حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مظلوم، فلا هو يأخذ مشاريع، ولا يعقد صفقات، ولا يدير وزارة الطاقة، ولا يستأجر باخرتين تركيتين بملياري دولار من دون مناقصة بل بالتراضي، كما فعل جبران باسيل عندما عقد بالتراضي صفقة الباخرتين التركيتين بملياري دولار بمباركة من رئيس الجمهورية ميشال عون.

التخبط الاقتصادي في عهد الرئيس ميشال عون أوصل اللبنانيين الى أن يقفوا طوابير امام الافران للحصول على رغيف خبز. وبعد أن أوصلوا البلاد الى جهنم والفشل الكبير، فتشوا منذ 8 أشهر عن كبش محرقة، فقرروا التركيز على الحاكم رياض سلامة وتحميله المسؤولية من خلال الحقد والظلم، لأن سلامة ليس عليه شبهة وهو نقيض لهم.

الحاكم رياض سلامة حافظ طيلة 30 سنة على الاقتصاد والقطاع المصرفي، الذي أصبح كبيرا وغنيا، كما دعم كل الأصناف التي يحتاج اليها المواطنون، وكانت البلاد بألف خير في عهده، الا انه وقبل سنتين غرق عهد الرئيس عون في الخطوات السلبية وقاد لبنان الى جهنم، حتى اصبح المواطن اللبناني أو المواطنة اللبنانية «شحاذين» على أبواب الافران ومحطات الوقود للحصول على رغيف الخبز وعلى تنكة بنزين، وكل ذلك بسبب السياسة الاقتصادية الذي مارسها عهد الرئيس عون وعهد الوزير باسيل ولي العهد، الذي عقد صفقات كثيرة دون مناقصات وهدر المال العام. وأكبر فضيحة هي هدر 34 مليار دولار في الكهرباء دون نتيجة، مع أنه عندما استلم الكهرباء والطاقة وعد بتأمين الكهرباء 24 ساعة خلال سنة ، وبعد 10 سنوات وصرف 34 مليار دولار باتت وزارة الطاقة تؤمّن الكهرباء 4 ساعات في اليوم الواحد فقط، وفي مناطق كثيرة ساعتين يوميا.

10 سنوات أمسك الوزير باسيل بوزارة الطاقة، واليوم وصلنا الى النتيجة المؤلمة الحزينة، فلا كهرباء ولا ماء، بسبب توليه واشرافه على وزارة الطاقة، وبمباركة كاملة من الرئيس عون على كل نشاطات باسيل الفاشلة الذي أدت بنا الى الانهيار المالي والاقتصادي وسقوط الليرة أمام الدولار.

الحاكم رياض سلامة اجتاز مرحلة استشهاد الرئيس رفيق الحريري، واجتاز أيضا عام 2006 العدوان الإسرائيلي الشامل على لبنان ، وحافظ على الاقتصاد والمصارف، وعلى أموال اللبنانيين، وعلى قيمة الليرة ، وجعل النهوض بعد الحرب الفاشلة التي شنتها «إسرائيل»، سريعاً وقوياً.

كما تحمّل الحاكم القرارات الحكومية، ، ثم حصل ما حصل قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان، ومع ذلك استطاع الحاكم الحفاظ على دعم المواد الغذائية والأدوية، وبخاصة على سعر صرف الليرة.

ثم حصلت الازمة السياسية الكبرى، وهي الفراغ الرئاسي لمدة سنتين و 4 أشهر، فجمّد البلد وتعطل المجلس النيابي حتى تمّ انتخاب الرئيس عون، ومع ذلك حافظ طوال سنتين و 4 أشهر من الفراغ الرئاسي على قيمة الليرة، وجعل ودائع المصارف اللبنانية 180 مليار دولار.

انتخب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وبعد فترة استقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة اثر ثورة شعبية، فتحمّل الحاكم رياض سلامة المسؤولية وحافظ على الليرة، الى أن جاء الرئيس ميشال عون بالرئيس حسان دياب رئيساً للحكومة، وكان معظم الوزراء تابعين للرئيس عون وبإشراف الوزير باسيل. وحصلت الكارثة الأولى عندما امتنع الرئيس حسان دياب عن دفع سند ديون اليورو بوند دون مفاوضة صندوق النقد الدولي، حينذاك عرض الحاكم أن يدفع 800 مليون دولار كيلا يتم تصنيف لبنان سلبيا، كما اقترح مفاوضة حاملي سندات اليورو بوند والطلب اليهم تأجيل الدفع، لكن الرئيسين عون ودياب رفضا اقتراح الحاكم رياض سلامة، ولم يدفعا سند الديون بقيمة 800 مليون دولار.

وإثر ذلك، تم تصنيف لبنان عالميا بشكل سلبي لدى المؤسسات المالية العالمية الكبرى.

عرف الرئيس عون أن عهده في كارثة، وأنه سينتهي العهد الى افلاس كامل، وهو قام بتبشير اللبنانيين بأننا ذاهبون الى جهنم. فدرس مع الوزير باسيل ومجموعة مستشارين، لا يعرفون في المال وعلم المال، بل لديهم حقد على سلامة، فقرر الرئيس عون أن يحوّل الحاكم رياض سلامة الى كبش محرقة، وأن تخترع القاضية غادة عون مع جهاز أمن الدولة الذي يرافقها في مهماتها، أخبارا عن رياض سلامة غير صحيحة.

فلم ينجح الرئيس ميشال عون ولا الوزير باسيل في تحويل الحاكم الى كبش محرقة فلجؤوا الى القاضية غادة عون لإصدار مذكرة توقيف ضد الحاكم رياض سلامة، وبدأت استعراضات مداهمة القاضية غادة عون أماكن وجود الحاكم لتوقيفه رغم الحصانة الكبرى التي يملكها رأس السلطة النقدية في البلاد.

وفعلت القاضية غادة عون الامر ذاته مع صاحب شركة نقل الأموال التي كل أوراقها شرعية ، والتي يملكها ميشال مكتف رحمه الله، فداهمت القاضية غادة عون مكاتبه، وخلعت الأبواب بواسطة رجال جهاز أمن الدولة الذين أخذوا كل المعدات الالكترونية، وبعد شهرين توفي ميشال مكتف بجرحة قلبية من الحزن والزعل. موت ميشال مكتف هو بـ «رقبة» القاضية غادة عون.

الرئيس ميشال عون تلقى أموالا من رجل الاعمال جيلبير شاغوري ودولة الرئيس عصام فارس، وفي حرب التحرير تلقى من صدام حسين عشرات ملايين الدولارات، وكل ذلك يصب في اطار استغلال النفوذ، وعندما حصل مع الوزير باسيل حادث في افريقيا زاره جيلبير شاغوري الذي كان يدعمه ماليا، وهذا ايضاً استغلال نفوذ.

أما الحاكم رياض سلامة فرفض طوال عمله أن يأخذ دولارا واحدا، وبقي شفافا ونزيها، وصاحب سمعة عالية من المصداقية والاستقامة والنزاهة.

لم ينجح الرئيس ميشال عون ولا الوزير باسيل في تغطية فضائحهما، ولن ينجحا في جعل الحاكم رياض سلامة كبش محرقة.