الكاتب : تالا الحريري
ظهور فيروس جدري القرود لم يستدع قلقاً من أحد في البداية، لأنّ طريقة إنتشاره تختلف عن الفيروسات الأخرى التي تنتقل عبر الهواء. وبما أنّه ينتقل عبر العلاقات الجنسية أو إستعمال أي من أغراض المصاب، أوصت الوكالة البريطانية للصحة العامة بإعطاء لقاحات لبعض الرجال المثليين الذين يعدّون أكثر عرضة للإصابة بمرض جدري القرود، بهدف احتواء العدوى.
وعلى الرغم من تسجيل أكثر من 5000 إصابة حول العالم، وتسجيل لبنان أول حالة بجدري القرود، طمأن عضو لجنة الصحة النيابية عبد الرحمن البزري الى أنّ لا داعي للقلق، مؤكداّ “أنّنا لن نشهد سيناريو كفيروس كورونا لأنّ جدري القرود يختلف تماماً”.
وقال البزري: “جدري القرود موجود بيننا منذ عقود طويلة، ولكن ما تغيّر فيه أمران: أوّلهما أنّه حين قضينا عليه قبل أربعين عاماً، لم نعد نعطي اللّقاح الخاص به، وقد أدّى غيابه إلى ازدياد الحالات بنسبة مقبولة اليوم، من دون أن يتسبّب ذلك بحدوث وباء. الأمر الثاني، وهو الأكثر احتمالاً، أنّنا كبشر تعدّينا على بيئة بيولوجيّة. كان جدري القرود متعايشاً مع مضيفه الحيواني بشكلٍ سليم، لكن عندما دخلنا إلى بيئته تعرّضنا للفيروس، وبما أنّ العالم صغير اليوم، انتقل من بلدٍ إلى آخر وسُجّلت عدّة مئاتٍ من الحالات، وصولًا إلى دخول أول حالة إلى لبنان قبل أسبوع”.
على عكس ذلك، لا تزال منظمة الصحة العالمية تطلق التحذيرات، داعية الدول إلى اليقظة والشفافية في مواجهة التفشي النادر لأكثر من 3200 حالة إصابة بجدري القرود في جميع أنحاء العالم، بانتظار قرار عما إذا كان يجب إعلان أعلى مستوى تأهب. فيما جمعت المنظمة خبراء دوليين لتحديد ما إذا كان الوضع يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً كما هو الحال بالنسبة الى جائحة كورونا.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس: “منذ ذلك الحين تم إبلاغ منظمة الصحة عن أكثر من 3200 حالة إصابة مؤكدة بجدري القرود ووفاة واحدة من 48 دولة منها نيجيريا و5 مناطق تابعة لمنظمة الصحة”.
وأوضح أنه “تم الإبلاغ منذ بداية العام عن ما يقارب 1500 حالة مشبوهة وحوالى 70 حالة وفاة في وسط أفريقيا لا سيما في جمهورية الكونغو الديموقراطية وكذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون”.
وفي المقابل، أفادت دراسة حديثة بأن العامل المُمرِضْ الذي يسبب تفشي جدري القرود قد تحور بشدة على نحو مفاجئ. فمقارنة بالفيروسات المرتبطة بجدري القرود في العامين 2018 و2019، هناك نحو 50 اختلافاً في الخصائص الوراثية، وذلك بناء على التحليل الأولي لحالات تم تسجيلها في البرتغال.
لكن حتى الآن يتحدث الخبراء عن تطور بطيء إلى حد ما في ما يتعلق بهذا النوع من الفيروسات، مقارنة بالعدد الكبير للغاية من التحورات لفيروس كورونا. كما يشكك الخبراء في أن إنزيمات نظام المناعة البشري مسؤولة عن هذه التغيرات في التكوين الوراثي.