كتّاب الديار
ليس من السهل ابداً ان يتخلى أي زعيم ماروني عن حلمه بالوصول الى منصب الرئاسة، فالكل يتوق الى تحقيق ذلك، وهذه ابرز اسباب الخلافات بين الاقطاب الموارنة، فالكل طموح ، لكن المكان لا يسع سوى لواحد، لذا لا مجال لتسوية بين الاقطاب إلا في حالة واحدة، هي الشروط والوعود المسبقة التي توصل الى قصر بعبدا لاحقاً، وهنا سبب كل المصائب والكوارث التي نتجت عن تفاهمات لم تصمد، لانها تضمنّت المصالح الخاصة ليس اكثر.
وعلى الرغم من الخلافات والتباينات بين القادة المسيحيين، اذ لا احد منهم يفهم على الاخر، لان التسابق قائم بقوة من اجل زعامة الشارع المسيحي، وهنا اصل البلى، لذا من الصعوبة جداً جمع هؤلاء ومحاولة تقاربهم، على الرغم من كل المحاولات التي جرت، والتي لم تؤد الى النتيجة المطلوبة، اذ كانت تقتصر فقط على إزالة التوتر وضبط الشارع ليس أكثر، وتخفيف التراشق الكلامي والردود، وآخر الاجتماعات التي اعطت نفساً سياسياً ايجابياً بعض الشيء، كان إفطار حارة حريك الذي ضمّ الحليفين السابقين رئيس ” التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورئيس تيار ” المردة ” سليمان فرنجية، وافيد حينها عن لقاءات مرتقبة بين الرجلين لم تحدث بعد، لان عودة التوتر على خط باسيل – فرنجية قضى على تلك اللقاءات المرتقبة، إلا في حال نجحت وساطة حزب الله التي تجري منذ فترة لعقد اجتماع آخر، اذ افيد بأنّ الوساطة كانت قائمة منذ ايام من قبل حزب الله، لترتيب زيارة يقوم بها قريباً باسيل الى بنشعي، لبحث الملف الرئاسي والتفاهم عليه، لكن الرياح لم تجر كسابقاتها، اذ انّ المقابلة التلفزيونية التي جرت مساء الجمعة الماضي مع رئيس” التيار” أطلقت سهامها في إتجاه بنشعي فأصابت فرنجية، والخلاصة انه لن يحظى بدعم وتأييد باسيل، مع اسئلة طرحها :” ولماذا ادعمه في ظل التباين في بعض الملفات”؟، لتنتهي المقابلة بنتيجة واحدة ان لا تأييد رئاسياً من باسيل لفرنجية.
إنطلاقاً من هنا يعتبر مراقبون سياسيون بأنّ الجولة الاوروبية التي قام بها رئيس “التيار الوطني الحر” الاسبوع الماضي، اعطته جرعة امل رئاسية، مع إمكانية إزالة العقوبات الاميركية ضده، وعندها يستطيع الترشح الى الرئاسة، ولا احد يعلم ما ستعلنه الساعات الاخيرة في الانتخابات الرئاسية، لذا قالها باسيل بالصوت العالي:” لا ارى حالياً سبباً لإنتخاب فرنجية رئيساً “، ليعود التوتر بين الطرفين في ظل صمت فرنجية وعدم تعليقه على كلام باسيل بطلب من حليف.
الى ذلك افيد ايضاً بأن إعلان رئيس” الوطني الحر” عدم تأييده لوصول رئيس تيار “المردة” الى سدّة الرئاسة ، اتى بعد ان تلقى كلاماً من مقرّبين من فرنجية، بأنّ الاخير لن يقبل بشروطه مقابل دعم ترشيحه والتصويت له، لانّ ليس من السهل ان يوافق عليها لانها تعجيزية، وتشمل ضمانة تأييد باسيل ووصوله الى بعبدا بعد 6 سنوات، وحصوله على مكاسب سياسية وفيرة خلال عهد فرنجية، الامر الذي سيجعل من الاخير رئيس ظل وفق ما قاله المراقبون، لكن الرياح لم تجر كما اراد باسيل، الذي لا يحظى بتأييد اكثرية المجلس النيابي بسبب خلافاته مع العديد من السياسيين، فيما فرنجية يحظى بتأييد لا بأس به، وخصوصاً من حزب الله على الرغم من انّ الحزب لم يعلن موقفه بعد في هذا الاطار، لكن العلاقة تبقى جيدة مع حارة حريك، كما يلقى فرنجية تأييداً من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ورئيس الحزب ” التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، في حال وضع برنامجاً رئاسياً ، إلا اذا كانت كلمة السر الخارجية معلّبة وإسم الرئيس محضّر سلفاً.
في غضون ذلك، إكتفى فرنجية بعدم التعليق لأيام تلبية لنصيحة من حليف، لكنه ردّ الصاع صاعين لباسيل ومن عين التينة تحديدا فقال:” نحن والرئيس نبيه بري فريق واحد”، في إشارة الى تلقيه الدعم الرئاسي من رئيس المجلس، الخصم الاكبر والدائم لباسيل. وعن رأيه في ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية أجاب فرنجية:” نحن مع كل ما يصبّ في مصلحة لبنان”، ليطلق رسالة انفتاح الى قائد الجيش، ورسالة سلبية الى رئيس”التيار”.
في الخلاصة ادى المنصب الرئاسي الى القضاء على العلاقة المتأرجحة بين ” الوطني الحر” و” المردة “، فهل يخرج المرشحان من السباق؟، ويصل مرشح وسطي كما يريد البطريرك بشارة الراعي واكثرية اللبنانيين ودول القرار، التي تعمل على إيصال شخصية محبوبة شعبياً كقائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يمثل كل اللبنانيين عبر قيادته لجيش كل لبنان؟.