ماكرون وبن زايد يغدران ببايدن!
مع انتهاء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى السعودية والتي كان عمادها الاتفاق على زيادة انتاج النفط، وصل الرئيس الاماراتي محمد بن زايد إلى فرنسا في 18 تموز/ يوليو الجاري، حيث تم عقد اتفاق تعاون في مجال الطاقة. في خطوة وصفها مراقبون بأنها ضمن مشروع بن زايد في تشبيك علاقاته بعيداً عن التعويل الفردي على الولايات المتحدة، في لحظة تحتاج بها الدول الأوروبية إلى النفط.
وتتضمن الاتفاقية التي عقدت بين شركتي النفط “توتال إنرجيز” الفرنسية و”أدنوك” الإماراتية، وتحديداً في قطاعات الهيدروجين والطاقة المتجددة والنووية. في حين نقل موقع “سي إن إن” إعلان الإمارات رفع معدل انتاجها من النفط الخام إلى 5 ملايين برميل يوميًا.
هذه الخطوة، أثارت موجة من التساؤلات. فقد رصد خلال قمة مجموعة السبع، التي عقدت أواخر شهر حزيران/ يوينو الماضي، حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى نظيره الأميركي، يخبره فيه ان “محمد بن زايد قد رفض تصدير النفط، لأنه قد وصل إلى أقصى مستوياته، وأشار إلى السعوديين لديهم بعض الفائض، ويمكنهم التحاور معهم”.
موقع “فاينينشال إكسبريس” ذهب في تفسير ذلك إلى سعي الإمارات لتحويل إستراتيجيتها من الاعتماد على واشنطن والرياض إلى الاعتماد على الذات والتعاون متعدد الأطراف، وذلك بعد ما دفعتها الأولى نحو ذلك وتخلت عنها وسط مجموعة متنوعة من التهديدات الأمنية. وبذلك يكون التنسيق مع باريس قد أتى من تحت الطاولة، سعيّاً لإيجاد “حليف” جديد. فيما فسرها آخرون على انها “خطوة غادرة”، من بن زايد الذي فضّل الاستجابة لماكرون على حساب “دعم” بايدن، خاصة وأنه مقبل على انتخابات نصفية في تشرين الثاني/ نوفمبر.
مجلة “فورين بوليسي” نقلت من أروقة البيت الأبيض ما سمته بعض “الشائعات”، التي تفيد بأن “البيت الأبيض يفكر في تقديم ضمانات أمنية من النوع الذي يقدمه لحلفاء الناتو للإمارات، في مقابل ضمان أمني ضد هجوم إيراني محتمل، وحماية القواعد العسكرية الرئيسة للبنتاغون في المنطقة، وضمان تدفق موارد الطاقة إلى الأسواق العالمية، وهو بالطبع أمر جيد للولايات المتحدة من جهة وللاقتصاد العالمي وخفض سعر الوقود من جهة أخرى، لكنه يحتاج إلى ما هو أكثر من التغاضي عن ملف الإمارات الحقوقي”. في حين ان للإمارات رأي مخالف هذه المرة.
حيث ان أبو ظبي التي بقيت طيلة عقود تقدم خدمات “مجانية” لواشنطن، بعدما أصبحت أراضيها تحتوي على أكبر القواعد العسكرية الأميركية في العالم، وبؤرة آمنة لنشاطات أجهزة الاستخبارات الأميركية، والموساد بطبيعة الحال، باتت ترى ان تشبيك العلاقات مع شتى الدول هو أمر ضروري وسط التغيرات التي تشهدها الخريطة الجيوسياسية اليوم، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
سعى ماكرون -على خلاف اسلافه- لإيجاد دور إقليمي فاعل، وهو سبب إيلائه أهمية كبرى لعلاقات بلاده الخارجية والتي رصدت في عدد من المجالات، بمعزل عما إذا كان قد نجح بذلك بالفعل أم لا. ولجهة الامارات، فهي تطمح بدور مماثل إقليمياً، وهو ما رصد مؤخراً بتحركاته بين سوريا وإيران وفلسطين المحتلة وغيرها..
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من العلاقة التي اتسمت بـ “الرسمية” بين الدولتين لأكثر من عقد من الزمن، إلا أنهما تشتركان في عدد من المصالح في الشرق الأوسط والمنطقة. حيث ان كلا الطرفين قد دعم خليفة حفتر في ليبيا، ووقف إلى جانب اليونان في نزاعها مع تركيا. وفي حين ان بن زايد عاد مؤخراً ليصلح علاقاته مع أنقرة، فعلى ما يبدو بعد هذه الاتفاقية الأخيرة، ان ماكرون قد يغض الطرف، لأجل تأمين ما يلزمه من النفط.
الكاتب: الخنادق