يصادف شهر تموز / يوليو من العام 2014 ذكرى العدوان الذي شنّه الكيان المؤقت على قطاع غزّة، وحينها خاضت فصائل المقاومة الفلسطينية أطول معركة منذ انسحاب الاحتلال من القطاع عام 2005، حيث استمرت 51 يوماً. وخلالها أظهرت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قدرة على إدارة معركة متكاملة، شملت البر كما البحر.
استنفرت السرايا خلال هذه المعركة كافة تشكيلاتها العسكرية من الوحدة الصاروخية، الوحدة المدفعية وصولاً الى وحدة الرصد التي ساعدت السرايا على مراقبة حركة جيش الاحتلال، وجمع المعلومات وتحليلها ثمّ تحديد الأهداف. ويتفرّع من هذه الوحدة 3 أقسام: الرصد البري، الرصد الجوي والرصد البحري.
الرصد البحري
يتألّف القسم الأخير (البحري) من عشرات نقاط رصد ومتابعة عند الحدود البحرية لقطاع غزة وتتوزّع حسب التشكيلة العسكرية لمحاور ألوية سرايا القدس، وتكون مهامها الأساسية:
_رصد التحركات البحرية لجيش الاحتلال
_ معرفة زوارق الاحتلال التي تدخل الخدمة العسكرية ليسهل التعامل معها عند الحاجة
ساهم الرصد البحري، خلال “البنيان المرصوص” (الاسم الذي أطلقته السرايا على تلك المعركة)، في كشف المحاولات المتكررة للاحتلال في الانزال عند شواطئ القطاع. فقد تصدّى مجاهدو السرايا لانزال الاحتلال في مدينة دير البلح (وسط القطاع)، كما لإنزال آخر في مدينة رفح (جنوب القطاع) وتمكنّت السرايا من رصد زوارق مطاطية اسرائيلية تبين فيما بعد أن بعضها تعمل إلكترونياً وتحمل عدداً من الدمى التي تصدر أصواتاً بشكل واضح وملفت، وبعضها الآخر محمّل بالجنود والذخائر.
عملية “بدر الكبرى”
يعود تطور القدرات البحرية لسرايا القدس الى بداية أيام الانتفاضة الثانية حيث نفّذت السرايا منذ تاريخ 23 تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2002 العملية البحرية النوعية التي حملت اسم عملية “بدر الكبرى”. وفي بيان العملية أعلنت السرايا “مسؤوليتها عن تفجير زورق يتبع لسلاح البحرية الصهيوني”.
في التفاصيل، جهّزت السرايا الاستشهاديين جمال إسماعيل ومحمد المصري ليفجّرا قارباً مفخخاً بزورق الاحتلال ” دبور” في بحر شمال قطاع غزّة. فعندما اقترب الزورق من قارب السرايا وحاول الاتصال به، انفجر به مما أدى إلى إصابة 4 جنود. مثّلت العملية آنذاك تطوراً جديد في توسيع نطاق عمليات سرايا القدس كماً ونوعاً. (حسب بيان العملية).
نقل إعلام السرايا رواية أحد قادتها الذين أشرفوا على العملية، اذ قال “أن تجهيز القارب استمر لمدة شهرين، وقد تم تفخيخه بالكامل بمواد شديدة الانفجار، كما تم تزويد الاستشهاديين المنفذين بسلاحين رشاشين للاحتياط من أي فشل قد يحيط بظروف العملية، كما تمكن المجاهدين من وضع عبوات ناسفة في داخل القارب. وأضاف “تمكن المجاهدين من رصد الهدف (الزورق) بدقة عدة مرات وعلى فترات طويلة، وجمعوا كافة المعلومات الخاصة بحيثيات العملية والتي كانت تشكل نقلة خاصة في العمل المقاوم، من حيث حساسيتها ودقتها وسرية التخطيط لتنفيذها”.
تواصل سرايا القدس اليوم تطوير العمل العسكري البحري ووحدة الرصد وكافة وحداتها بالإضافة زيادة عديدها وتحسين أدائها العسكري. وهو ما أكّدته المعركة الأخيرة “سيف القدس” في أيار / مايو عام 2021، وهو ما أيضاً ستثبته أي معركة قادمة سيتفاجأ الاحتلال خلالها من التطور الكبير لدى السرايا ولدى الأجنحة العسكرية لكل الفصائل الفلسطينية.
الكاتب: مروة ناصر-الخنادق