الحدثٍَالرئيسية

معركة “القوّات” في بعلبك: “شيعة شيعة”!

ملاك عقيل

معركة “القوّات” في بعلبك: “شيعة شيعة”!

يُعتبر المقعد الماروني في بعلبك واجهة إحدى أهمّ المعارك الانتخابية على امتداد دوائر لبنان. يسعى حِلف حزب الله –جبران باسيل إلى استرجاع المقعد الذي استعادته القوات النيابية في انتخابات 2018 حين أخرجت إميل رحمة وحلّ محله أنطوان حبشي. وكلّ الضغوطات “شغّالة” لكسر سمير جعجع في دير الأحمر، في امتداد لمعركة “محاصرة” الحكيم في جزر مارونية رمزية، أبرزها محاولة “تشليح” الحكيم مقعد بشرّي، من خلال المرشّح وليم طوق.

انسحاب 6 مرشّحين؟

خلال هذا الأسبوع انضمّ المرشّح رفعت نايف المصري على لائحة “بناء الدولة”، التي يرأسها الشيخ عباس الجوهري، المدعومة من القوات اللبنانية، إلى المرشّحَيْن الشيعيَّيْن المنسحبَيْن من اللائحة، رامز ناصر قهمزوهيمن مشيك. والثلاثة أعلنوا انسحابهم لصالح لائحة “الثنائي الشيعي” و”المقاومة”.

يحدث ذلك في ظلّ توقّع انسحابات إضافية و”معاناة” القوات لأنّها خسرت دعم تيار المستقبل وفقدت الحليف القوي البديل وتشتّت الصوت السنّيّ وعجز الرئيس فؤاد السنيورة عن تأمين الدعم اللازم لـ”الحكيم”.

مبرّر انسحاب المصري هو “تلبية رغبة العائلة وقناعاتي بالخروج من التنافس الانتخابي الذي لن يؤدّي إلى الغرض الإصلاحي في بلد تتحكّم فيه المحاصصات الطائفية والمذهبية”، مع تأكيده “الالتحام مع المقاومة”.

بالنسبة إلى القوات هي “حجّة إضافية للانسحاب لا أحد يقبضها جدّ”. وتؤكّد أوساط معراب لـ”أساس”: “خلال تشكيل اللائحة كانت القوات تتحسّب لاحتمال حصول انسحابات تحت الضغط والترهيب والتهديد. نحن ندرك خوضنا معركة بلائحة نتوقّع من خصمها أيّ شيء، وكنّا نتحسّب لانسحاب بين 4 و6 أشخاص أساسيين ضمن اللائحة”.

تضيف الأوساط: “هذه الضغوط ستؤدّي إلى مفاعيل عكسية. لا نتكلّم هنا عن تأثيرها في شدّ العصب داخل البيئة المسيحية، فالممارسات الكارثية والمفضوحة لحزب الله وتصرّفه على أساس أنّ هناك مشروعاً لإسقاط النائب أنطوان حبشي بالقوّة ستشدّ العصب أيضاً داخل البيئتين السنّيّة والشيعية، ولذلك نتوقّع تضامناً ودعماً من هاتين البيئتين”.

تقرأ القوات إيجابية وحيدة في هذا المشهد “وهي أنّ حزب الله لو لم يلمس خطورة حقيقية لاحتمال حصول خرق يطول أحد المقاعد الشيعية لم يكن ليمارس هذا الضغط، خصوصاً أنّ خطاب حزب القوات ورئيسه يفعل فعله في البيئتين السنّيّة والشيعية”.

ماذا تقول الأرقام؟

لكنّ الأرقام في المقابل لا تعكس التفاؤل المُسيطر على معراب. فالحجم الانتخابي أصلاً للمرشّحين الشيعة الثلاثة المُنسحبين قد لا يتجاوز 700 صوت. يصبح للأمر أهمية مضاعفة في وقت يحتاج نائب القوات الماروني أنطوان حبشي إلى “صوت من غيمة”، فيما ينحصر رهانه حالياً على استقطاب الصوت السنّيّ – الذي لن يكون مؤثّراً – من خلال تحالفه مع كلّ من صالح الشل وزيدان الحجيري، المدعوم من السنيورة خاصة بعد عزوف سميح عز الدين رجل الدين والأستاذ الجامعي “العرسالي” عن الترشيح بعد تخلي “جبهة السنيورة” عنه باعتباره الأكثر قدرة على تحقيق أصوات تفضيلية لصالحه، خوفاً من حجبه عدد كبير من الأصوات عن مرشح القوات.

تبرز صعوبة معركة حبشي للاحتفاظ بمقعده أكثر من خلال المقارنة مع أرقام انتخابات 2018 تحت مظلّة التحالف سنتذاك بين القوات و”تيار المستقبل” ويحيى شمص. ففي مقابل تحالف حزب الله – أمل الذي نالت لائحته 140,747 صوتاً، نالت لائحة القوات – المستقبل  35,607 أصوات، حاصدة مقعدين من أصل عشرة، سنّي هو بكر الحجيري، وماروني هو حبشي.

المعركة الأساسية التي يخوضها الحزب والحركة اليوم هي رفع نسب التصويت لدى الشيعة والسُنّة والمسيحيين، مع العلم أنّه في الانتخابات الماضية اقترع 190,268 ناخباً بنسبة 63 في المئة لدى الشيعة، و41 في المئة لدى السُنّة، و61 في المئة لدى الموارنة، و48 في المئة لدى الكاثوليك.

نال حبشي 14,858 صوتاً. وفي حال ارتفاع الحاصل (بلغ الحاصل الأوّل عام 2018 نحو 18 ألفاً) ستكون القوات في أزمة كبيرة في ظلّ الحصار الشيعي، ما لم تستقطب أصواتاً إضافية، وما لم “تشتّي” دولارات، تحديداً في البقعة السنّيّة.

ومن أصل الـ14,858 صوتاً، نال الحبشي 735 صوتاً شيعياً، و754 صوتاً سنّيّاً. ولدى المسيحيين نال 9,696 (موارنة)، و2,632 (كاثوليك) و327 (أرثوذكس).

في المقابل نال مرشّح تيار المستقبل على اللائحة النائب بكر الحجيري 5,994 صوتاً، والمرشح السنّيّ الثاني حسين صلح 4,974، والمرشح الشيعي على اللائحة يحيى شمص 6,658 (نحو 4,228 صوتاً شيعياً و2,120 من السُنّة).

اليوم “ما تبقّى” من مرشّحين سُنّة وشيعة على لائحة القوات في دائرة البقاع الشمالي لا يستطيعون بالتأكيد نيل نسبة مؤثّرة من مجموع هذه الأصوات التي حصل عليها سابقاً بكر الحجيري ويحيى شمص.

يُذكَر أنّ المرشّحين الشيعة المستمرّين بترشيحهم على لائحة القوات هم: عباس الجوهري، حليف معراب الأساسي، رشيد عيسى، وحسين رعد.

إلى ذلك، لا مفاعيل لانسحاب المرشّحين الثلاثة بشكل عملي. لأنّ سحب ترشيحهم حصل بعد انتهاء مهلة تسجيل اللوائح، وبالتالي فإنّ أيّ صوت تفضيلي قد يناله هؤلاء “بالغلط” بالتأكيد يُحتسب. لذلك فإنّ نتائج سحب الترشيح تقتصر على الجانب السياسي والإعلامي.

رفع نسب الاقتراع

أمّا على المقلب السنّيّ، ومع اعتكاف تيار المستقبل عن خوض الانتخابات، يبدو السنيورة عاجزاً عن تأمين الدعم السياسي والانتخابي المطلوب لجعجع، فيما لا يزال التدخّل السعودي في هذه البقعة الانتخابية مُبهَماً.

يجدر القول إنّ المرشّحين المشتّتين على باقي اللوائح، خصوصاً المعارِضة، سيأخذون نصيبهم من الأصوات السنّيّة والشيعية، لكن من دون أن تتمكّن أيّة لائحة من تأمين الحاصل.

مع ذلك، تشير مصادر متابعة إلى أنّ ماكينة حزب الله وحركة أمل فشلت حتّى الآن، بمعزل عن الأصوات المحسومة في قواعدها الحزبية الملتزمة، في تأمين تأكيدات حول رفع نسبة الاقتراع والتحفيز على الانتخاب، وذلك لأسباب عدّة، منها تأثيرات الأزمة المالية وغياب الخدمات والنقمة على الترشيحات “موديل الـ90″، عبر الإصرار على ترشيح الوجوه نفسها. حتّى أنّ مشروع الحزب لتوزيع المازوت الإيراني لم يسدّ الحاجات الفعليّة لأهالي المنطقة.

“فائض” جميل السيّد!

فيما يَسعى حزب الله إلى فوزٍ نظيف، أي عشرة من عشرة، والقوات غير معنيّة إلّا بفوز أنطوان الحبشي على لائحتها، يتساءل مراقبون: هل يمكن أن يلجأ حزب الله، ومن ضمن سياق تكتيكه الانتخابي لسحب المقعد الماروني من القوات، إلى الاستفادة من فائض أصوات محتمل للنائب جميل السيد الذي نال في الانتخابات الماضية 33,223 صوتاً، ومَنحِه للمرشّح الماروني على لائحته عقيد حدشيتي، وذلك بموازاة “معركته” لإنجاح مرشّح باسيل على اللائحة عن المقعد الكاثوليكي سامر التوم.

هذا وسيكون فوز المرشّحين حدشيتي والتوم على لائحة حزب الله – أمل، إذا حصل، بالصوت الشيعي، لأنّ البلوك المسيحي قوّاتي.

 
يشير معنيّون بالمعركة إلى أنّ معركة حزب الله الكبرى هي مقعد تيار المستقبل، من أجل رفع حصّته من النواب السُنّة، ولذلك سيكون أمام مفاضلة بين الماروني والسنّي، بشكل أساسي. إلا إذا اعتبر بعلبك – الهرمل معركة مصير توجب إصدار تكليف شرعي لقشّ المقاعد العشرة. ويخوض حزب الله معركة المقعدين السنّيّين من خلال مرشّحَيْه ينال صلح (بعلبك) وملحم الحجيري (عرسال).

على خطٍ آخر، يَرصد مراقبون صعوبة تحرّك المولجين بالقيام باستطلاعات الرأي في مناطق نفوذ حزب الله، كبعلبك – الهرمل مثلاً، حيث يتمّ التضييق عليهم والتحقيق معهم ومرافقتهم “أمنيّاً” أثناء عملهم، حتّى بوجود أذونات بالعمل على الأرض، من قبل مرجعيات الحزب المعنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى