تعتبر أزمة الوكالة اليهودية التي أغلقتها روسيا، واحدة من سلسلة تحديات باتت تعصف بالعلاقة ما بين الجانبين. في ظل انقسام بين المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية حيال التعامل مع العملية العسكرية الروسية وأوكرانيا ومدى الحد المسموح لتقديم الدعم الإسرائيلي للأخيرة.
صحيفة معارف اشارت في هذا الصدد، إلى ان “استراتيجية رئيس وزرائنا -لابيد- خطيرة للغاية؛ فهي تضع إسرائيل في عين العاصفة”. معتبرة ان “الصدام الجبهوي مع زعماء قوى عظمى خطأ من أساسه، يضيق مجال المناورة الدولية لإسرائيل، الذي هو على أي حال ليس واسعاً، ويعرضها للخطر في المستوى الإقليمي بعامة والأمني بخاصة، ويصعد الوضع إلى نقطة لا مرد لها”.
النص المترجم:
يبدو أن حكومة إسرائيل قررت الصدام جبهوياً مع روسيا: لا سبيل آخر لوصف آثار تصريحات لبيد ضد الرئيس بوتين والحرب في أوكرانيا. ولم يتبقَ الآن إلا شد الأحزمة وانتظار النتائج التي يمكن تصورها كصدام بين سيارة صغيرة ودبابة. ماذا سيكون مصير تلك السيارة ومسافريها؟
لست من مؤيدي بوتين. الحرب في أوكرانيا صراع وحشي. لكنها حرب بين دولتين، لروسيا هدف واضح فيها: هز نقطة التوازن في العلاقات الدولية بعد سنوات طويلة عمل فيها الغرب والناتو على ضم المزيد من الدول إلى حضنه في ظل زعزعة مكانة روسيا. وهذا أمر لم يقبله بوتين.
الحرب في أوكرانيا ليست على إقليم دونباس ولا على مقاطعات انعزالية؛ هي حرب على مكانة روسيا كقوة عظمى عالمية. والحرب كما يعرف ستكون وحشية ومأساوية إسرائيل في هذا السياق لن تسمح لنفسها بالدخول بين روسيا والولايات المتحدة. فالواقع الذي نعمل فيه، وفقاً لقيمنا الديمقراطية، يفترض سلوكاً ذكياً وليس استفزازياً. ليس لأن روسيا قوة عظمى، بل لأنها تلعب دوراً مهماً للغاية في الشرق الأوسط. تمكنت إسرائيل حتى الآن من العمل في هذه المعادلة المركبة بشكل ذكي. والآن، نبلغ الروس بأن أعمالهم ليس مقبولة منا، وأنهم يرتكبون “جرائم حرب” بل ونهددهم. أي رافعة لإسرائيل على الروس؟ ما الذي يعطينا، نحن الدولة التي هي دولة واحدة صغيرة في العالم ومتعلقة بموازين القوى بين القوى العظمى، إمكانية التهديد بهذا الشكل؟ تصوروا دولة، نفوذها الدولي صغير، تنتمي قيمياً للعالم الغربي، فتقرر الاستفزاز ضد رئيس روسيا. هذا ما فعلته أوكرانيا التي اصطدم رئيسها زيلينسكي جبهوياً بالدب الروسي، فيما نال الإعجاب في الشبكات الاجتماعية واعتبر بطلاً وطنياً. غير أن أوكرانيا تضررت بشكل جسيم حتى الآن من جانب روسيا، حين تحول نحو ثلث مواطنيها، أكثر من 15 مليون، إلى لاجئين.
يخيل أن رئيس الوزراء لبيد يستغل الأعمال الروسية كي يعظم مكانته. لكن النتائج المحتملة للصدام الجبهوي مع روسيا هي التدهور في الحدود الشمالية، وإعطاء ضوء أخضر لإيران ووكلائها وبالتوازي مع أعمال لاسامية وعقوبات تجاه يهود روسيا. استراتيجية رئيس وزرائنا خطيرة للغاية؛ فهي تضع إسرائيل في عين العاصفة. لا شيء جيداً قد يخرج من ذلك لإسرائيل. نحن كفيلون لأن نتعرض لضربة بقوة عليا، دون ربح في مكانتنا الدولية.
الموقف القيمي شرعي، والمساعدة الإنسانية صحيحة. العمل من أجل يهود روسيا وأوكرانيا واجب، لكن الصدام الجبهوي مع زعماء قوى عظمى خطأ من أساسه، يضيق مجال المناورة الدولية لإسرائيل، الذي هو على أي حال ليس واسعاً، ويعرضها للخطر في المستوى الإقليمي بعامة والأمني بخاصة، ويصعد الوضع إلى نقطة لا مرد لها.
المصدر: معاريف
الكاتب: العقيد احتياط رونين ايتسيك