توثيق خط المواقع التي أقامها حزب الله على مقربة من الحدود

القناة 12 العبرية/ غاي فيرون

خرج عشرات المتقاعدين من وسط البلاد في مسيرة هذا الأسبوع على الطريق الشمالي القديم في المنطقة الواقعة بين “زرعيت” و”شتولا”، الطريق ضيق لكن سائق الحافلة وجد مكاناً على الحافة للتوقف هنا، نقطة يجب رؤيتها في أي جولة في المنطقة، على الطريق تقف صخرة تحكي قصة الأسر في عام 2006، في ذلك العام تم أسر الجندييْن “الإسرائيلييْن” الراحليْن “إيهود غولدفاسر” و”إلداد ريغيف” من نفس المكان، وحدثت الخطوة التي أشعلت حرب لبنان الثانية هنا، على “خط الإبلاغ 105″، ولكن تم مؤخراً إضافة مبنى جديد في المنطقة، مما يشير إلى التغيير على الأرض.

توجد صور ل”غولدفاسر” و”ريغيف” بجوار النصب، بجانب وجوه جنود “الجيش الإسرائيلي” “إيال بنين” والراحلان “تورغمان” و”وسيم صلاح نزال”، الذين قُتلوا بعد ذلك مباشرة بصاروخ مضاد للدبابات أطلقه حزب الله، وإضافة للمتقاعدين تأتي هنا للزيارة الرحلات المدرسية والعائلات في طريقهم للمنتجعات وكثير من الدبلوماسيين  لمشاهدة أنفاق حزب الله وأحدها يمر قريباً من هنا، وفي الأسبوعين الماضيين أكمل حزب الله بناء مشروع آخر على الحدود، ولكن هذه المرة ليس سراً.

أقيمت نقطة مراقبة مباشرة على الحدود الدولية في المكان الذي تم فيه أسر جنود “الجيش الإسرائيلي”، وبجوارها مبنى سكني ويتواجد فيهما على مدار 24 ساعة أشخاص يراقبون الحدود، ويقومون بتصوير وتسجيل كل حركة لقوات “الجيش الإسرائيلي” في المنطقة، والآن هم يسجلون أيضاً تحركاتنا ونحن نشاهدهم، وحتى وقت قريب قاتل هؤلاء الأشخاص من حزب الله في سوريا، والآن هم على الحدود مع “إسرائيل”.

الموقع الجديد على “خط الإبلاغ 105” بالقرب من “زرعيت” ليس هو الوحيد، ففي الأشهر الأخيرة يقود حزب الله خطوة استراتيجية على الحدود الشمالية، حيث تم إنشاء 15 موقعاً من هذا القبيل حتى الآن، خاصة في القطاع الغربي من الحدود، تتضمن كل منها نقطة أو برج مراقبة، وما بين مبنيين وثلاثة مبانٍ سكنية ولوجستية.

وقال مسؤول كبير في القيادة الشمالية في مقابلة مع القناة “N12”: “نحن نرى هنا إعلاناً واضحاً عن نوايا حزب الله، المشكلة هي أنه بمجرد قيام حزب الله ببناء مثل هذه النقطة ينتهي وصول الجيش اللبناني وقوة اليونيفيل إلى المكان”، وكما يقول المسؤول: “إن عناصر حزب الله يتجولون بلباس مدني، لكن بعضهم مسلح بمسدسات وبنادق، وهذا يعد أكبر انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي صدر في نهاية حرب لبنان الثانية، وأهم ما فيه هو منع وصول أي تنظيم مسلح باستثناء الجيش اللبناني الى منطقة السياج”.

وبالقرب من أبراج المراقبة التي أقيمت هناك ترفرف أعلام بيضاء عليها شعار “أخضر بلا حدود”، وهي جمعية يُزعم أنها أُنشئت لتعزيز البيئة في لبنان، ولكن “الجيش الإسرائيلي” سبق أن كشف في عام 2018 أنها منظمة وهمية تعمل كقناع تغطية لحزب الله، كان التنظيم قد أنشأ عدة نقاط مماثلة في الماضي، ولكن تم التخلي عن بعضها وقصف “الجيش الإسرائيلي” اثنتين منها من الجو في عام 2020 في إطار “عملية الكشف”، ولكن إذا كان هذان برجان غير مأهولين حتى وقت قريب، فقد ظهر ثمانية أبراج أخرى فجأة في الشهرين الماضيين فقط.

تعرف قيادة المنطقة الشمالية في “الجيش الإسرائيلي” كيف تحدد أن الأشخاص داخل المواقع هم عناصر من “قوة رضوان” وحدة النخبة في حزب الله، ومعظمهم قاتل حتى وقت قريب في الأراضي السورية، والآن يقودون استراتيجية التنظيم الجديدة في إحداث احتكاك فوري ومستمر على الحدود، إلى جانب القرار الذي اتخذته قيادة حزب الله بنشر القوات الجديدة، تقدر مصادر استخباراتية أن بعض نشاطات “قوة رضوان” لا تحظى بموافقة مسبقة.


ويصف المسؤول في القيادة الشمالية قائلاً: “إلى حد ما نحن نواجه هنا الجيل Y من الإرهابيين، فهم دائماً على السياج، ونشاهد نشاطات لم نرها حتى اليوم من قبل قوة قتالية تقف أمامنا، وفي عدة مناسبات رشق النشطاء السياج بالحجارة وقطعوا كابلات مختلفة توجد عليه، وألحقوا أضراراً بالبنية التحتية، وإذا كان حتى وقت قريب يتم تصوير دورية للجيش الإسرائيلي فقط عندما تمر أمام عناصر حزب الله، فإنهم الآن يحاولون أيضاً التحدث مع الجنود، أو ببساطة شتمهم وتصويرهم على الهواتف المحمولة، هذه الأعمال كانت تبدو في بعض الأحيان أنها تنبع من ملل وبشكل أقل نتيجة قرار واضح اتخذ من قبل قيادة حزب الله، هؤلاء النشطاء يخلقون باستمرار احتكاكات مستمرة معنا”.

فيما وصف جندي في قيادة المنطقة الشمالية: “ليس معنى ذلك أنهم إذا كانوا على السياج علي أن أبتعد، بل على العكس أينما يتواجدون أنا استجيب وأصل أيضاً، في كل مكان يضعون فيه برج مراقبة أنا أضيف المزيد من الوسائل وسأبني قوتي وخططي بشكل أفضل”، وأضاف: “لكن الاحتكاك الذي نشأ الآن مستمر ومرئي، خاصة مع زخم بناء أبراجهم على الحدود الذي بدأ في نهاية فصل الشتاء، نحن نعلم أن هذا ليس بالعلم الدقيق، ونحن نستعد لسيناريو أن يقوم الجانب الآخر بإطلاق النار علينا أو اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعرض قواتنا للخطر، ولن نسمح بمثل هذا الإجراء تحت أي ظرف من الظروف”.

ويشرح المقدم “أفشالوم دادون” – قائد “الكتيبة 601” التي تقوم الآن بنشاط عملياتي في القطاع الغربي- قائلاً: “خلال الشهرين الماضيين يقوم حزب الله بتعزيز تواجده في منطقة خط التماس، إنه يحاول تعويدنا على وجوده، لكننا نتابع كل نشاط له تحت كل قناع يحاول التخفي تحته”، وأوضح: “من الواضح لنا من يقف وراء هذا النشاط، إن قرارهم بتعزيز تواجدهم على خط التماس هو انتهاك خطير لقرار الأمم المتحدة 1701، ونحن ننصح حزب الله بأن لا يحاول شد الحبل زيادة عن اللزوم”.

يمنع عناصر حزب الله المتمركزون على السياج الحدودي الجيش اللبناني من الوصول إلى تلك المناطق، ويمنعون أيضاً “قوة اليونيفيل” التي من المفترض أن تحافظ على وقف إطلاق النار في المنطقة وترصد الانتهاكات من قبل الطرفين، من الوصول إلى هناك.

في المنظومة الأمنية يحصون حالياً 15 موقعاً أقيمت على السياج، ويجري العمل حالياً على موقعين إضافيين، يبدأ هذا من أمام “كيبوتس المنارة” على بعد حوالي 50 متراً من السياج، ويمتد إلى منطقة “يفتاح”، حيث أقيم هناك موقعاً على مسافة 140 متراً من السياج، ومن هناك غرباً، إلى موقع بالقرب من “كيبوتس مالكية” في المناطق المقابلة ل”موشاف أفيفيم” يجري حالياً بناء موقع آخر، وبعد ذلك توجد مواقع من منطقة “كيبوتس برعام”، و”موشاف دوفيف”، و”شتولا” و”زرعيت” وصولا إلى رأس الناقورة، أقيمت جميع المواقع بالقرب من خط الحدود الدولي، بعضها على الخط نفسه في الأماكن التي توجد فيها قواعد للأمم المتحدة والتي من المفترض أن تفصل بين القوات.

وعلى الرغم من ذلك، في الوقت الحاضر لا تزعج أبراج المراقبة المستوطنات على الحدود الشمالية، “شفي شلتائيل” من سكان “مانوت” وصاحب مطعم “شيفي” في الجليل الغربي يقول: “لا أرى الأبراج من فناء منزلي الخلفي، كل صباح أنظر إلى خط التلال، إنه منظر طبيعي وأنا لا أشعر بها، ما نتذكره هو واقع ما قبل عام 2006، عندما كانوا على الحدود باستمرار وكانوا يقومون بتصويرنا”.

الصيف الذي نحن في بدايته هو ذروة الموسم السياحي في الشمال، وقد طور أصحاب الأعمال في المنطقة في العام الماضي طريقاً سياحياً يعبر الحدود الشمالية، يقول “شلتائيل”: “ليس هناك شك في أن أي تغيير من هذا القبيل يسبب شكلاً جديداً ومخاوف، الوضع الأمني على الحدود الشمالية إجمالاً هادئاً نسبياً منذ نهاية الحرب في عام 2006، صحيح أن التوترات تتصاعد بمعدل مرة كل عام بعد حادثة إقليمية أو مقتل عنصر من حزب الله في سوريا في عمليات منسوبة ل”الجيش الإسرائيلي”، وأحياناً تصدر تصريحات تهديد من حسن نصر الله زعيم حزب الله، لكن هذا لا يؤثر على السكان، كما أن إحباط أنفاق حزب الله في كانون الأول / ديسمبر 2018 لم يغير من الواقع في المستوطنات الواقعة على طول الحدود، فقد ظلت الشاليهات ممتلئة واستقبلت مواطنين جدد وازدادت”.

التفوق المفاجئ في تعقب المواقع الجديدة

في العامين الماضيين، واجه قادة “الجيش الإسرائيلي” العديد من المحاولات لتهريب المخدرات والأسلحة المخصصة لمنظمات إجرامية في “إسرائيل”، وظاهرة أخرى سببها كورونا وهي محاولة من قبل الباحثين عن عمل لعبور الحدود إلى “إسرائيل” للعثور على مصدر رزق أفضل بينما الاقتصاد اللبناني ينهار.

وهناك أيضاً من يعتقد أن البناء يلحق الضرر بالميزات التي كانت لدى حزب الله، خلال حرب لبنان الثانية عمل حزب الله من “المحميات الطبيعية” -مناطق القتال التي أقامها في الأحراش- مخابئ تحت الأرض فاجأ منها مقاتلي “الجيش الإسرائيلي”، الآن كل موقع من هذا القبيل والذي يضم المزيد من المباني المجاورة له، يتطلب كهرباء وخدمات اتصالات ولوجستيات مختلفة مثل الإمدادات الغذائية الدائمة.

فيما يقول مصدر في القيادة الشمالية: “إن هدف حزب الله النهائي في رأيي هو إنشاء خط دفاع أمامي، وخلق عمل ونشاط عملياتي لجمع معلومات عنا، ليس لأننا لم نكن نعلم أن حزب الله كان هنا، ولكن حتى يومنا هذا لم نر عناصره بهذا الشكل يظهرون علناً على الطريق الشمالي، ومن ناحية أخرى إذا كانوا قبل ذلك يتحركون ويتنقلون باستمرار، فإنهم الآن في مكان واحد، مما يسمح لنا بجمع الكثير من المعلومات عنهم والرد بشكل أفضل”.

 

Exit mobile version