معاريف”، 6/5/2022
بن كسبيت – محلل سياسي
- قد يكون الهجوم المروع الذي وقع في إلعاد هو الخط الفاصل، وربما حان الوقت لتغيير السياسات. كذلك قد يكون من المبكر استخلاص العبر، ذلك بأن برك الدم لم تجف بعد، لكن يمكن جداً أن يكون الوقت قد حان لإدخال يحيى السنوار في المعادلة الدموية، وربما أيضاً حان الوقت لجعله يدفع الثمن نقداً.
- إن اللعبة المزدوجة التي تلعبها “حماس” قديمة، ومع الأسف كل الحكومات سارت فيها. فقد كان هدفنا الاستراتيجي إبعاد جولات القتال الواحدة عن الأُخرى قدر الإمكان، وحتى الآن ليس هناك رئيس حكومة أخذ القرار بإسقاط حكم “حماس” في غزة وشن عملية “سور واقي 2” بين رفح وخان يونس. وفي وضع كهذا، كل ما تبقى هو احتواء محور الضغط الغزاوي بأقل قدر من الأضرار ولأطول وقت ممكن.
- على المقلب الآخر تقوم “حماس” بالأمر عينه طوال الوقت: تزيد قوتها داخل غزة، وتحاول رفع مستوى حياة السكان المدنيين، وتبذل جهداً لشن هجمات داخل إسرائيل وإشعال المناطق [المحتلة]. وإذا كان في الإمكان جر العرب في إسرائيل، فهذا سيكون أفضل. ولا يمكن القيام بهذا كله من دون دفع الثمن كما ذكرنا.
- حكومة بينت-لبيد لم تغير السياسة لكنها غيرت التكتيك؛ فهي من جهة تشددت في ردها على البالونات المشتعلة، لكنها من جهة أُخرى عوضت “حماس” على المستوى الاقتصادي: حقائب المال توقفت، لكن المساعدة تصل إلى القطاع بطرق أُخرى، مع احتمال فتك أقل. وخلال الأشهر العشرة الأخيرة نجحت هذه الطريقة، وكان القطاع هادئاً بصورة غير مسبوقة، وحظي سكان غلاف غزة بهدوء نسبي طويل ونادر.
- ارتاح السنوار وازداد وزنه وبدأ يلبط، وخطابه الأخير الذي دعا فيه العرب إلى حمل بندقية أو سكين أو فأس والخروج لقتل اليهود تحقق بأبشع صورة يمكن تصورها في نهاية يوم الاحتفال بقيام الدولة في إلعاد. لا يمكن ضبط النفس إزاء هذا الحادث، ويجب عدم الاكتفاء بأسر أو قتل الجناة الذين نفذوا هذا الهجوم. يجب أن يعلم السنوار أنه أدخل نفسه في قائمة المطلوبين، فقد تخطى الخطوط الحمر ولا عودة إلى الوراء.
- لا تستطيع دولة إسرائيل العودة إلى جدول أعمالها اليومي. فمع كل الاحترام لمسائل الائتلاف والمعارضة، إلاّ إن هذا الحادث يتخطى السياسة والأحزاب. لقد تحولت اللعبة المزدوجة إلى لعبة دموية، وعلى أحد ما أن يضع حداً لكل هذا الجموح. وإذا كان معنى هذا ذهاب إسرائيل إلى انتخابات، فلنذهب إلى انتخابات، وإذا كان معنى هذا مغادرة القائمة العربية الموحدة راعام الائتلاف، فبكل أسف يمكن أن تتدبر الدولة أمرها من دونها. الآن يجب أن يفهم يحيى السنوار أن دماء المواطنين الإسرائيليين ليست مباحة، وهذه المرة لن يجد السنوار أحداً ليطلق سراحه في صفقة أسرى.