كتّاب الديار
لطالما وصفت شخصية وزير الطاقة وليد فياض بكونها مثيرة للجدل. مواقفه ايضاً أكثر اثارة للجدل. ماذا ستكون ردة فعل آموس هوكشتاين حين يطرح أمامه عرض السيد حسن نصرالله باستيراد الفيول الايراني مجاناً لتشغيل معامل توليد الكهرباء؟
هذا ما قاله الوزير الذي يفترض أن يعلم أن كلام السيد وصل الى البيت الأبيض قبل أن يصل الى أذني صاحب المعالي. نتصور أن المبعوث الأميركي الذي لا تنقصه الحنكة ولا القدرة على المراوغة سيسأله عن العلاقة بين مهمته كوسيط ومسألة استجلاب الفيول من ايران، وهل ذلك يعتبر تبليغاً بانتهاء مهمته.
الايرانيون يعلمون أن تزويد لبنان بالفيول، في هذه الظروف المروعة، لا يقل تأثيراً، ودوياً، عن تزويد المقاومة بالأسلحة لاجتثاث الاحتلال. بالتالي ارساء معادلة توازن الرعب مع الأرمادا الاسرائيلية التي لا تقهر. على أرضنا قهرت وتقهقرت!
لا أحد يشكك في صدقية كلام الأمين العام لـ “حزب الله”، وهو صاحب الصوت الذي يزعزع حتى عظام تيودور هرتزل، فهل يتجرأ رئيس الجمهورية، العائد، قريباً، الى منزله، وهل يتجرأ رئيس حكومة تصريف الأعمال، بصفته هذه كما بصفته الرئيس المكلف، على فتح الموانئ اللبنانية أمام البواخر الايرانية؟
ممّ يخاف فخامة الرئيس، ودولة الرئيس؟ البلد في الموت السريري. جو بايدن لم تتورع “فوكس نيوز” عن وصفه بـ “الدجاجة المجنونة!!”.
استطراداً، ما هو الأسوأ الذي نتوقعه من أميركا. دوروثي شيا نقلت الى قصر بعبدا، في آب من العام الماضي، مبادرة الادارة الى حمل البنك الدولي على تمويل عملية استجلاب الغاز المصري الى الأردن، واستجرار الكهرباء من هناك.
آنذاك هال الادارة أن يصل المازوت الايراني الى لبنان عبر المرافئ السورية. الوعد ما زال، حتى الساعة، حبراً على ورق. الادارة منشغلة بمحاولات استيعاب تداعيات التعثر الاقتصادي على الناخب الأميركي عشية الانتخابات النصفية للكونغرس، وهي التي غرقت وأغرقت حلفاءها في المستنقع الأوكراني، بعدما راهنت على غرق روسيا، استراتيجياً، وحتى وجودياً، في هذا المستنقع .
سمير جعجع سارع الى الدعوة للموافقة على استجلاب الفيول من ايران، لا لأن تحولاً مثيراً حصل في الولاء السياسي، والمالي، للرجل، وانما للتشكيك في صدقية العرض، مستعيداً الملابسات (التي لم يتم توضيحها) حول توقف استيراد المازوت الايراني عشية فصل الصقيع .
الايرانيون يجاهرون بأنهم تجاوزوا العقوبات. بواخرهم تصل الى سوريا، وحتى الى فنزويلا، على رمية حجر من الولايات المتحدة. نعتقد أنهم ينتظرون اشارة من السلطات اللبنانية للمباشرة في تحميل البواخر.
ولكن ألا يتردد في الظل أن واشنطن لوحت، من الطبقة العليا للكرة الأرضية، بوقف قرض القمح من البنك الدولي ما يعني قطع الرغيف عن أفواه اللبنانيين، وصولاً الى اقفال أبواب صندوق النقد الدولي أمام لبنان؟
لماذا لم يقل الرئيس ميشال عون كلمته؟ ما الذي يمنعه من ذلك، وهو الذي لم يترك وراءه سوى الأهوال؟ ولماذا لم يقل الرئيس نجيب ميقاتي كلمته لأن أي كلمة خارج الخط الأميركي تعني تدمير مستقبله السياسي، وهو الذي يعلم أن لبنان نفسه بات دون أفق، ودون مستقبل؟
ذاك اللبنان (كضحية لأنصاف الالهة) الذي يحتاج الى رجل يخترق كل المحرمات الأميركية، ويجعل مصلحة لبنان فوق مصلحة الشخص وفوق مصلحة الطائفة…
حتى دون الاصغاء الى من ينصحوننا بعدم الاستهانة بأميركا، كوننا كائنات من التنك، نعلم أن المصيبة فينا، كقصاصات بشرية تعاني من التفكك، ومن التشتت، قبل أن تكون في أي مكان آخر…
نعلم، أيضاً، بأن هناك من هددنا بمصير أشد اسوداداً وأشد هولاً، اذا ما قيض لنا رئيس للجمهورية بعيد عن مواصفات أميركا، وحلفاء أميركا.
الى اشعار آخر، ملوك السياسة (ملوك السيادة) وملوك الطوائف عندنا يدارون بعصا المايسترو الأميركي، اذا تناهى اليكم كلام فرانز فانون (صاحب “معذبو الأرض”) عن ثقافة العصا لكأنها عصا… القضاء والقدر!