كتب المحرّر السياسيّ-البناء
انشغل الداخل «الإسرائيلي» بالكلام الصادر عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فطغت على وسائل الإعلام التعليقات المتصلة بكيفيّة التعامل مع هذه التهديدات الجدية التي تضع الكيان عشية حرب حقيقية لا يستطيع تحمل تداعياتها، فنشرت الصحف تعليقات كتابها الكبار وحفلت القنوات التلفزيونية بالمواقف، وكلها تدور حول نقطة واحدة، جاء كبار القادة العسكريين السابقين لتأكيدها. وكان كلام الجنرال عاموس جلعاد اختصاراً لكل ما كتبه وقاله كل من معلّق الشؤون العربية في «القناة الـ12» الإسرائيلية، شنايدر وعميدرور، ومعلق الشؤون الفلسطينية في القناة ذاتها، أوهاد حامو، ومعلق الشؤون العسكرية في إذاعة جيش الاحتلال، أمير بار شالوم، ومعلق الشؤون العسكرية في «القناة الـ13» الإسرائيلية، ألون بن ديفيد، ومعلق الشؤون العربية في «القناة الـ13»، حزي سمنتوف، وجاءت كلمات جلعاد الذي لعب دوراً محورياً في اجتياح بيروت عام 1982، وطيلة فترة احتلال الشريط الحدودي، ثم في حروب غزة، وتولى رئاسة مركز الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ومنسق التفاوض لوقف النار على جبهة غزة. وقال جلعاد لقناة «كان» الإسرائيلية إنّه يجب «أخذ تهديدات نصر الله على محل الجد، والاستعداد»، مضيفاً أنّه «إذا هاجم حزب الله منصة كاريش أو أية منصة أخرى، فإنّ ذلك سيؤدي بالطبع إلى مواجهة يمكن أن تصل إلى أبعاد واسعة جداً».
كما أشار زميل جلعاد الجنرال يتسحاك بريك، إلى أنّ «لدى حزب الله نحو 100 ألف صاروخ، ولديه مئات الطائرات المسيّرة والموجَّهة نحو أهداف استراتيجية، وفي اتجاه تجمعات سكانية، وبالطبع نحو منصات الغاز، مضيفاً أن هذه الإمكانية بمجرد وجودها يمكن لها أن تتحقق.
من جهة موازية على صلة بكلام السيد نصرالله حول استعداده لتأمين هبة من الفيول الإيراني لحساب كهرباء لبنان إذا ما تجرأت الحكومة على قبولها، تحول كلام السيد نصرالله الى حديث الناس في كل المناطق على خلفية الأزمة الخانقة التي تفرض تأثيراتها على كل مناحي حياة اللبنانيين، مع غياب الكهرباء، واشتعال بدلات تأمينها من المولدات بما يستهلك أكثر من قيمة الرواتب التي يتقاضونها، بينما بدت الحكومة مرتبطة فغاب رئيسها نجيب ميقاتي عن السمع، واكتفى وزير الطاقة وليد فياض بالقول إن قبول الهبة يحتاج الى مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، دون أن يوضح ما اذا كان سيعدّ مشروع المرسوم ويوقعه ويرسله إلى وزير المال لتوقيعه ووضعه على طاولة رئيس الحكومة، بينما تساءلت مصادر وزارية أعلنت استعدادها لتأييد التوجه بطلب لإيران لهذه الهبة بالتوازي مع طلب الاستثناء من أي عقوبات أميركيّة، عما إذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيلجأ إلى الدعوة لجلسة استثنائية لحكومة تصريف الأعمال لاتخاذ قرار بطلب قبول الهبة والتوجه لطلب استثنائها من العقوبات؟
داخلياً، كانت جلسة مجلس النواب التشريعية منصة سياسية وإعلامية كشفت الكثير مما يعانيه الوضع الداخلي من ارتباك سياسي، فطغت السجالات والتجاذبات على ما تمّ تشريعه، حيث تمّ إقرار قانون رفع السرية المصرفية، وانتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الذين سرعان ما استقال من بينهم النائب الاشتراكي فيصل الصايغ، بينما كانت المواقف التي صدرت عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لافتة في تموضعها في منطقة وسط سياسياً، رغم كلامه عن انتمائه لما وصفه بالأغلبية المفترضة المعارضة، حيث سجل موقفاً هادئاً من تهديدات حزب الله المرتبطة بملف النفط والغاز من جهة، وانتقاداً واضحاً لموقف البطريرك الماروني بشارة الراعي وهجوماً قاسياً على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على خلفية قضية المطران موسى الحاج، داعياً لإنهائها بالتي هي أحسن، رافضاً أية شبهة للعلاقة بالاحتلال الإسرائيلي في قضية الأموال التي حملها المطران من فلسطين المحتلة.
فيما يملأ مجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال الوقت الضائع بقرارات وهميّة ومسرحيّات هزلية، إلى حين انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي، غير عابئين بالمعاناة اليومية للمواطنين الذين يكتوون بنار الأزمات من الكهرباء الى الماء والاتصالات والخبز والمحروقات ونار الأسعار في المحال التجارية، وحدها إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسمت مسار الخلاص وطرحت الحلول العملية والواقعية للأزمات المستفحلة على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية كافة، لا سيما معادلة الغاز التي أرساها مع العدو الاسرائيلي واستعداده لحل أزمة الكهرباء التي تشكل أزمة الأزمات وعقدة العقد الكأداء من خلال استيراد الفيول من إيران ومجاناً.
وبعدما كان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل طالب السيد نصرالله بالطلب من إيران تزويد لبنان بالفيول، رد السيد نصرالله في اطلالته أمس الأول باستعداده للقيام بهذا الأمر، إذا وافقت الحكومة اللبنانية على ذلك.
وأول الردود الرسمية على عرض السيد نصرالله كانت لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي أعلن أمس، أن «لبنان يرحّب بأية مساعدة تأتيه من دول شقيقة او صديقة، وهناك إجراءات حكوميّة لا بد من اعتمادها في هذا السبيل بالإضافة إلى دراسة المواصفات وما اذا كانت تناسب المعامل اللبنانية».
من جهته، أبدى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، ترحيب الوزارة بأيّة هبة تأتي من دولة صديقة في العالم، مشيرًا إلى «أنّنا في هذا الإطار جهّزنا مواصفات الفيول اللّازم لمعامل الإنتاج، وسنعمّمها على المعنيّين ونضعها على موقع الوزارة الإلكتروني».
وأوضح، تعليقًا على كلام السيّد نصرالله أنّ «معامل إنتاج الكهرباء بحاجة لكلّ ليتر فيول، وذلك ليس خافيًا على أحد، وخصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة في الصّيف، والضّغط الإضافي من الوافدين والمغتربين والنّازحين». وأكد فياض عرض «المادّة 52 من قانون المحاسبة العموميّة، لأصول قبول الهبات، وذلك بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء، وليس في وزارة الطاقة والمياه».
ورأت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن كلام باسيل ثم السيد نصرالله وصولاً الى موقف رئيس الجمهورية ووزير الطاقة بعدم الممانعة بقبول أية هبة من ضمنها الهبة الايرانية، وضع الكرة في ملعب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي سبق وعارض قبول أية هبات صينية وروسية وعراقية وكذلك إيرانية، وبالتالي إن لم يقبل الهبة الايرانية فسوف يتحمل مسؤولية معاناة المواطنين جراء أزمة الكهرباء ويؤكد تبعيته للخارج أميركيين وأوروبيين، ويفضح تماهيه لا بل مساهمته في الحصار الأميركي الأوروبي الخليجي المفروض على لبنان».
ودعت المصادر المعنيين في الحكومة لاستخدام العرض الكهربائي الذي قدّمه السيد نصرالله في الضغط على الأميركيين في فك أسر خط الغاز العربي الى لبنان الذي يماطل الأميركيون في تفعيله واستثنائه من قانون قيصر بهدف تفعيل الحصار على لبنان لدفعه لتقديم تنازلات في ملفات أساسية كالترسيم وسلاح المقاومة والنازحين والدمج والتوطين والتطبيع وغيرها». مشدّدة على أن عرض السيد نصرالله أحرج ميقاتي وسيضعه بين خيارين: إما الضغط على «حلفائه» الأميركيين لتحرير استيراد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر تحت طائلة قبول الفيول الايراني، وإما الرضوخ للإرادتين السياسية والشعبية بقبول الفيول الايراني للحد من أزمة الكهرباء التي قضت على كافة القطاعات وفجّرت مجموعة من الأزمات من مياه ومحروقات ومولدات وارتفاع في الأسعار».
وإذ توقف الخبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية وكذلك الاقتصادية عند مواقف السيد نصرالله لجهة المعادلة العسكرية والتفاوضية التي فرضتها المقاومة على العدو الإسرائيلي لحماية الحدود البحرية والثروة الغازية والنفطية اللبنانية، مشيرين لـ«البناء» الى أن «اسرائيل» لن يكون لها خيار سوى العودة الى طاولة التفاوض في الناقورة لإنجاز الترسيم والرضوخ للمطالب اللبنانية وتطبيق معادلة السيد نصرالله «غاز ونفط شاطئ لبنان مقابل نفط وغاز فلسطين المحتلة»، الأمر الذي سيدفع الأميركيين للتحرّك السريع على خط لبنان – الاحتلال الاسرائيلي للتوصل الى حل وسطي خشية تنفيذ حزب الله تهديداته باستهداف الباخرة الإسرائيلية واندلاع حرب لا يريدها الغرب، لكونها ستؤدي حتماً الى تدمير مشروع الغاز الاسرائيلي – الاميركي – الاوروبي.
وإذ عبر مصدر سياسي واسع الاطلاع ومقرب من إحدى المرجعيات السياسية عن مخاوفه من المماطلة الأميركية لا سيما أن تجربة المفاوضات مع الأميركيين غير مشجّعة بسبب أساليب المماطلة والانحياز الدائم الى المصلحة الإسرائيلية. يرجح إنجاز ملف الترسيم خلال أشهر قليلة لكون المعطيات والظروف الإقليمية والدولية تختلف عن السابق وأصبحت لصالح لبنان إذا عرف كيف يستثمرها، ويكشف وفق ما علمت «البناء» أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين سيزور لبنان خلال الأسبوع المقبل ويحمل معه الرد الاسرائيلي على المقترح اللبناني، (هوف + وحقل قانا ومساحة بين الخطين 23 و29).
ويرى المصدر أن الظروف الدولية وتشابك وتقاطع المصالح الأميركية – الأوروبية – الاسرائيلية سيدفع الجانب الإسرائيلي والأميركي الى حل لملف الترسيم في نهاية المطاف وعلى الأرجح في أيلول المقبل لكي يتسنى للإسرائيليين استخراج الغاز وتصديره الى أوروبا التي تتحرك على كافة الصعد لتسهيل الحل لضمان حصولها على الغاز من المتوسط قبل فصل الشتاء، وما إعلان شركة توتال عن استعدادها لشراء الغاز اللبناني قبل استخراجه وفق مصدر أوروبي إلا دليل على الحاجة الاوروبية للطاقة، ما يعني أن لبنان سيكون أمام فرصة ذهبية قد لا تتكرّر، وقد تنجح المفاوضات التي يقودها الأميركي للتوصل الى حل وسطي لأزمة الترسيم يُشرّع بوابة الحل للأزمة الحكومية وباب الانفراج الاقتصادي ويسهل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وغداة اطلالة السيد نصرالله، انهالت التعليقات الاسرائيلية على المستويين الرسمي والإعلامي والرأي العام، وكشفت «القناة الـ12» أن «إسرائيل تضغط على الولايات المتحدة لإتمام الاتفاق مع لبنان قبل أيلول»، كما دعت وسائل إعلام العدو، إلى «أخذ تهديدات السيد نصر الله على محل الجد، والاستعداد».
كما كشفت قناة «كان»، «أنه بعد خطاب نصرالله، رفعت المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى حول منصة كاريش«. فيما كشف وزير الحرب في حكومة الاحتلال بيني غانتس أننا «نسعى لحلّ مع لبنان بشأن المناطق البحرية المتنازع عليها». لكنه حاول حرف الأنظار عن مأزق حكومته وتضليل الرأي العام الإسرائيلي وطمأنته، بزعمه أن «نصرالله يعيق التوصل لحلّ وهو من سيلحق الضرر بالطاقة ووضع اللبنانيين». وقال: «آمل ألا نتدهور الى حرب أو أيام قتال لكن علينا الدفاع عن قدرتنا على استخراج الغاز دون المسّ باللبنانيين».
في المواقف أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال كلمة له في الجلسة التشريعيّة من مجلس النواب، أن «اتفاق الإطار الذي يحاولون التنصل منه لا يتكلم عن خطوط إنما يتكلم عن ترسيم ومفاوضات غير مباشرة في الناقورة ونحن اتفقنا خلال اجتماع بعبدا مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بالذهاب الى الناقورة وفقاً لاتفاق الإطار، ربما نحصل على أكثر من خط 29، نحن لم نتكلم عن خطوط نحن ننتظر مجيء الموفد الاميركي خلال ايام وذاهبون الى الناقورة وهذا ايضاً ناقشناه في كتلة التنمية ومتمسكون بهذا الأمر».
وبدوره، أعرب الرئيس عون عن تفاؤله بقرب وصول موضوع ترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن النفط والغاز إلى ما يرضي لبنان، وعما إذا كانت المسيّرات الثلاث التي أرسلها «حزب الله» قد ساهمت في دفع هذه المسألة قدما رد عون بأن «إسرائيل» تنتهك سيادتنا براً وبحراً وجواً بشكل يومي وقد احصينا منذ العام 2015 حتى اليوم ما مجموعه ٢٢ الف طلعة جوية فوق لبنان وانتهاكاً للسيادة اللبنانية لكن مع الأسف لا أحد يتحدث عن هذه الانتهاكات.
وفي مجال آخر، أبدى رئيس الجمهورية تخوّفه من عدم تشكيل حكومة جديدة في الفترة المتبقية من عهده، لكنه لم يقطع الأمل في حصول ذلك، ولفت إلى أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اتصل به قبل سفره في إجازة وأبلغه بأنه سيزوره فور عودته الأمر الذي لم يتم ولم يحصل حتى الآن أي تواصل.
وحول مصير التشكيلة التي قدّمها ميقاتي، نقلت وسائل اعلام عن قوله أمام زواره بأنها غير منزّلة، مؤكداً أنه لم يناقشها معه كما تقتضي الأصول والقواعد وضرورات الشراكة.
وفي قضية المطران موسى الحاج قال الرئيس عون إنها قيد المعالجة، لكن بعض المواقف التي صدرت من هنا وهناك جعلت القضية تأخذ منحى آخر، ولا بد من اعادة القضية الى اطارها الحقيقي وعدم حرفها الى أمور أخرى. وذكر عون أن وجود رعية في فلسطين المحتلة يزورها المكلف برعايتها ليس بجديد، مشيراً إلى أنه عمل، حين كان ضابطاً في الناقورة، وكان يشاهد رجال الدين وبينهم المطران الراحل يوسف الخوري والبطريرك الراحل مكسيموس الخامس وغيرهما يدخلون الأراضي الفلسطينية المحتلة ويخرجون من دون ان يعلم بما كان يحملون. وأوضح عون أن الملف في عهدة القضاء ولا يجوز لأحد التدخل به في انتظار نتائج التحقيقات الجارية حوله، رافضاً إطلاق الاتهامات بالخيانة او العمالة قبل جلاء كل المعطيات.
وكرّر عون التأكيد أن التدقيق الجنائي قطع شوطاً كبيراً و»الأمور ماشية» وما على المتضرر او المتهم جراءه سوى الدفاع عن نفسه أمام القضاء. وتساءل: «لماذا لا يعمد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة إلى المثول أمام القضاء ليثبت براءته، على غرار ما فعلت بنفسي حين احتكمت إلى القضاء في ما أثير عن وضع يدي على أموال حين تسلمت الحكم بعد انتهاء عهد الرئيس أمين الجميل وحصلت على البراءة الكليّة؟».
على صعيد آخر، أشارت مصادر إعلامية أنّ «القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان رجا حاموش، سلّم تقريره إلى مدعي عام التّمييز القاضي غسان عويدات، متضمّنًا محضر المديرية العامة لأمن الدولة في واقعة اقتحام القاضية غادة عون مبنى مصرف لبنان المركزي». ولفتت المعلومات إلى أنّ «القاضي عويدات أبلغ تقرير حاموش إلى مجلس القضاء الأعلى، الّذي قرّر الاستماع إلى حاموش وعون والمدّعي العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، يوم الخميس المقبل».
في غضون ذلك، عقد المجلس النيابي أول جلسة تشريعية وعلى جدول أعمالها نحو 40 بنداً أبرزها السرية المصرفية التي أقرّت معدّلة. وتحول المجلس الى مدرسة للمشاغبين وتحولت الجلسة الى حلبة للسجالات والتنمير وتبادل الاتهامات حيث دار الهرج والمرج ما يخفي حجم الكيدية السياسية بين النواب على قاعدة «مش رمانة قلوب مليانة»، لا سيما بين كتلة السلطة والاحزاب وبين قوى التغيير الذين حاولوا التعويض عن فشلهم في استحقاقات وجلسات سابقة بإثارة السجالات وأعمال الشغب النيابي والضوضاء السياسية والاعلامية وتحقيق إنجازات وهمية وفق ما يشير مصدر نيابي لـ«البناء».
وكان لافتاً حضور السفيرة الأميركية دورثي شيا جلسة المجلس بذريعة مشاركتها بمناقشة بند قانون رفع السرية المصرفية، ما يضع علامات استفهام حول حديث بعض الجهات السياسية عن السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية في جوانب معينة وصمتها في جوانب أخرى لا سيما عندما يكون الأميركي هو الطرف الذي ينتهك السيادة.
وفاز النواب: جميل السيد، عبد الكريم كبارة، فيصل الصايغ، اغوب بقرادونيان، جورج عطالله، عماد الحوت وطوني فرنجية بالتزكية لعضوية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بالتزكية، في ظل اعتراض قوى المعارضة. لكن ما لبث النائب الصايغ أن قدّم استقالته من عضوية المجلس الأعلى لأسباب غير معلومة.
وأبرز ما أقره المجلس هو مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 8952 فتح اعتماد إضافي في باب احتياطي الموازنة العامة لعام 2022 بقيمة 10000 مليار ليرة لبنانية، واتفاقية القرض المقدمّ من البنك الدولي بقيمة /150/ مليون دولار أميركي مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح.
وشدّد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في مؤتمر صحافي، على أن «اللبناني يستحق أن يتم وضع برنامج له»، مؤكدًا أن «آلية تنفيذ القرض ستبدأ بالأسابيع المقبلة». ولفت إلى أنه «منذ بدء تنفيذ هذا القرض، سيصبح هناك راحة في القطاع وتأمينًا مباشرًا للأموال له، وتأمين شبكة أمان اجتماعيّة».
كما أقرّ المجلس مشروع تعديل قانون السرية المصرفية بعد نقاشات وإدخال تعديلات عليه. وأكّد رئيس لجنة المال والموازنة النّائب إبراهيم كنعان، أنّ «إقرار السرية المصرفية خطوة إصلاحيّة نحو الأمام، يُفترض أن يقيّمها المجتمع الدولي بشكل إيجابي». وأشار كنعان، في تصريح تلفزيوني، بعد انتهاء الجلسة، إلى «أنّنا ننتظر من الحكومة مشروع هيكلة المصارف، ليتكامل مع ما قمنا به، والمطلوب من الحكومة العمل جديًّا وعدم الاكتفاء بكبّ قوانين على مجلس النواب«.
ورفع الرئيس بري الجلسة الصباحية ليعود المجلس ويلتئم في جلسة مسائية، أقرت عدداً من القوانين أهمها اقرار اقتراح القانون المعجّل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 72 من القانون رقم 326 (الموازنة العامة العام 2001)، والقانون المعجّـل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 35 من القانون رقم 6 الصادر بتاريخ 5/3/2020.
وإذ أحيلت بعض القوانين الى اللجان النيابية لإعادة درسها، سقطت صفة العجلة عن عدد من اقتراحات القوانين المعجّـلة المكررة لا سيما التي تقدم بها نواب التغيير.