روسيا تكيف استراتيجيتها مع تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا
باريس – تحاول روسيا تكييف استراتيجيتها في أوكرانيا في ظل تدفق الأسلحة الغربية بشكل أكبر إلى كييف، حيث أضحت مواقع أساسية من مخازن أسلحة وجسور وسكك حديد هدفا للقوات الروسية.
وبعد أكثر من شهرين من انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير، تسعى روسيا في الوقت ذاته إلى مواصلة هدفها المتمثل بالسيطرة على جزء من أراضي هذا البلد.
وبعد اجتماع الثلاثاء في ألمانيا بين حوالي أربعين دولة، كرس لتعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا، أكد الجيش الروسي الأربعاء أنه دمر خلال ضربة “كمية كبيرة” من الأسلحة التي سلمتها الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى كييف.
وعشية ذلك، ألحق صاروخ أطلقته القوات الروسية أضرارا بجسر وخط للسكك الحديدية على محور طرقات استراتيجي يربط منطقة أوديسا في أوكرانيا برومانيا على ما قال ألسكنجر كاميشين مدير السكك الحديدية الأوكرانية.
بنجامين ينسن: هامش المناورة للروس للتأثير على نقل العتاد لأوكرانيا محدود
والاثنين استهدفت منشآت السكك الحديدية في منطقة فينيتسيا في وسط البلاد الغربي، وهي مركز ربط رئيسي للخطوط الداخلية في أوكرانيا فضلا عن الخارج.
ويرى جان-بيار مولني المدير المساعد لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية “ندخل مرحلة جديدة. فقد أعلنت الدول الغربية تكثيف مساعداتها العسكرية لذا سيسعى الجانب الروسي إلى ضرب هذه القدرات وقدرة الأوكرانيين على التزود بالأسلحة”.
وأكد باسكال أوسور المدير العام لمعهد المتوسط للدراسات الاستراتيجية “تهدف المساعدة الغربية إلى السماح للقوات الأوكرانية بالصمود أمام عمليات القصف الروسية ما يشكل نبأ غير سار بالنسبة إلى الروس. وهم يحاولون تحجيم هذه القدرة”.
وفي هذه الأجواء، لم يكن تدمير شريان حيوي يربط رومانيا بأوكرانيا وليد الصدفة.
ويقول جورج سكوتارو المدير العام لمجموعة الأبحاث الرومانية “نيو ستراتيجي سنتر” إن الروس “يريدون قطع تدفق المساعدات خصوصا المحروقات التي ترسلها الدول الغربية إلى أوكرانيا وكانت تمر عبر رومانيا”.
وكان ريتشارد د. هوكر من مركز الدراسات الأميركي “أتلانتيك كاونسل” تحدث عن هذا الاحتمال في الحادي والعشرين من أبريل متوقعا قطع سبل التواصل قريبا ولاسيما تلك المستخدمة لتزويد القوات الأوكرانية.
ويبقى الآن معرفة إلى أي حد سيمضي الروس. وقال مصدر عسكري فرنسي “يستهدفون منشآت للسكك الحديدية ولا يستهدفون قوافل”.
ويرى بنجامن ينسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن هامش المناورة المتاح للروس للتأثير على نقل العتاد إلى أوكرانيا قد يكون محدودا لأسباب جغرافية.
ويرى المحلل “في أسوأ الأحوال” سيتكيف الغربيون باعتمادهم على “شحنات أصغر يصعب رصدها (..) حتى لو تطلب ذلك وقتا أطول، على أن تجمع بعد ذلك في مكان واحد في حال شن عملية واسعة النطاق”.
ويعزز ذلك هدف الروس الرئيسي المتمثل بتحقيق مكاسب على الأرض في شرق أوكرانيا، في قلب النزاع.
إرسال الأسلحة إلى كييف
ويؤكد مولني “يواصلون الجهود على الجبهتين من خلال استهداف الشرايين الاستراتيجية والسيطرة على أجزاء من البلاد”.
ويرى أوسور أن قصف الشرايين الاستراتيجية من طرقات والسكك الحديدية يكسب موسكو وقتا ثمينا.
ويضيف “لا يتطلب ذلك استخدام الكثير من القنابل وهذا أسرع على سبيل المثال من تدمير خاركيف بالكامل وأكثر فاعلية. فيتم عزل مسرح العمليات وإحباط معنويات القوات المعزولة والمحاصرة ومنع حصولها على وسائل المقاومة لأطول فترة ممكنة”.
وكشف المصدر العسكري الفرنسي “الوحدات الأوكرانية المنتشرة في دونباس تعاني من طول خطوطها اللوجيستية وهذه الخطوط مكشوفة أيضا”.
☚ ليز تراس تدعو إلى مضاعفة الدعم المقدم لأوكرانيا على صعيد الأسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات
وبعد 64 يوما على بدء الغزو الروسي، لا تزال مسألة توفير مساعدة كبيرة في مجال الدفاعات الجوية التي تطالب بها كييف بشكل شبه يومي، معلقة. لكن إلى متى؟
ويسأل أوسور “في حال سقطت خاركيف في الصيف وحصل تقدم سريع كيف نضمن إقامة جبهة جديدة قابلة للصمود. كل ذلك رهن بتحصين الضفة الغربية لدنيبر ولا يمكن أن يحصل ذلك من دون تعزيز قدرات الدفاع الجوية الأوكرانية”.
في لندن دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إلى “مضاعفة الدعم المقدم لأوكرانيا” على صعيد “الأسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات” من دون أن تعطي تفاصيل حتى الآن.
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء أمام البرلمان الروسي من أي تدخل خارجي متوعدا برد “سريع ومدمر” من جانب موسكو من دون الخوض بالتفاصيل.
وقال بوتين في كلمة مصورة نشرتها وسائل إعلام روسية إن الغرب يريد تقسيم روسيا إلى أجزاء واتهمه بدفع أوكرانيا للدخول في صراع مع موسكو.
وذكر “إذا كان هناك من يعتزم التدخل في الأحداث الجارية من الخارج وخلق تهديدات استراتيجية لروسيا فهذا غير مقبول بالنسبة إلينا. عليهم أن يعلموا أن ردنا سيكون صاعقا”.
وأضاف “نملك كافة الأدوات لذلك، أشياء لا يمكن لغيرنا التفاخر بامتلاكها الآن، ونحن لن نتفاخر لكننا سنستخدمها إذا تطلب الأمر”.
العرب