ٍَالرئيسية

“المعركة بين الحروب” التي تخوضها حماس تورط إسرائيل

د. ميخائيل ميلشتاين - محاضر وباحث في معهد أبحاث الأمن القومي

موقع “N12″، 27/4/2022
“المعركة بين الحروب” التي تخوضها حماس تورط إسرائيل
د. ميخائيل ميلشتاين – محاضر وباحث في معهد أبحاث الأمن القومي
  • جولة التصعيد التي تواجهها إسرائيل في الشهر الأخير كانت استثنائية، قياساً على الأزمات السابقة في الساحة الفلسطينية. فالتصعيد الحالي يحدث في مواقع كثيرة، ويتخذ صوراً وأشكالاً كثيرة أيضاً، (“إرهاب” فردي؛ توتر في المسجد الأقصى؛ “قطرات” صاروخية من غزة ولبنان؛ بالإضافة إلى اشتباكات مسلحة في الضفة الغربية). ولا يوجد “سبب” واضح له: ليلة الأحداث بصورة خاصة، كان هناك هدوء نسبي، بسبب خطوات إسرائيل المهدئة، وعلى رأسها التسهيلات المدنية في الضفة الغربية وغزة، وتحييد موضوع حي الشيخ جرّاح، وتحسين العلاقات مع دول المنطقة.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن خيطاً رفيعاً يربط بين الجبهات المتوترة الخمس- القدس، والضفة، وغزة و”عرب إسرائيل”، ولبنان – ويقود إلى “حماس”. الحديث يدور حول عدة أذرع تهدد إسرائيل، لكن مصدها كلها في “رأس” واحد ينسّق فيما بينها، ويوزع القوة ويحدد توقيت التحركات المختلفة.
  • عملياً، “حماس” تدفع قدماً بـ”المعركة بين الحروب”، والتمييز [بين الجبهات]. وهما مصطلحان صاغتهما إسرائيل، ثم أعادت الحركة استعمالهما، ويتم تطبيقهما في الصراع بين الطرفين. “حماس” تطمح إلى تحقيق هدفها الأيديولوجي، من خلال الاشتباك مع إسرائيل في الجبهات المريحة لها، من دون جرّ غزة إلى مواجهة عسكرية واسعة. وفي هذا السياق، يبدو التشديد واضحاً على الجهود المستمرة لإشعال الضفة والقدس، مع حفظ الهدوء النسبي في غزة التي يخرج منها التحريض الأكبر و”الإرهاب”. الأمر يشبه إعلان “القاعدة” أنها ستضرب فقط في مواقع محددة في الولايات المتحدة، من دون أُخرى.
  • الجهود الحالية تُشكل حلقة إضافية في جهود تطوير “المعركة بين الحروب” الخاصة بـ”حماس”، التي تتضمن أيضاً “مسيرات العودة” و”إرهاب البالونات الحارقة”، وهدفها أيضاً ابتزاز إسرائيل والحفاظ على صورة المقاتل، من دون الانجرار إلى حرب واسعة في غزة، أو تقديم تنازلات، وبصورة خاصة في قضية الجنود الأسرى والمفقودين لديها.
  • إسرائيل من جانبها، تتحضر لمواجهة معركة مثل التي خاضتها في العام الماضي، لكنها تقف أيضاً أمام نموذج تهديد جديد مركّب وغامض. حتى اللحظة، لم تندلع مواجهة في غزة، أو انتفاضة في الضفة، أو هبّة في المجتمع العربي في إسرائيل (‘إنجاز استراتيجي’، بحسب ‘حماس’، تم صوغه خلال عملية “‘حارس الأسوار’، وجرت محاولات لاستثماره والحفاظ عليه لاحقاً)، لكن هناك درجة عالية جداً من التوتر تنطوي على احتمالات الانفجار في عدة جبهات. “حماس” مسؤولة عن جزء كبير من التحريض، وتحاول نقله إلى مستوى عمليات قاتلة، من خلال استغلال “الأرض الخصبة” في وسائل التواصل الاجتماعي والمشكلات الأساسية العميقة التي يعيشها جزء كبير من جيل الشباب الفلسطيني.
  • “حماس” يمكنها إنهاء رمضان الحالي مع شعور بالإنجاز: حققت اشتباكات و”مقاومة عملية” في جبهات غير غزة، عززت صورتها كـ”حامية للقدس”، وشعرت بأنها نجحت في ردع إسرائيل عن اتخاذ خطوات ضدها وتلقت ضربات محدودة نسبياً (هناك تقديرات في غزة تشير إلى أن خروج العمال إلى إسرائيل سيتجدد خلال أيام، بسبب ما يعتقدون أنه خوف إسرائيل من التصعيد بسبب هذه الخطوة).
  • إسرائيل من جانبها، مطالَبة بإجراء مراجعة لسياساتها تجاه الجبهة الفلسطينية عموماً، وغزة بصورة خاصة، حيث لا وجود لاستراتيجيا منتظمة طويلة الأمد، على ما يبدو بسبب الواقع السياسي السيئ. وفي هذا السياق، سيكون من المهم جداً صوغ قواعد اللعبة من جديد مقابل “حماس”، التي تمتعت خلال العام الأخير بتسهيلات مدنية غير مسبوقة (وعلى رأسها السماح للعمال بالدخول إلى إسرائيل)، عبر وضع أثمان واضحة لهذه التسهيلات، أهمها وقف جهود “حماس” في إشعال الضفة الغربية، والتقدُّم في ملف جثامين الجنود والأسرى.
  • من الممكن أن تؤدي سياسة كهذه إلى توتر في قطاع غزة. وعلى الرغم من ذلك، فإن البديل هو الاستعداد للاستمرار في تلقّي الضربات على عدة جبهات وقبول شروط التمييز التي تفرضها “حماس”، واستغلالها لإدخال التحسينات على الوضع المدني بهدف تثبيت حكمها وتجهيزاتها للمعركة القادمة للاستيلاء على قيادة المنظومة الفلسطينية. ومرة أُخرى – الخيار الاستراتيجي في غزة هو بين السيئ والأسوأ، والسير في هذه الجبهة يتطلب من إسرائيل الوضوح في الرؤية، إلى جانب الصبر بمستوى لا يقل عن الصبر الموجود لدى “حماس”.

 

“هآرتس”، 28/4/2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى