«ثورة» صيدا على المولّدات: نموذج قابل للتعميم؟
انتظار فاتورة تموز
هذه النتيجة أراحت أهالي صيدا، وخصوصاً أنها سلكت طريق القضاء. يقول أحد متابعي الملف إن المشكلة تكمن في ذهنية «أصحاب المولدات الذين لم يهضموا بعد أن أوضاع المواطنين انقلبت رأساً على عقب، وأن الزمن الذي كانوا يربحون فيه بمعدل 300٪ قد ولى.
تروي رابعة، كيف رفضت تسديد فاتورة اشتراكها بـ 5 أمبير، التي وصلت إلى ثلاثة ملايين و400 ألف ليرة، فقُطع عنها التيار. عمدت عندها إلى التواصل مع مكتب النائب سعد، الذي خابر رئيس المخفر، فاتصل بدوره بصاحب المولّد وهدّده بالحبس ليعود التيار إلى منزل رابعة «لكنني أنتظر فاتورة شهر تموز لأحكم على جدية ما حصل».
وكان مكتب سعد قد تلقى عدة شكاوى مماثلة وعولجت عبر المخفر، وتبدي مصادر متابعة للملف ارتياحها، إذ إن الإخبار الذي قدّم للنيابة العامة حقق خفضاً ملحوظاً في فواتير المواطنين، وأكد أن العبرة في متابعة القضية وملاحقة أي تلاعب أو التفاف ممكن أن يقدم عليه أصحاب المولدات من جديد من خلال خفض ساعات التغذية أو استحداث رسم بدل خدمة ما. ولفت المكتب الى متابعته الملف، عبر زيارة قريبة للنائب سعد للمدعي العام للتأكيد على الاستمرار بحماية مصالح المشتركين. كما أعلن عن نيته دعوة لجنة الشفافية في بلدية صيدا لاستئناف عملها وجعل اجتماعاتها مفتوحة لتلقي شكاوى المواطنين وإحالتها الى القضاء المختص. وحثّ سعد المواطنين على التقدّم بالشكاوى لدى المخفر ضد أي صاحب مولد يخلّ بتعهده، والامتناع عن دفع أي فاتورة غير مطابقة لتسعيرة الوزارة ومطالبة أصحاب المولدات بأي زيادة تمت جبايتها عن شهر حزيران قبل تاريخ توقيع التعهدات.
أصحاب المولّدات: هذا ظلم
في المقابل، لا يبدو أصحاب المولّدات راضين عما حصل. يقول أحدهم إن القاضي رمضان استدعاهم عبر المخفر، وأجبرهم على توقيع التعهد تحت طائلة السجن، «وقد أُفهمنا بأن الذي سيرفض التوقيع ستصدر بحقه مذكرة بحث وتحرٍّ».
لا يخفي شعوراً بالظلم «كون تسعيرة الوزارة غير منطقية وغير واقعية، فالسعر الرسمي للمازوت غير موجود إلا على الورق والاحتساب على سعر صيرفة (٢٥٠٠٠ ليرة) يجعلنا ندفع الفرق من جيوبنا، إذ إننا نشتري على سعر السوق السوداء (٢٩٠٠٠ ليرة) ونضطر إلى شراء المازوت بأغلى من سعره حتى بالدولار الفريش». وقد اتفق أصحاب المولدات على خفض ساعات التشغيل اليومية للتخفيف من استهلاك المازوت وتجنب الأعطال الميكانيكية.
هذا الحل لم يكن ممكناً لخمسة من أصحاب المولدات، اتخذوا قراراً بالتوقف النهائي عن تزويد المشتركين بالكهرباء ابتداءً من أول آب المقبل بسبب عدم القدرة على الاستمرار وفق التسعيرة الرسمية، وقد طرح بعضهم مولداته للبيع أو الإيجار أو الاستثمار.
يذكر أن المشتركين في خدمة المولدات في صيدا يتوزعون على نحو ٤٠ صاحب مولد (٢٠٠ مولد) يتقاسمون أحياء المدينة، ويرفضون استقبال أي زبون إذا كان على خلاف مع أحدهم بسبب اعتراض على التسعيرة أو إذا كان قد تقدم بشكوى ضد أحدهم الى وزارة الاقتصاد، فيما يعمد بعض أصحاب المولدات إلى قبول زبون جديد بطلب براءة ذمة منه تصدر عن صاحب المولد الأول. وقد وصل الأمر بالبعض منهم الى تأليف عصابة حماية لصاحب المولد يكلّف أفرادها بتهديد، وأحياناً بضرب، أي مشترك يعترض على الفاتورة. وأخيراً هاجم نحو مئة شاب مكتب أحد أصحاب المولدات وحطموا بعض محتوياته إثر خلاف مع أحد المشتركين، تعرّض خلاله صاحب المولد للشتائم والإهانات والضرب لاعتراضه على الفاتورة.
ومساء أمس الاثنين، دعت لجنة حيّ الست نفيسة في صيدا الأهالي للتجمع والتوجه الى المخفر لتقديم شكاوى ضد مالكي المولدات في الحي (ج. س.) و(ب. ح.) لعدم التزامهما بالتعهد باعتماد تسعيرة وزارة الطاقة، وهما يطالبان المواطنين بتسديد الاشتراكات على سعر 80 سنتاً للكيلوواط، مع تهديدهم بقطع الاشتراك في حال عدم تسديد الفواتير.
تجربة التصدي لمافيا المولدات في صيدا كانت محط ثناء من قبل العديد من المشتركين في مدن لبنانية عدة، ولا سيما طرابلس، حيث انتشرت عشرات التغريدات تحسد الصيداويين على نائبهم وطالبت نواب طرابلس بالاقتداء بما جرى في صيدا.