كما أعرب مسؤول غربي مقرب من إدارة زيلينسكي للصحيفة الأميركية، عن قلقه من أن هذه الخطوة تسير في الاتجاه المعاكس لطلب الاتحاد الأوروبي من كييف قمع الفساد ومنح مزيد من الاستقلالية لوكالات إنفاذ القانون في حال أرادت نيل عضوية الكتلة.
وكان آخر المسؤولين الذين تعرضوا للإقالة على يد الرئيس الأوكراني، المدعية العامة إيرينا فنيديكتوفا التي تقود جهود مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، ورئيس أجهزة الأمن في البلاد، صديقه منذ الطفولة إيفان باكانوف، بسبب الكثير من الشكوك بوجود “حالات خيانة” ارتكبها مسؤولون محليون لصالح الروس، وسط حديث عن أكثر من 500 قضية “خيانة عظمى”.
خطوات زيلينسكي نحو التطهير كما وصفت حكومته، قوبلت برفض ومعارضة من الداخل، فمن هم الخونة من وجهة نظر زيلينسكي؟
هنا يقول الباحث في العلاقات الدولية، أحمد العناني، إن بعض الأوكرانيين يعتقدون بأن زيلينسكي لم يحالفه الصواب منذ البداية في التعاون مع الغرب ضد روسيا، وهناك معارضون أوكرانيون يوالون روسيا.
المعادلة الداخلية
الرئيس الأوكراني أكد أيضًا أن السلطات تحقق حاليًّا في أكثر من 650 حالة خيانة مشتبه بها، ارتكبها مسؤولون محليون، بينها 60 حالة في المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية وتلك الموالية لموسكو.
وأضاف زيلينسكي أن “العدد الكبير من الجرائم ضد أسس الأمن القومي، والروابط التي أقيمت بين مسؤولين أوكرانيين مكلفة بتطبيق القوانين وبين الأجهزة الروسية الخاصة” هو أمر “يثير أسئلة خطيرة جدا”، مشددا على أنه “سيتم الرد على كل سؤال من هذه الأسئلة”.
في السياق ذاته، أضاف العناني أن طبيعة العلاقات بين موسكو وكييف، علاقات تقارب بحكم الجيرة، وهناك روس انتقلوا إلى العيش في أوكرانيا خاصةً في لوغانسك ودونيتسك، وولاؤهم الأول لروسيا، ومن ثم جاء التعاون الاستخباراتي والأمني لصالح موسكو على حساب كييف.
وفي زمن الاتحاد السوفياتي كان الكثير من القادة السوفيات من الأوكرانيين، ولسنوات طويلة بعد استقلال أوكرانيا كانت الأنظمة الحاكمة موالية لروسيا، وتسبب انتصار الرئيس الأسبق فيكتور يانكوفيتش، المقرب من موسكو، في الانتخابات التي جرت عام 2010، في تغيير دراماتيكي في أوكرانيا فوجّه البلاد نحو التحالف مع روسيا بدلًا من الاتحاد الأوروبي والغرب.
وأوضح العناني أن بعض الأمور التي تصنف على أنها نوع من أنواع الإهمال والتقصير ومنها، على سبيل المثال، إخفاقات استخباراتية سمحت لروسيا بالاستيلاء على مدينة خيرسون جنوب أوكرانيا ما تسبب في إقالة زيلينسكي لصديق عمره، إضافةً إلى أن زيلينسكي يرى أن هناك مسؤولين، ولاؤهم للروس في جهاز الأمن والقضاء الاستخبارات، وبالتالي حملهم نتيجة الإخفاقات وأعفاهم من مناصبهم.
التداخل بين الشعبين الروسي والأوكراني كبير، في تلك الزاوية يقول الأكاديمي الروسي في السياسة الدولية ديميتري فيكتوروفيتش، إن قسمًا كبيرًا من سكان المناطق الشرقية في أوكرانيا يعتبرون أنفسهم روسا، وجاء تقدم القوات الروسية في تلك المناطق أسرع من غيرها.
وأضاف الأكاديمي الروسي ديميتري فيكتوروفيتش أن أغلب سكان المناطق الأوكرانية يعلمون جيدًا أن نظامهم الحالي قام بالدفع بهم نحو الهاوية، والدليل طلبات الجنسية الروسية التي تهافت عليها الجميع في خيرسون وغيرها من المناطق التي تمكنت القوات الروسية من السيطرة عليها.
وعن مصطلح الخيانة، قال فيكتوروفيتش، الخيانة الحقيقية هي الاستجداء بالغرب ومحاولة ضرب استقرار دولة جارة، فالنظام الأوكراني سعى منذ البداية إلى تهديد أمن روسيا الداخلي من خلال عسكرة الحدود ومحاولة إدخال الغرب وواشنطن إلى تلك المنطقة.
من جانب آخر، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستقدم معلومات استخباراتية لأوكرانيا بعد إقالات على خلفية تهم بالخيانة التي تحدثت عنها كييف، وتدخل العملية الروسية في أوكرانيا 24 تموز الجاري شهرها السادس وسط تلاشي فرض التوصل لحل سياسي.
وتعمل أوكرانيا منذ فترة طويلة على استئصال المتعاونين الموالين لروسيا في البلاد، وأعلن يفيني يينين، النائب الأول لوزير الشؤون الداخلية الأوكراني، الشهر الماضي، اعتقال أكثر من 800 شخص يشتبه في قيامهم بأعمال تخريب أو جمع معلومات استخبارية في الحرب.