايران لتوريد شحنات نفط عبر شركات وهمية وعبر شركات نقل متعددة للهروب من الحصار والعقوبات الامريكية.
-الاعتماد على التجار والصناعيين السوريين في دفع قيمة هذه الشحنات بالقطع الاجنبي كاش من خارج سورية واستيفاء ثمنها بعد وصولها وبيعها من قبل الحكومة السورية وبالليرة السورية.
-الاعتماد في بعض الاحياء على حماية الأسطول الروسي لايصال هذه السفن الى الشواطىء السورية لحمايتها من القرصنة الامريكية والاستهداف الاسرائيلي.
-التنسيق مع عدة دول صديقة في سبيل تسجيل شركات وتأمين مكاتب تحويل أموال وشراء مشتقات نفطية وغيرها بعيدة عن أعين الرقابة الامريكية ان كان عبر ممولين سوريين او من قبل حلفاء سورية كايران ولبنان وروسيا وبعض الدول التي ترتبط بعلاقات جيدة مع سورية.
وأضاف كمال جفا لم تقف الحكومة السورية مكتوفة الايدي ومكبلة طوال مدة سنوات الحرب العشر الماضية بل كان لوحدة القرار السياسي والامني والاقتصادي السورية ومرجعيته الرئيسية دور كبير في كسر الحصار وفي التغلب على مصاعب تأمين المشتقات النفطية وتوفيرها ولو بالحد الادنى وخاصة ان المعارك لم تتوقف خلال كل سنوات الحرب وكانت المؤسسة العسكرية والفيالق والفرق ووحدات الجيش السوري لديها من الاحتياطي الاستراتيجي ومن المخصصات التي ساعدتها في تأمين الوقود لكل القطعات العسكرية وان كان الطيران الحربي يحتاج للكيروسين او الدبابات التي تعمل على المازوت او السيارات والعربات التي تستخدم البنزين الممتاز والعادي.. كل الخيارات المتاحة والممكنة استخدمتها الحكومة السورية لتأمين عصب الحياة اليومية لأي دولة وخاصة استمرارية تشغيل المصانع السورية ان كان تابع للقطاع العام والمرتبطة بالمجهود الحربي او الخدمي او معامل القطاع الخاص التي كانت في المناطق الآمنة . لكن الحكومة السورية عملت الى وضع سلم اولويات والبحث عن الموارد المتاحة في مناطق سيطرتها بالاضافة الى البدء بعملية مسح شاملة للمناطق التي تحوي على ثروات نفطية وغازية وخاصة في مناطق شمال شرق دمشق مثل القلمون ودير عطية وقارة والتي وجدت فيها اكتشافات غازية تم البدء باستثمارها ووضعها في الخدمة لتغذية الشبكة العامة. المحور الاخر هو تشكيل فرق عمل وطنية لصيانة محطات التوليد ومصافي النفط المتواجدة على الاراضي السورية والبدء بعمليات صيانة واسعة ودورية وتأمين بدائل محلية لقطع التبديل وأنابيب الغاز والبخار والدرارات التبريدية لمحطات بانياس والزارة وتشرين ودير علي وهذه الانجازات الكبيرة ساعدت في ابقاء هذه المحطات على قيد الحياة ومنع خروجها عن الخدمة وايضا ساعدت في تأمين امدادات الطاقة للمرافق العامة والمؤسسات الخدمية. الخيار الثالث هو البدء بالبحث عن الطاقات البديلة وخاصة الاستفادة من الطاقات الريحية والشمسية وتم اقلاع هذه المنشآت ووضعت بالخدمة وبدأ التوسع تدريجيًا في خطوط الانتاج للطاقات الشمسية وضمها للشبكة العامة بالاضافة الى تركيب العنفة الثانية من المراوح الهوائية المولدة للطاقة والتي وضعت في فتحة حمص وهذه المنطقة يمكن أن تستوعب كمية ضخمة من المراوح تكفي لتغذية معظم الشرق الاوسط. إن السوريون حكومةً وشعبًا تعرضوا لأبشع أنواع الحصار والتدمير في العصر الحديث، بالرغم من ذلك كان هناك أولويات لدى الحكومة السورية في تأمين المواد والمشتقات النفطية والتغذية الكهربائية حيث كانت المشافي والمؤسسات الخدمية في سلم الاولويات ولم يتوقف على سبيل المثال اي مشفى عام او خاص في كل سنوات الحصار بل استمرت هذه المنشآت بالعمل وتقديم الخدمات في اصعب ظروف الحرب وخاصة بين أعوام 2012 و 2016 وهو عام التحرير لحلب الشرقية وعام التوحيد للمدينة بعد ان كانت قسمين. حيث اعتمدت الدولة على الكوادر الوطنية ورفعت شعار البدائل المحلية في عمليات الصيانة والاستخراج والنقل والتسويق والتوزيع وحتى التشغيل للمنشآت التي تم اعادتها للخدمة وكل ما تم استخدامه هو من الورش والمعامل المحلية وتم الاستعانة بشكل محدود بالشركات الحليفة والصديقة في انجاز بعض الصيانات الضخمة لبعض المنشآت او المعامل الخاصة بتوليد الطاقة او استخراجها او حتى تكرير المشتقات النفطية في مصفاتي حمص وبانياس . وكان للكوادر المحلية دور كبير في حل كثير من المشاكل التي واجهت الحكومة السورية في عدد من المفاصل الخدمية المتخصصة بفعاليات النفط والغاز تكرير او نقل او توليد. المعاهد والجامعات والمدراس الفنية بالاضاقة الى الكوادر الوطنية العاملة في القطاع الحكومي المختص بهذه الصناعات له دور اساسي في ابقاء سورية على قيد الحياة في وقف انكفأت في معظم الدول عن ارسال خبرائها او مندوبيها الى سورية وتحت حجج مختلفة. نحن لم نصل بعد الى مرحلة الكمال لكن الحلول التي اجتزتها الدولة السورية استطاعت ابقاء عجلة الحياة مستمرة وان كانت بنسب متفاوته وحسب القطاعات وحسب المدن واهميتها السياسية او الامنية او الخدمية او الصناعية لكن لم تدخل أي منطقة في سورية مرحلة الموت السريري جراء عدم توفر المشتقات النفطية وكانت هذه الحلول وأن كانت غير مرضية في بعض المراحل او الازمنة لسكان بعض المدن السورية لكنها ابقت سورية ككل دولة وحكومة وشعب وخدمات على قيد الحياة حتى لو كانت هذه الحلول من المنغصات لبعض أطراف الشعب السوري لكن حقيقة الامر هي حلول اسعافية مهمة وضرورية وفيها اولويات ولم تنقطع ولا مرة المخزونات الاستراتيجية للدولة السورية لا بالقطاع العسكري ولا بالقطاع المدني وفي كل الاستحقاقات التي فرضت على الواقع السوري كان القطاع النفطي ومشتقاته متواجدين ان كان من خلال شبكات الغاز التي تؤمن استمرار عمل محطات التوليد الكهربائي او كان اسطول نقل النفط الخام السوري من عدد من المناطق الى مصفاتي حمص وبانياس او حتى بواخر النفط القادمة من الدول الصديقة وطبعًا ايران ساهمت في تأمين امدادات اساسية ومهمة جنّبت سورية مرحلة الشلل التام كما يحدث في لبنان الشقيق.
على الصعيد الشعبي
من أكثر الإجراءات أهمية اتخذها الشعب السوري في سبيل مواجهة الحصار هي “التضامن والتكاتف” مع الحكومة السورية لمواجهة الحصار. فيمكن القول إن الشعب السوري يدرك جيدًّا أن الوضع المعيشي الصعب سببه الأول “العقوبات الإقتصادية الغربية”. فعلى سبيل المثال أطلقت صفحة على الفايسبوك “المجتمع السوريّ الأهليّ Syrian Civil Society” من أجل “رفع الحصار عن سورية” وقد غيّر آلاف السوريّين، وأغلبهم من داخل البلاد، صورَ حساباتهم على فيسبوك لتشمل جملة “ارفعوا الحصار عن سورية”. وعبَّر أعضاء في البرلمان وفنّانون وشخصيّات دينيّة بارزة لها تأثير كبير في المجتمعات المحلّيّة -كالأب إلياس زحلاوي، وهو قسّ يحظى باحترامٍ واسع في دمشق- عن دعمهم الحملة.
كما قدمت غرفة الصناعيين السورييين مذكرة حلول للحكومة السورية تتضمن مجموعة من البنود التي رأت من شأنها تخفيف تقلبات سعر الصرف على الصناعة الخاصة. المذكرة تضمن سبل النهوض بواقع الانتاج الصناعي وفتح افاق التصدير امامه في ظل الظروف الراهنة التي تعاني منها سوريا من حصار شديد حيث أن تحريك عجلة الانتاخ خط الدفع الأول ضد العقوبات خاصة بعد قانون قيصر.
وتتنوع الأدوات التي يقوم بها السوريين بابتكارها حسب مستوى الحاجة إليها في مختلف المجالات. فمع انقطاع موارد الطاقة عن المنطقة أصبح الأهالي بحاجة لمصادر جديدة فقاموا باختراع مواد تسمح بتوفير الوقود واستخراجه من مصادر بديلة كمادة البلاستيك التي أصبحت مادة أولية، حيث يتم تسخين البلاستيك بطرق بدائية ويستخرج منها وقود المازوت والبنزين والشحم الصناعي، كما يقوم السوريون باستخراج غاز الميثان من روث الحيوانات عن طريق وضعه في حفر كبيرة وتركه ليتفاعل مدة معينة من الزمن، فينتج عنه غاز الميثان نهاية الأمر. وعن طريق استخدام طاقة الرياح يتم توليد الطاقة الكهربائية أيضا، حيث تتم الاستفادة منها بواسطة تركيب العنفات الهوائية التي تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية بمستوى 12 فولط لشحن البطاريات التي توفر الإضاءة للبيوت وشحن الهواتف النقالة، علاوة على الاستخدامات الطبية. يرى المهندس والناشط في مجال حقوق الإنسان مازن الشغري “أن الأفكار التي يطورها السوريون تستحق التأمل والتطوير، وهناك لجان خاصة يتم تشكيلها حاليا لعرض هذه الأفكار كمشاريع بحث على الجامعات التي تعنى بالبحث العلمي والاعتماد عليها كنواة للدراسة والبحث في مجال الطاقة البديلة”.
الكاتب: الخنادق