داعش ـ مصادر التمويل وسبل تجفيف منابعه

داعش ـ مصادر التمويل وسبل تجفيف منابعه

تؤكد الإجراءات الأوروبية على استمرارية مكافحة التهديدات الإرهابية وتجفيف منابع التمويل التي يشكلها تنظيم داعش والفروع الإقليمية له. ولا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزماً باتخاذ إجراءات حاسمة ضد التخطيط لهجمات إرهابية وتمويلها. وتمكن الاتحاد الأوروبي من اعتماد تدابير تقييدية بشكل مستقل ضد التنظيم  والأشخاص والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بها والتي تساهم في تمويل التنظيم وفيما يلي أبرز طرق تمويل التنظيم وكيفية مواجهته.

استغلال القروض الميسرة

تورط بريطاني بتحويل آلاف من الجنيهات الاسترلينية، كان قد تلقّاها على شكل قروض ميسرة، ضمن برنامج يعرف بـ”القروض المرتدة” Bounce Back Loans (وضعته الحكومة البريطانية لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تأثرت بأزمة كورونا)، وذلك لتمويل التنظيم في سوريا. في الفترة الممتدة ما بين نوفمبر عام 2020 ومايو عام 2021 .

أصول مالية لداعش وتحويل الأموال

حدد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) شبكة من (5) ميسرين ماليين تابعين للتنظيم في العراق وسوريا يعملون في جميع أنحاء إندونيسيا وسوريا وتركيا حيث أجرت هذه الشبكة تحويلات مالية لدعم جهود ” داعش “في مخيمات النازحين في سوريا من خلال جمع الأموال في إندونيسيا وتركيا، والتي استخدم بعضها لدفع تكاليف تهريب الأطفال من المخيمات وتسليمهم إلى مقاتلي داعش الأجانب كمجندين محتملين .

قدرت الحكومة الأمريكية أن التنظيم ربما لا يزال يمتلك أصولا تصل قيمتها إلى نحو (300) مليون دولار. وإن مصادر تمويل داعش تأتي من الأنشطة الإجرامية بما في ذلك جرائم الخطف وتهريب المخدرات في المنطقة وأيضا تهريب البشر إلى أوروبا بالإضافة إلى عمليات تهريب وبيع الآثار العراقية أو السورية المنهوبة.واللافت أن مصادر تمويله لم تتوقف على هذه الأنشطة الإجرامية، إذ يبدو أنه انخرط في سوق العملات المشفرة من أجل تفادي الملاحقة الدولية وأيضا لإيجاد مجال جديد لنقل وتبيض الأموال.

يقول الخبراء إن داعش استحدث نظاما غير رسمي لتحويل الأموال إلى جهات الاتصال الشخصية مثل منظومة “ويسترن يونيون” الرائدة في إرسال الأموال إلى أي مكان في العالم. وخلال ذروة قوة التنظيم عام 2014، قدر خبراء قيمة أصوله بما يتجاوز ملياري دولار. إذ خلص مركز الأمن والتعاون الدولي في جامعة “ستانفورد” بولاية “كاليفورنيا” الأمريكية إلى القول بأن “الأموال التي صادرها التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرته بالإضافة إلى مبيعاته للموارد الطبيعية والأموال التي حصل عليها من فرض الضرائب والأنشطة الإجرامية، جعل منه أغنى منظمة إرهابية في العالم”. وفقا لـ”DW” في 5 يناير 2022.

كشفت السلطات العراقية وفقا لـ”روسيا اليوم” في 15 أبريل 2021، عن العثور على أموال طائلة وذهب وفضة بين أنقاض الحرب في الموصل. تمكنت من العثور على مبالغ مالية استولى عليها التنظيم  خلال فترة سيطرته على مدينة الموصل كان قد خبأها ودفنها في أحد الدور السكنية في المنطقة القديمة والذي يعرف بديوان المالية (بيت مال المسلمين)”. وتم ضبط المبالغ المالية والتي قيمتها: (1500000) دولار إضافة لـ (17) مليوناً و(500) ألف دينار عراقي) و( 15) كغم من الفضة المقطعة لغرض طبع العملة المعدنية لداعش و نحو (2/1) كغ من القطع الذهبية على شكل عملة نقدية داعش. و(256) غرام مواد معدنية مجهولة النوع   و (17.5) كغم سبائك من الفضة.

جمع التبرعات وتجارة العاج – داعش

صنفت الولايات المتحدة (4) ميسرين ماليين لـ “داعش” في جنوب إفريقيا . يلعب التنظيم  في جنوب إفريقيا دورًا في تسهيل تحويل الأموال من أعلى التسلسل الهرمي لداعش إلى الفروع في جميع أنحاء إفريقيا. أولئك الذين تم تحديدهم قدموا الدعم المالي أو خدموا كقادة لخلايا داعش في جنوب إفريقيا. وتعتمد فروع داعش في إفريقيا على مخططات جمع التبرعات المحلية مثل السرقة وابتزاز السكان المحليين والاختطاف للحصول على فدية بالإضافة إلى الدعم المالي من التسلسل الهرمي لداعش. ويزداد تنظيم داعش قوة من خلال استخدامه للعاج غير المشروع وتجارة السكر غير المشروعة لتمويل الإرهابيين في شرق إفريقيا

أتاوات على مستثمري حقول النفط – داعش

يجني تنظيم داعش ملايين الدولارات شهريا، من فرض إتاوات على المستثمرين في حقول النفط في شمال شرق سوريا، وأصحاب المصانع والمحلات التجارية في العراق، كأحد مصادر دخله الأساسية، بعد فقدانه مناطق سيطرته على الأراضي في هاتين الدولتين. وأعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق، عن الإطاحة بخلية تجمع أموال الإتاوات لصالح تنظيم داعش الإرهابي غربي محافظة نينوى، شمالي البلاد. أن “تنظيم داعش ازدهر من خلال عمليات التهريب والابتزاز وتجنيد واستقطاب أنصاره.

صندوق حرب 

يعتقد محققو الأمم المتحدة أنهم اقتربوا من العثورعلى صندوق حرب لداعش بقيمة (50) مليون دولار بعد الكشف عن خيوط  النظام المالي لتنظيم “داعش” والكشف عن القسم الأساسي المسؤول عن جمع ثروته وتخزينها وإدارتها ونقلها. كشف خط التحقيق أيضًا أن شبكة من كبار قادة داعش عملت أيضًا كممولين موثوق بهم، وتحويل الثروة المتولدة من خلال أعمال النهب ، واستهداف مجموعة من الأقليات العرقية والدينية في جميع أنحاء العراق من خلال سرقة الممتلكات.

يقول “إدموند فيتون براون” السفير البريطاني السابق إنه على الرغم من انخفاض الاحتياطيات المرتبطة بداعش إلى حوالي (50) مليون دولار، فقد لاحظ المحققون أن الأموال تمر عبر المخيمات. ولفت إلى أن “مصدر القلق الدائم هو الآلاف من مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم الذين ما زالوا رهن الاحتجاز أو في مخيمات النازحين”. وأن”التدفقات المالية من وإلى هذه المرافق تشير إلى أن خطر تمويل الإرهاب لا يزال مرتفعا.”

مصادر تمويل أخرى

يشن التنظيم حملة ضد الرعاة في شمال سوريا حيث تجمع خلاياه الأموال عن طريق سرقة آلاف الأغنام. حيث ينخرط في عملية تهريب “سهلة ومربحة” لأنها تتطلع إلى مصادر تمويل أخرى بخلاف النفط الذي مول التنظيم. ويتم بيع الأغنام التي سُرقت من السكان المحليين في أسواق الماشية الحية من قبل مقاتلين متنكرين في شكل رعاة. يرى “جريجوري ووترز” محلل أبحاث في مشروع مكافحة التطرف، لـ ” Metro.co.uk  ” “إنها ليست مثل تجارة النفط التي كانت لدى داعش عندما كانت تسيطر على المنطقة ، لكن لم يكن لديهم النفقات التي تحملوها من قبل. كل ما يحتاجونه الآن هو إمدادات ودفع أموال للمهربين.”إنها عملية سهلة ومربحة.

تدابير لتجفيف منابع تمويل داعش

قرر المجلس الأوروبي في21 فبراير 2022 إضافة مجموعتين وشخصين مرتبطين بالقاعدة وداعش الناشطين في أفغانستان والمنطقة المجاورة إلى نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي يتورط الأفراد والكيانات الخاضعون للعقوبات في تخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية في أفغانستان والدول المجاورة لها. ويخضع ما مجموعه (8)أفراد الآن لحظر السفر وتجميد الأصول ، وكيانان لتجميد الأصول. بالإضافة إلى ذلك ، سيتم منع الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي من إتاحة الأموال للأفراد والكيانات المدرجة في القائمة .

وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي  على فرض عقوبات تتعلق بالإرهاب ضد جماعة “حراس الدين” التابعة لتنظيم “القاعدة” واثنين من قادتها، وزعيمها “فاروق السوري ، وزعيمها الديني سامي العريضي” ، لتجميد الأصول، وحظر السفر.  حيث تورطت الجماعة في التخطيط لعمليات إرهابية تحت مظلة القاعدة وإقامة معسكرات تدريب في سوريا. وضمت الجماعة عددا من الأوروبيين في صفوف مقاتليها.

التقييم

طورتنظيم داعش من طرق التمويل وابتكرت  مصادر خاصة لتمويل عملياتها الإرهابية. فعلى سبيل المثال لا تزال هناك تدفقات مالية إلى المخيمات التي تحتوي على مقاتلي داعش وعائلاتهم خارج المخيمات التي يتم تسليمها بعد ذلك إلى التنظيم. ومازال تمتلك التنظيم أصولًا كبيرة جدًا والتي تحتاج إلى بعض الإطار التنظيمي الدولي  لضمان مراقبة وتجميد هذه الأصول

تسمح التحويلات المالية لتنظيم داعش بدفع أنشطة بتوفير ملاذات أمنة وبناء ببناء شبكة من المعسكرات التدريبية للمقاتلين الأجانب. كذلك يتم من خلالها دفع رواتب  مقاتلي التنظيم والهجمات الإرهابية. ويتم دفع ثمنها من خلال الأنشطة غير القانونية التي أصبحت “أكثر تعقيدًا”.  ومن المرجح أن يصبح  نظام الحوالة النقدي هو وسيلة داعش في خراسان لنقل الأموال في جميع أنحاء العالم.

تشير التقديرات أن تنظيم داعش امتلك هيكل إداري يتعامل مع الأموال التي تدخل وتنفق من قبل التنظيم. كان لهذا الهيكل مسؤوليات متداخلة لضمان عدم سرقة الأموال من المنظمة. على الرغم من ذلك ، تمكن بعض قادة داعش بالفعل من الحصول على بعض الأموال من الخزانة لأنفسهم.

المصدر: المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات 

 إعداد وحدة الدراسات والتقارير “2”

      النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

 

Exit mobile version