مداهمة عون للمصرف المركزي تعمّق فجوة الخلاف السياسي

مداهمة عون للمصرف المركزي تعمّق فجوة الخلاف السياسي

20-07-2022
تصدّرت المداهمة التي نفذتها المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون لمصرف لبنان في الحمرا لتنفيذ الاستنابة القضائيّة بحق حاكم المصرف رياض سلامة، واجهة الأحداث المحلية، ما يعكس تعميق فجوة الخلاف السياسيّ ما يزيد عملية تأليف الحكومة صعوبة ويعزّز خيار بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد.

وكتبت ” النهار”: صحيح ان النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون “ممثلة” قضاء العهد، قد حطمت أرقاما قياسية في السوابق الفاشلة والخارجة عن الأصول الجادة الرصينة في الأداء القضائي بصرف النظر عن مضمون الملفات التي تتولاها. غير ان ما حصل امس في مصرف لبنان، المصرف المركزي للدولة اللبنانية وللبنانيين، يعتبر بحق ذروة السوابق الغرائبية. فالمصرف المركزي ليس “شركة مكتف”، رغم ان اقتحام الشركة شكل انتهاكا فظيعا للأصول أيضا، لا تزال تردداته تطارد السمعة والهيبة القضائيتين. والاغرب ان تمعن القاضية عون في تنصيب نفسها قائدة للضابطة العدلية التي تتمثل بجهاز امني، ومن ثم تقتحم حرم المصرف المركزي، وتطارد حاكم مصرف لبنان ##

رياض سلامة حتى في مكتبه، رغم موقف قضائي منع هذا الاقتحام الذي كان يمكن ان يتسبب باشتباك بين جهاز امن الدولة وقوى الامن الداخلي المولجة بحماية مصرف لبنان.

واما الأسوأ في الصورة الاوسع، فبرز في تزامن حلقات وانتهاكات ومخالفات تصب جميعها في ما يخشى انه اما تفكك خطير في مركزية اداء القضاء بما ينذر بمزيد من تراجع هيبته وصدقيته، واما امعان خطير من جهات نافذة ومعروفة في تسخير بعض القضاء لشن حملات تصفية الحسابات السياسية عند مشارف المعركة الرئاسية. هذه الحلقات تمثلت في الفصل المسرحي في اقتحام مصرف لبنان والتضييق المشبوه على النائب البطريركي الماروني على حيفا والأراضي المقدسة المطران موسى الحاج بالتحقيق الطويل معه، واستدعائه الى التحقيق العسكري غدا على يد جهة قضائية معروفة بارتباطها بجهة سلطوية نافذة، كما في استدعاء رئيس دائرة المناقصات جان العلية الى التحقيق للتضييق عليه.

واعتبرت مصادر معنية بتداعيات ما قامت به القاضية عون ان اخطر ما رتبته خطوتها هو أن قوى امن الدولة التي كانت برفقتها كان يمكن ان تتواجه بالأسلحة مع قوى الأمن الداخلي الموجودة في المصرف المركزي. واعتبرت المصادر ان مصرف لبنان هو مؤسسة مستقلة لها شخصيتها المعنوية. وهي الحاكمية المستقلة الوحيدة في لبنان، وفيها لجنة التحقيق الخاصة القضائية الدائمة الإنعقاد وتتضمن في عضويتها بشكل دائم ممثلا للقضاء العدلي هو المدعي العام المالي بصفته رأس هرم القضاء الجنائي المالي في لبنان. وتساءلت : كيف تدخل المدعي العام لجبل لبنان بهذه الطريقة وما هو الموجب القانوني لذلك ؟

وكتبت” نداء الوطن”: تقدّمت مشهدية “إغارة” القاضية غادة عون على مصرف لبنان، لإلقاء القبض على الحاكم صباح أمس على غيرها من الاحداث. صحيح أن هذه المداهمات التي تقوم بها القاضية شخصياً أصبحت القاعدة، ولم تعد الاستثناء نتيجة تكررها في الرابية والحمرا والصفرا، بيد أن القضيّة ما زالت قابعة في الخانة الرمادية. إذ إن ما يجري بين القاضية عون والحاكم

رياض سلامة يشبه من الناحية الكاريكاتورية أحداث الرسوم المتحركة “توم إند جيري”. وما يزيد الامور تعقيداً الحماية السياسية التي ما زال يتمتع بها الحاكم. مما يدفع إلى عدم انتهاء الصراع بشكل منطقي وقانوني، وتسببه بكوارث على مختلف المستويات المعنوية، الحياتية والقضائية. الاسلوب غير التقليدي في الملاحقات الذي دأبت على انتهاجه المدعية العامة في جبل لبنان القاضية عون، ولا سيما مع حاكم مصرف لبنان، يستحق التوقف عنده في الشكل والمضمون. فمن الناحية العملية يظهر واضحاً أن “الريسة غادة تعتمد سياسة الإغارة الشخصية بوصفها مدعية، بالرغم من عدم التعارف على هذا الاسلوب سابقاً”، يقول المحامي عيسى نحاس، “من دون أن يعني ذلك مخالفتها للاصول، فلا شيء في القانون يمنع النائب العام من أن يقوم بالمهام بنفسه، ولا بكون المنطقة التي تداهمها تقع خارج محافظة جبل لبنان”. وقد يكون أحد مسببات الملاحقة شخصياً للمدعى عليه هو عدم وجود ضابطة عدلية قادرة على تنفيذ القرارت الكبيرة. أما في المضمون فإن السؤال الجوهري هو: هل هناك اختصاص مكاني يخوّل القاضية عون ملاحقة الحاكم؟ “مجرد أن يكون المدعي العام يحقق من دون إدعاء، ومن دون أن يكون هناك مواد جرمية محددة سلفاً، تظهر الامور وكأنها تحمل نوعاً من الاستنسابية”، يجيب نحاس، و”خصوصاً إذا كانت الجرائم الملاحَق المتّهم على أساسها مالية. وذلك على عكس حالة الادعاء في جرائم معيّنة، حيث يصبح الاختصاص لـ 3 أماكن: 1 – مكان ارتكاب الجرم، 2 – مكان إلقاء القبض على المدعى عليه، 3 – مكان إقامة المدعى عليه”. تهرّب الحاكم من المثول أمام المدعية العامة يعود بحسب نحاس إلى “جهله بطبيعة الدعوى التي بنتها عون ضده وما يمكن أن يكون بانتظاره من تحقيق قد يؤدي إلى ظهور ما لا يتوقعه وتوقيفه أولاً”، ولأخذ القاضية طرفاً في القضية ثانياً”، (وهذا ما بيّنته طلبات الرد التي أقامها محاموه ضدها). في الوقت الذي لا يوجد فيه حكومة، وتحول المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة مع بداية أيلول، واحتمال الفراغ في سدة الرئاسة، فإن مسؤولية الدولة تقتضي بحسب نحاس “تحصين الوضع النقدي وتعزيز السياسة المالية، وإيجاد البديل لحاكم المركزي، قبل توقيفه وإحداث فراغ في السلطة النقدية يضاف الى تعطّل السلطتين التنفيذية والتشريعية”. وهذا ما ظهر في إعلان نقابة موظفي مصرف لبنان الإضراب التحذيري لمدة يوم واحد نهاية الشهر الماضي، وتكرارها التوقف عن العمل لمدة ثلاثة أيام ابتداء من يوم أمس. وما يزيد الطين بلّة الحماية السياسية التي ما زال يتمتع بها الحاكم والتي ظهرت بتغريدة لرئيس الحكومة اعتبر فيها أن “مداهمة البنك المركزي بهذا الشكل الاستعراضي ليست الحل المناسب لمعالجة ملف الحاكم، فلسنا متمسكين بأحد ولا ندافع عن أحد بل نتمسك بالقضاء العادل بعيداً عن الاستنسابية”. القاضية

غادة عون لم تتأخر بالرد على كل من اعتبر تطبيق إشارة قضائية فولكلوراً! متسائلة إن كان يجب على القضاء ان يأخذ الإذن السياسي ليتصرف في ملف فيه ادلة توفر شبهة بحق أحدهم؟ متأسفة على استحالة محاسبة من ساهم في انهيار البلد اذا كان صاحب نفوذ، خاصة إذا كانت ملاحقته ستفتح ملفات كثيرة. وأضافت عون أنه “اذا كان هذا هو المنطق فالأفضل على القضاء ان يعتزل لانه يستحيل على القاضي إعمال ضميره في هكذا وضع، فيحاسب من يسرق دراجة ويغض الطرف عمن يسرق بلداً. هل هذا ما يتوق اليه اللبنانيون في إعلاء دولة القانون فوق اي مرتكب مهما علا شأنه”. هذا وكان القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش رفض إعطاء الإشارة لدخول عناصر أمن الدولة الى مصرف لبنان، وأصدر أمراً بمغادرة المصرف. الجدير ذكره أنه لا توجد مذكرة توقيف بحق الحاكم إنما مذكرة بحث وتحرّ، فالأولى تتحدد على ضوء التحقيقات وما إذا بيّن التحقيق أن المتّهم مذنب.

وكتبت” الاخبار”: لم تيأس القاضية غادة عون في سعيها لملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حتى وصل بها الأمر إلى دهم المصرف المركزي بحثاً عنه. إلا أنّ تواطؤ الأجهزة الأمنية يُحيل إصرار النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان على توقيف سلامة إلى مسرحية هزلية، يبدو معها وكأن المطلوب ليس شخصية عامة، بل «طافر» في الجرود كالمطلوب «أبو سلة»، بلا عنوان سكن أو عنوان عمل، وتعجز القوى الأمنية عن تحديد مكانه لدهمه أو جرف «مضافته»!

وكتبت” اللواء”: في مشهد هوليودي، بالغ الاثارة والاستفزاز، تابع اللبنانيون وقائع الحركات «الدينكوشوتية» للنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وهي تنتقل من الرابية إلى شارع الحمراء في قلب العاصمة بيروت، بحثاً عن «شبح» تبين لاحقاً انه هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المطلوب رأسه «حياً أو ميتاً» من قبل فريق بعبدا، مع بدء العد العكسي لانتهاء سنوات «العهد القوي» الست العجاف، بتسجيل انهيارات متلاحقة لم يسلم منها قطاع في الدولة.

وكتبت” الديار”: وكأنه ينقص هذا البلد الذي يترنح على كف عفريت استعراضات ومسرحيات تفاقم ازماته وتهدد الاستقرار الهش الذي يشهده سعر الصرف، لتواصل المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون معركتها التي باتت تتخذ طابعا شخصيا بينها وبين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، هي التي أقدمت يوم أمس على مداهمة مصرف لبنان بحثا عن الحاكم رياض سلامة، قبل ان تنسحب بعد قرار القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش رفض اعطاء الإشارة لدخول عناصر امن الدولة الى «المركزي».
واستهجنت مصادر مواكبة للملف «اصرار عون على تجاوز صلاحياتها التي يفترض انها تنحصر في منطقة جبل لبنان من دون حسيب او رقيب وتحويل المعركة لمعركة شخصية بينها وبين سلامة»، لافتة في حديث لـ»الديار» الى انها بذلك تدق المسمار الاخير في نعش القضاء اللبناني.

Exit mobile version