التهديدات تبعد شبح الحرب.. المصلحة الاوروبية اولا
علي منتش
يحاول حزب الله عدم ترك اي مجال للتأويل او للتحليل، فهو عمليا غير راغب بالحرب بل مستفيد بشكل كبير من الاستقرار النسبي الذي يعيشه على الصعيد العسكري منذ انتهاء الحرب السورية، لانه يتمكن من مراكمة القوة النوعية بشكل اسرع، لكنه في الوقت نفسه مهتم بتخفيف الاعباء الاجتماعية عن بيئته الحاضنة.
اختار الحزب الذهاب الى التهديد الحاسم بالحرب، قال نصرالله بصريح العبارة “النفط او الحرب” وهو بهذا المستوى من التهديد يحاول اقصى ما يمكن ابعادها ويقلص اي امكانية للحسابات الخاطئة الاسرائيلية، فإذا كان الجميع في تل ابيب وواشنطن والاتحاد الاوروبي غير راغبين بالحرب لانهم يريدون غاز البحر المتوسط فإنهم سيذهبون الى التسوية ولن يخاطروا بمناورة عسكرية لردع الحزب.
بعيدا عن التصريحات العلنية التي تؤكد ان ايجابية ما تلوح في الافق، يبدو ان توقف حزب الله عن القيام بأي خطوات عسكرية بإتجاه كاريش وما بعدها يوحي بأن المشاورات تأحذ طريقا ايجابيا، والا فإن الحزب كان سيستمر بخطوات متصاعدة من دون تحويلها الى اعمال عسكرية، وهذا ما كاد يعلنه نصرالله بشكل صريح.
ما سرّب من حديث للسفيرة الفرنسية حول رغبة الشركات الفرنسية بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوكات الجنوبية شرط الا يكون هناك توتر عسكري يوحي بأن المطالب التي اعلنها الحزب عبر امينه العام تبحث بشكل جدي، بمعزل عن التفاوض المرتبط بتحديد الحدود وترسيمها.
الجنوح نحو التهدئة قد يصبح نتيجة طبيعية لتزايد حاجة الغرب للغاز ما يقلل من اي امكانية اسرائيلية للقيام بخطوات احادية مرتبطة بمصالحها الاستراتيجية في الصراع مع حزب الله، اذ ان الرغبة الاميركية والاولوية المطلقة لادارة بايدن هي تخفيف الضغوط عن الاوروبيين كي لا يحصل انهيار دراماتيكي لصالح موسكو.
هكذا يصبح التدحرج نحو اشتباك عسكري مستبعدا بالرغم من كل التهديدات بين الطرفين، الا في حال حصول خطأ جدي وغير متوقع في الحسابات، كأن تعتقد تل ابيب ان معركة لعدة ايام تؤدي الى توجيه ضربات قاسية لحزب الله قادرة على ردعه وبالتالي الاستمرار بعدها بالاستخراج من دون اي تهديد حقيقي. عندها قد نكون امام تدحرج هائل في المعركة يشمل عدة دول.