من أين يبدأ نهوض الأمة؟

 معن بشور-البناء

«كيف نبدأ عملية النهوض في أمتنا؟» سؤال طرحه عليّ أحد الأخوة الأعزاء خلال ندوة افتراضية نظمّها «منتدى سيف القدس»، الأحد 17/7/2022، والذي يشرف عليه الصديق العزيز والمناضل الثابت على مبادئه، والكاتب المميّز الأستاذ ناصر قنديل، وشارك فيها العديد من أهل الرأي الحّر من أقطار عدة ومن المهاجر القريبة والبعيدة». وقد استضافني في المنتدى الأستاذ ناصر مع مناضل فلسطيني كبير من فلسطين المغتصبة عام 1948 هو الأخ رجا اغبارية الأمين العام السابق «لحركة أبناء البلد» ذات الدور التاريخي البارز في رفض الاغتصاب الصهيوني.

للإجابة على هذا السؤال ركزت على فكرة تلاقي القوى الحيّة في الأمة على المشروع النهضويّ العربيّ الذي أطلقه مركز دراسات الوحدة العربية وعلى رأسه أحد أبرز مؤسّسيه الراحل الدكتور خير الدين حسيب في 22 شباطفبراير 2010، كما على فكرة بناء أدوات النهوض المتعددة المهام وفي طليعتها المقاومة بكلّ أشكالها ومستوياتها لا سيّما المقاومة المسلّحة ضدّ الاحتلال ..

وأكدت في جوابي أنّ المدخل الى كلّ هذا يكمن في إسقاط سياسة الإقصاء والإلغاء السائدة بين القوى الفاعلة في الأمة والتركيز على المشتركات بينها واستبعاد لغة التنابذ والتشاتم التي يستسهلها بعضنا لدى أيّ خلاف مع البعض الآخر مما قد يقود الى صراعات دموية أحياناً بل الى تعطيل أيّ فعل وطني وقومي جاد.

وعدت بالذاكرة الى أنّ من أهمّ أسباب تراجع المدّ القومي النهضوي الذي وصل الى أوجه في خمسينيات وستينيات القرن الفائت هو ذلك الانقسام العنيف بين قوى التحرّر في الأمة من مختلف المشارب الفكرية بل وداخل كلّ تيار وصولاً الى الانقسامات الحادة داخل كلّ حزب أو جماعة أيضاً

ورأيت أنّ الخروج من لغة التخوين السريع، ومنطق الإقصاء البغيض هو الخطوة الأولى على طريق استنهاض الأمة في مواجهة التحديات وفي مقدّمها التحدي الذي يمثله المشروع الصهيو ـ استعماري ومخرجاته القائمة على التجزئة والتبعية والفساد والاستبداد

وقلت في حديثي إنني وخلال أكثر من ستة عقود من عمري شهدت مخاطر الانقسام في أحزابنا وحركاتنا من جهة، كما مخاطر التقسيم والتفتيت في مجتمعاتنا وبلداننا، وهي مخاطر فتحت المجال للتدخل الاستعماريّ ـ الصهيوني، كما لعب هذا التدخل دوراً كبيراً في إذكائها..

وختمت بأنّ وحدة الأمة هي الطريق لنهضتها، ووحدة هذه الأمة ووحدة أقطارها تبدأ بوعي قوى التحرر أهمية تكاملها مع بعضها البعض، والطريق إلى ذلك بالخروج من منطق الإقصاء والإلغاء واعتماد لغة الحوار والتلاقي على مشتركات لا سيّما أنّ لدينا قضية جامعة كقضية فلسطين تستحق أن نلتقي حولها ونرتقي الى مستوى التحدّي الذي يمثله اغتصابها واحتلال أرضها وأراضي غيرها من بلادنا العربية.

ولكن القاعدة المعتمدة في ذلك كله هو أن «نعمل ما نتفق عليه وليعذر بعضنا بعضاً على ما نختلف عليه» ولندخل الى مناطق الاختلاف أو الخلاف من مواقع اللقاء والتفاهم فنسعى الى معالجتها بدلاً من أن ندخل الى المساحات المشتركة من مناطق الخلاف فنعمد الى إفسادها

 

Exit mobile version